انصافاً للدفاع المدني. بقلم منذر الحوارات

317

المرفأ.انصافاً للدفاع المدني
كطبيب طوارئ ابتداءً وكمدير للطوارئ تعاملت على مدى ٢٠ عاماً مع هذا الجهاز وأبسط ما يقال عنهم انهم نموذج يفتخر به كل أردني يحب أن يرى مؤسسة ناجحة تعمل بتفاني بعيداً عن الصخب والضجيج فيها رجال أشداء وبنات هن اخوات رجال، كنت اشاهدهم يومياً من ١٠ إلى ١٥ مرة ينقلون المرضى بتفاني قل نظيره و في داخلي تغمرني السعادة ان في بلدي مثل هؤلاء الابطال،
كلامي هذا لا يعني اني انزههم عن الخطاء فهو وارد في كل مهنة وقد يكون بشرياً او غير ذلك فكم من مرة لاحظنا تزاحم السيارات امام مركبة الإسعاف للتخلص من الأزمة وذلك كان يعيقها ويمنعها من الوصول في وقتها المحدد، وأحياناً طبيعة إعطاء صيغة الطلب لهم لا تعطي المعلومة بشكل دقيق مما يؤدي إلى الخطاء في تقسيم الأولويات، يضاف إلى ذلك سوء تقدير أحياناً عن طبيعة الحالة التي يجب أن يُطلبوا عليها فكثير من الحالات لا تستدعي ذلك ومع ذلك يحضروا وهذا يربك ويزيد الضغط مما يقلل التركيز وأيضاً قد يقلل من السرعة في تلبية استدعاءات أخرى، ولا اخفيكم سراً ومن خلال طبيعة عملي فإن بعض الناس يقوموا بطلب الدفاع المدني ليس لأن الحالة طارئة بل لأن بعضهم يسكن طوابق عليا وبدون مصاعد فلا يجد هؤلاء سوى الدفاع المدني للتخلص من مأزق الادراج.
وأما تجربتي الشخصية فكانت قبل عدة سنوات حيث كان يتحتم علي الوصول إلى عملي وكان الثلج يغطي مدينة عمان ويغلق جميع الشوارع فلم أجد أمامي سوى مركز للدفاع المدني إستأذنتهم ان يساعدوني في الوصول إلى عملي، اول كلمة سمعتها ابشر دكتور بس بدك تتحملنا نجيب عدد من مرضى غسيل الكلى وفي طريقنا نوصلك، طبعاً انا رحبت وعرضت المساهمة أيضاً.
وفي هذه الرحلة التي استمرت ساعة تقريباً أدركت كم من الجهد والمشقة يتحملها هؤلاء الرجال بالله العظيم كانوا يحملوا الناس وهم يبتسمون بل ويحاولوا شدّ ازر المريض.
بعد إتمام الرحلة وصلت إلى عملي ولكن بقناعة جديدة ان ما كنت امارسه من جهد لا يرقى إلا إلى بعض قليل مما يقوم هؤلاء الرجال فتكرس في نفسي الاعتزاز بهم والتقدير لما يقومون به.
طبعاً انا هنا ابداً لا اقلل من فاجعة وفاة طفلة ولا من قهر والديها وألمهما، والذين أسأل الله أن يلهمهم الصبر والسلوان، لكني اريد ان اقول انه حتى لو كان ثمة خطاء أرتكب يجب أن لا ينسينا ذلك عظمة هؤلاء الرجال وتفانيهم في عملهم، اما بالنسبة للحواجز ورغم انني ضد ذلك ولكن صدقاً خلال الحجر لم انقطع عن الذهاب إلى عملي لم أجد منهم إلا كل الأخلاق الحميدة والابتسامة واللطف رغم وقوفهم طوال النهار لا يظهر عليهم اي تذمر او خشونة، لذلك أنا انزههم عن رفض تقديم المساعدة لأي أحد فما بالك عن طفلة مريضة.
حاولت أن أقول رأي مواطن لا يريد من احد شيء ولا يسعى إلى شئ إنما فقط انصافاً للحقيقة كما اعتقدها فالمثل يقول عادي عدوك وإتقي الله فما بالك بأناس كرسوا حياتهم لخدمتنا فمن العدل ان ننصفهم طبعاً نحاسب اي مخطئ ولا نسقط خطأه على الجميع.
منذر الحوارات ليس المحلل السياسي بل المواطن العادي

قد يعجبك ايضا