مرحلة مقبلة: قانون انتخاب وتعديل دستوري … جهاد المنسي
الحكومة تؤكد أنه لا يوجد حتى اليوم في أدراجها مشروع قانون جاهز جديد للانتخاب، ولكنها تبقي الباب مفتوحا عندما تستدرك بالقول إن أي مشروع للانتخاب لن يقدم في الدورة الحالية للنواب، وإن كان هناك مشروع جديد فإنه سيطرح في الدورة المقبلة أو الأخيرة من عمر مجلس النواب الحالي.
الواضح، ومن التسريبات أيضا، أن المجلس المقبل لن تجري انتخاباته وفق القانون الحالي، الذي جرت بموجبه انتخابات المجلس الثامن عشر، والتجربة تخبرنا أن كل برلمان تجري انتخاباته وفق قانون انتخاب جديد، وهذا يجعلنا أكثر تأكيدا بأن البرلمان المقبل سيكون وفق قانون انتخاب جديد.
صحيح أن الحكومة ليس لديها قانون جاهز، بيد أن ذاك لا يعني بالمطلق أنه لا يوجد لديها تصورات وأفكار يجري تداولها، ومن أبرز تلك الأفكار تقليص عدد أعضاء المجلس المقبل من 130 الى 80 نائبا أو 100 على أكثر تقدير، ما يعني أن يكون عدد الأعيان إما 40 أو 50 عينا، وهذا يعني تقليص النفقات بشكل كبير. كما أن من التصورات المدرجة الإبقاء على القائمة النسبية مع وضع عتبة للفوز، وتوسيع الدوائر الانتخابية بشكل أكبر وفتح دوائر البدو الثلاث بحيث لا تكون مناطق مغلقة وإنما دوائر انتخابية قائمة بذاتها.
بطبيعة الحال؛ كل التصورات المتعلقة بأي قانون مقترح للانتخاب تبقى توقعات يمكن أن تستمر ويمكن أن تتغير وفق المعطيات السياسية، بيد أن الأمر الأساسي الذي يتوجب عدم التفريط به ودعمه هو أن يؤسس القانون المقبل لمرحلة أحزاب حقيقية وفاعلة، وإدراج تعديل يسمح للأحزاب بالوصول للبرلمان ومساعدتها على تحقيق ذلك، والذهاب لتأطير الدولة المدنية بشكل أكبر وتفعيل الحكومات البرلمانية، بحيث يشكل زعيم الحزب الأكبر الحكومة.
كلمات رئيس مجلس النواب، عاطف الطراونة، التي خاطب فيها النواب بالقول “أنتم ذبحتم المجلس من الوريد للوريد”، في إشارة عتب منه على طريقة تعاطي النواب مع التشريع والرقابة، وتشويه صورة المجلس الخارجية؛ تحضر في البال عند الكلام عن انتخابات جديدة ومجلس جديد؛ إذ إن بقاء الأمور كما هي اليوم سيخرج لنا النواب ذاتهم أو غيرهم بالطريقة نفسها، بمعنى أننا سنبقى ندور في إطار النائب الخدمي، الذي يبحث عن فتح شارع وتعبيد ممر، والتدخل لنقل هذا أو ترفيع ذاك، ولن نصل لمرحلة أن يكون لدينا نواب يبحثون عن النمو بمفهومه الأكبر، وعن جلب استثمارات، والتشغيل ومحاربة البطالة وفتح مصانع واستصلاح أراض زراعية، وهذا لا يمكن أن يتم الا عبر انتخابات مختلفة، وطريقة جديدة في تشكيل الحكومات، تمنح النواب حق تشكيل الحكومة من الأغلبية النيابية.
وفي الإطار عينه، فإن المرحلة المقبلة يتوجب الاستفادة منها في الذهاب باتجاهين غير منفصلين؛ الأول إجراء تعديلات دستورية محدودة وضرورية، كإعادة النظر في النص الدستوري المتعلق بطريقة طرح الثقة بالحكومة؛ إذ إن بقاء النص كما هو اليوم، أي بتوقيع 10 نواب على مذكرة لطرح الثقة بالحكومة، بحاجة لتعديل، والنص على ألا يقل عدد الموقعين على مذكرة حجب الثقة عن الحكومة ما يساوي ربع عدد أعضاء المجلس؛ إذ لا يعقل أن يجمع 10 نواب غاضبين من هذا الوزير أو ذاك عريضة طرح ثقة ويتقدموا بها ويصبح لزاما على المجلس التصويت على طرح الثقة، والنتيجة فوز الحكومة بثقة جديدة وزيادة تشويه صورة المجلس الخارجية، والمؤشرات تشير الى أن هذا التعديل، وتعديلين آخرين ربما، جاهزة وسيتم التقدم بها لاحقا.
أما الأمر الآخر الذي يعد ملحا، فهو تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب بحيث يتوافق مع الدستور، وخاصة فيما يتعلق بمدة رئيس المجلس ورفع مدة المكتب الدائم كله من عام لعامين ومدة اللجان الدائمة أيضا من عام لعامين، وهو تعديل بات ضروريا للاستقرار التشريعي والنيابي بشكل عام، ومنح فرصة لترتيب أوضاع المجلس الداخلية.