كشف قضايا الفساد في الأردن .. هل هو صراع داخل أجنحة الدولة؟

441

وكالة المرفأ : طرح سلوك الحكومة الأردنية الأخير فيما يتعلق بـ”محاربة الفساد” عدة تساؤلات حول غرض تحركها، حيث قامت هيئة النزاهة ومكافحة الفساد في الأردن بعد تشكيل حكومة رئيس الوزراء عمر الرزاز، بإحالة عدد من قضايا الفساد للقضاء، وتم فتح قضية تصنيع السجائر دون دفع الضريبة، التي كان المشتبه الرئيسي فيها عوني مطيع قد غادر الأردن.

وطالت هذه الإحالات عددا من مسؤولي بعض الشركات المساهمة العامة وبعض موظفي الدولة، وبحسب الهئية، تم أيضا التحقيق مع عدد من النواب بخصوص قضية الدخان.

وترافق مع كشف قضايا الفساد هذه ظهور صور وفيديوهات اعتبرها البعض فاضحة لبعض المسؤولين، آخرها فيديو ظهر فيه وزير الخارجية السابق ناصر جودة في حفلة كانت بها المغنية اللبنانية مايا دياب، ليطرح التساؤل عن الذي يقف وراء كشف هذه القضايا والهدف من إخراجها للعلن.

ويقول الخبير الاستراتيجي حسن البراري: “لا اعتقد أن هناك مؤامرة في الموضوع، ولا يوجد ما يمكن تسميته دولة عميقة تفكر بإخراج ملف للتغطية على ملفات أخرى، والاعتقاد بوجودها هو تفكير سطحي”.

وتابع البراري : “أعتقد أيضا أن الأردن يعيش في عصر فيه نوع من الانفتاح، إضافة إلى أن الناس أصبح عندها القدرة على الوصول للمعلومة”.

وأضاف: “وأما بخصوص نشر أمور خاصة عن بعض المسؤولين الحاليين او السابقين، مثل فيديو الحفلة الذي ظهر مؤخرا هو أمر شخصي، ولا يجب أن يكون قضية رأي عام، وهنا برأيي يوجد مشكلة، وهي أن السوشيال ميديا أصبحت تقتحم حياة الناس الخاصة”.

من جهته قال الكاتب والصحفي أحمد حسن الزعبي: “بداية المسؤول عن خروج هذه الفيديوهات هو من كان بمكان تصويرها بمعنى التسريب تم من الداخل، وبالمجمل أعتقد أن هناك تيارا أو جماعة وقوى تروج لأمور كهذه، في وقت له علاقة بكشف قضايا فساد”.

وتابع الزعبي : “بالطبع المسألة أكبر من قضية فساد واحدة، وأنا أعتقد أن هذه المرحلة فيها نوع من حرق أسماء وشخصيات استمرت في موقعها طويلا، سواء كانوا مراكز قوى أو ذوي نفوذ سياسي واقتصادي، ولا يوجد أحد برأيي بمنأى عن ظهور فيديو أو تسريب له أو تورطه بقضايا فساد”.


صراع أجنحة

يحدث أحيانا في بعض الدول صراع سياسي واقتصادي داخل أجنحتها، فهل يمكن اعتبار كشف بعض قضايا الفساد في الأردن هو نتاج صراع أجنحة في داخله؟

ويعلق رئيس مجلس إدارة بورصة عمان جواد العناني على هذا الكلام بالقول: “لا أستطيع القول بأن قضية الدخان أو غيرها من قضايا الفساد المكتشفة حديثا، تدخل ضمن صراع بين أجنحة الدولة، لأنه ليس عندي معلومات، والتقارير التي تقول عن ذلك إن وجدت، فأين هي؟ وبرأيي هي عبارة عن آراء واجتهادات، وأنا لا أبني موقفي عليها، وإنما على معلومات موثقة”.

وتابع : “يجب الكشف عن الفساد حيثما كان وكيفما كان، وإذا قلنا إن الكشف عن قضية فساد هو تغطية على أخرى نرفض ذلك، لأن محاربة الفساد يجب ألا تميز بين قضية وأخرى”.

وأوضح أن “قضية الدخان التي ظهرت مؤخرا هي مطروحة منذ فترة، حيث طرحت في وقت حكومة الملقي كما صرح هو بذلك، وطرحت أيضا قبل أن يعلن عنها النائبان حازم المجالي ومصلح الطراونة، وقد يكون هناك احتجاجات من قبل شركات الدخان العالمية التي قد يكون سوقها تضرر”.

“لكن المؤلم عند الناس بشكل اساسي الذي أثار اهتمام الشعب بشكل كبير وأثار استياءهم، أولا يبدو أن لها سنوات طويلة، وثانيا أنها ضيعت على الحكومة أموالا كثيرة،في الوقت نفسه الذي كان يدور فيه الحديث حول الضرائب وزيادتها والنقاش حولها، وأعتقد أن هذه القضية كان فيها نقاط كثيرة مثيرة للناس وللجدل”.

ويشير حسن البراري إلى “أن الحديث عن صراع داخل أجنحة الدولة هو تقولات، وأنا شخصيا لا يوجد عندي إثبات على صحة هذه الأحاديث”.

وأضاف مستدركا بالقول: “لكن يجب أن نعرف أنه قد يكون هناك فترة يكون فيها صراع قوي، وقد تنال بعض الشخصيات من خصومها بمراكز قوى أخرى، سواء من خلال تسريبات، وهذا الأمر ليس موجود فقط بالأردن بل بأمريكا أيضا، ودائما بالدول المتقدمة حين يكون صراع سياسي أو على المكاسب، يمكن أن تجد جهة تستغل حالة الإعلام الموجودة وتسرب بعض الأمور”.

وأكد أن القول بأن هناك عقلا بالدولة، بمعنى مركز يفكر كيف يدير الأزمة الداخلية من خلال التسريبات، لا يمكن أن يصمد أمام الواقع، لكن مشكلتنا أن الدولة لا تسيطر على خيوط اللعبة السياسية، ويجب أن تكون أقوى حتى تستطيع محاربة الفساد”.

ووافق الكاتب أحمد حسن الزعبي البراري والعناني برأيهما، بأنه دون وجود دلائل لا يمكن القول إن هناك صراع أجنحة داخل الدولة.

وأكمل مستدركا بالقول: “ظهور وثائق تدين بعض الوزراء مثلا بقضية المعلولية، يجعل صراع الأجنحة أمرا واردا، ولو نظرنا نظرة عليا على الموضوع، لوجدنا أن هناك مرحلة لحرق الاسماء التي بقيت طويلا بمراكز نفوذها وقواها، منهم نواب ومنهم أسماء كبيرة بالسياسة، والهدف ألا يكونوا موجودين بالمرحلة القادمة”.


نجاح الرزاز

وأجمع المحللان الزعبي والعناني على أنه من المبكر الحديث عن نجاح رئيس الوزراء عمر الزراز في محاربة الفساد من عدمه؛ لأنه برأيهما ما زال في بداية الطريق، إلا أن البراري خالفهما واعتبر أن الرزاز لم ينجح في محاربة الفساد ولا يسير بالاتجاه الصحيح.

وأتم البراري: “رئيس الوزراء يتحدث عن الفساد لكنه لا يحاربه، وهو لا يستطيع حتى لو كانت عنده النية لذلك، فهو لا يمتلك الولاية العامة ولا يوجد عنده تصور للأمور ولا يمتلك الأدوات، وأغلب تحركاته هي حركات شعبوية كالتصوير مع هذا المواطن أو ذاك”.

وختم حديثه بالقول: “واضح تماما بأن الفاسدون بالأردن ليست شخصيات ضعيفة بل قوية، وهي تستعد لأي طارئ متنفذة، وهناك علاقة عضوية بينها وبين النافذين بالدولة، بالتالي هناك شراكة نوعا ما، ولا أعتقد أن عمر الرزاز يمكنه محاربة الفساد بالمقولات اللفظية، فقط بل بامتلاكه الأدوات”.

قد يعجبك ايضا