كمين قانون الضريبة الجديد… هل تنجو حكومة الرزاز منه؟

470

وكالة المرفأ – يسأل الرجل الثاني في الحكومة الأردنية الدكتور رجائي المعشر عن جدوى فتح «منصة إلكترونية» للحوار الوطني مع الخبراء والفعاليات حول قانون الضريبة الجديد «البديل» عن التشريع الذي أسقط أصلاً حكومة الرئيس الدكتور هاني الملقي وتسبب بولادة حكومة الدكتور عمر الرزاز.

معادلات «ضريبية»

الاستفسار هنا يظهر حسن نوايا الحكومة وسعيها لأقصر الطرق نحو الالتزام بما قررته سابقاً بعنوان» إقامة حوار وطني» تحديداً حول قانون الضريبة الجديد فيما البرلمان يترقب وينتظر وسط شارع مستفز أصلاً وسقفه في المطالب والنقد يرتفع بحدة غير مسبوقة وقد «لا يتسامح» مع أية أفكار حول «ضريبة جديدة» ومن أي نوع. في المقابل لامبرر اصلا لحوار او قانون جديد بدون رفع الضريبة على اساس ان ذلك متطلب دولي مالي لا علاقة له بالمشاعر التي تخاطبها حكومة الرزاز.
أي المعادلات هي الأدق في مسألة الضريبة؟ هذا السؤال المركزي الذي يتجول حتى اللحظة في الأفق بعدما شارك الجميع في حفلة «تسييس» قانون الضريبة. وفي كل حال لا تبدو الخيارات متعددة ومفتوحة عند الحكومة التي اقامت نحو 11 جلسة نقاشية حتى الان بعناوين عامة وعريضة ودون التوثق من أن الآلية المقترحة «منتجة» فعلاً أو تنطوي على حوار حقيقي حول أهم التشريعات التي تمس المواطن الأردني الآن.
عند التدقيق يقر وزير الاتصال والإعلام الأسبق الدكتور محمد مومني وامام «القدس العربي» خلال حوار تقييمي شامل لمرحلة اسقاط قانون الضريبة بان تلك الآليات التقليدية في محاورة قوى الشارع لم تعد صالحة بعد التحديات التي فرضها إيقاع الإعلام البديل والجديد والجماهيري. المومني يواصل الاقرار بان الشارع اليوم يريد «قرارات».
الملاحظة المهنية نفسها النابعة من الميدان تقدم بها للحكومة وبعمق خبيراً في التفاصيل من وزن نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق وهو يؤشر إلى حساسية الوضع في القطاع التجاري والاجتماعي مقترحاً علناً ومرات عدة تفعيل «حوار حقيقي» بآلية أوضح حيث تعمق في تفاصيل بنود قانون جديد للضريبة و»مسودة» تقدمها الحكومة للأطراف المعنية بالسياق الاقتصادي. ووجهة نظر الحاج توفيق كما سمعتها «القدس العربي» مباشرة مرات عدة أيضاً تلمح لعبثية الحوار عبر تدوين ملاحظات هنا وهناك في لقاءات مع مسؤولي القطاعات والحكومة مقترحاً أن الحوار الحقيقي يبدأ من وضع بنود مسودة تقدم للحوار الوطني مع الفعاليات لقانون ضريبة جديد يراعي مصالح الجميع.
لكن الحوار الحقيقي يتأثر فيما يبدو بانحيازات واتجاهات وعلاقات بعض الوزراء المعنيبن في الوقت الذي تظهر فيه بعض ملامح الحيرة الحكومية بعنوان صيغة قانون الضريبة الجديد التي يمكن ان يبتلعها الشارع خصوصاً بعد «المفارقة السياسية» العملاقة التي نتجت في وجدان الرأي العام عن فتح ملف فساد التبغ على مصراعيه والذي تمأسس عند الشارع على شكل مفارقة تظهر بأن حرص الحكومات على زيادة الاسعار والضرائب لا يقابله حرص مماثل على المال العام حيث تمكن تاجر واحد غير شرعي هو عوني مطيع وحسب الحيثيات المعلنة من تهرب ضريبي بقيمة 177 مليون دينار على الاقل.
منطقي هنا أن يفترض قادة العمل المدني وجود نسخ أخرى لم تكتشف بعد من رجل التبغ تهدر مليارات الدولارات من مال الخزينة في الوقت الذي تتشدد فيه الحكومة بالقول والإجراء ضد المواطنين العاديين. وفي كل حال واضح للمراقب العمومي بان حكومة الرزاز لا تحتفظ بوصفة محددة لصيغة قانون ضريبة جديد خصوصاً وان «الأدوات المهنية» والوظيفية في جهاز الضريبة هي القديمة نفسها في الوقت الذي تتعدد فيه ارقام التهـرب الضـريبي باللسـان الرسـمي.
بمعنى آخر التزمت حكومة الرزاز بقانون ضريبة جديد لكنها تعرف أنها ستزيد الضريبة في النهاية على المواطن في كل الأحوال كما تعرف أنها تضم نخبة عريضة من وزراء حكومة التصعيد الضريبي السابقين في الوقت الذي يكثر فيه رئيسها من التحدث عن «تحسين مستوى الخدمات» وكسر ظهار الفساد على أمل تحقيق توازن موضوعي يقنع الشارع بأن أي رفع مستقبلي بنسبة الضرائب سيوازية وعلى الطريقة الغربية والمدنية ارتفاع في مستوى الخدمة.

كمين الضريبة

مطب وكمين «الضريبة» التهم في مفصل تاريخي حكومة الملقي وغير ملامح الحياة العامة في الأردن وتسبب بأحداث «الدوار الرابع» والاخطر بخروج الطبقة الوسطى من كل المكونات للشارع. تلك احداث فارقة جداً قفزت أصلاً بتجربة الرزاز ونائبه المعشر وينبغي على الحكومة الجديدة ان تتجنب «مطب الضريبة» والطريق اليتيم المتاح هنا واضح المعالم حتى اللحظة ويتمثل في الجهد الاستثنائي لرفع مستوى الخدمات العامة، الأمر الذي يبرر عملياً ظهور رئيس الوزراء في جولات مفاجئة للمؤسسات الخدمية.
ثانياً بوعود الإصلاح السياسي والمدني بهدف الإستقطاب لتبرير وتمرير رفع ضريبي مرجح بكل الاحوال مع الإستثمار في «مستلزمات» الحوار الوطني المزعوم. هنا حصريا يسابق الرزاز الزمن ويحاول تقديم ولو شيء ملموس وبسيط للشارع من وعوده المتعلقة بـ»تحسين الخدمات» على أقل تقدير، الأمر الذي دفعه لأول خلوة وزارية يفترض ان تبدأ اليوم السبت دون معرفة سببها وإنتاجيتها وأن كان التقدير المرجح كما يرى الكاتب والمحلل السياسي جميل النمري هو «الضغط على وزراء الخدمات».
ويبقى السؤال: هل ينجح الرزاز في تحقيق ولو تقدم بسيط في مستوى الخدمات وإقناع الجمهور بجدية مكافحة الفساد وبعض خطوات الانفتاح السياسي حتى يتمكن من العبور بقانون ضريبة جديد؟
الشكوك تجعل الإجابة مفتوحة على احتمالات ليس على أساس الوضع المالي للوزارات ومتطلبات وقت اكبر لتغير مناخ العمل في القطاع العام فحسب، ولكن ايضاً على أساس الإكثار من الوعود والإفتقار لأدوات الإنجاز الحقيقية حيث الحرب على الفساد وتمدين الدولة والإصلاح ورفع اداء القطاع العام معارك لا يمكن خوضها بتلك الأدوات الوزارية نفسها التي أعاقت الإصلاح في الماضي القريب أو تواطئت معه أو أخفقت أو صمتت على إجهاضه. القدس العربي

قد يعجبك ايضا