مشعوذون ينتهكون الحرمات ويسلبون الأموال.عمان
المرفأ :- ينتهك سحرة ومشعوذون الحرمات ويسلبون الناس اموالهم ويعيثون فسادا ويصفون عقاقير واعشاب، قد تضر بالصحة والعقل مستغلين حاجة ضحاياهم للخلاص من الامراض والمشاكل والهموم وتحقيق الاحلام، فيما تقول دائرة الإفتاء العام إن الله عز وجل حرم الذهاب إلى السحرة والعرافين والكهنة والمشعوذين، والاستعانة بهم.
وبسبب المبالغة بتهويل الخوف والهلع من السحر، أصبح سببا برأيهم لكل مشكلة او معاناة تواجههم، وجعلهم ذلك ضحية سهلة للابتزاز وطرق ابواب السحرة والمشعوذين والدجالين، بدعوى فك السحر وقدرتهم الخارقة على معالجة الأمراض المستعصية وحل المشاكل والقضاء على المتاعب والهموم وجلب الحظ والسعادة، ظنا بانهم الدواء والواقع انهم الداء. تروي علياء، قصة ابنها الذي ظنت انه مسحور لأعراض كثيرة لازمته اثناء دراسته الثانوية وانه اصبح عصبي المزاج ويعرض عن الدراسة، فتوجهت به للأطباء لعلاجه والذين اجمعوا بانه سليم ولا يعاني من اي مرض جسدي، ما جعلها تأخذ بنصح بعض المعارف والاصدقاء وتتوجه الى السحرة والمشعوذين لعلاجه، ظنا بانهم طوق النجاة لفلذة كبدها.
ولا تنكر علياء، بانها وقعت ضحية الابتزاز طوال مراجعة أولئك السحرة والمشعوذين وتبين بانهم لا يملكون الا التحايل والدجل وسلب المال، مستغلين حاجة الناس وضعفهم، فحالة ابنها ازدادت سوءاً مع مضي الوقت ما جعلها تتوجه الى طبيب نفسي علها تجد ضالتها هناك، والذي اكد لها بعد تشخيص الحالة ان ابنها يعاني اضطرابات نفسية ووصف له علاج تحسنت حالته بعده. مبخرة يتصاعد منها دخان كثيف ويجلس امامها رجل بهيئة غريبة مثيرة للريبة، تتوهج تلك المبخرة تارة بعد حرق البخور فيها وتخفت اخرى، لكن الغموض يبقى سيد الموقف والمكان تسوده الظلمة وبالكاد تبصر حولك، وانت تحاول التعرف على ملامح من يجالسك او ما يحيط بك.
بحثت سوسن في العقد الرابع من عمرها، وهي تجلس بهذا المكان المريب عما يبعث الطمأنينة بنفسها ويبدد الخشية والخوف الذي بدأ يحرجها ويظهر ضعفها امام ذلك المشعوذ، وما هي الا لحظات حتى سألها المشعوذ بصوت اكثر ريبة عن سبب مجيئها.
بدأت سوسن تتحدث للمشعوذ عن معاناتها بعد طول انتظار للإنجاب ولكنها لم ترزق بأولاد، وتبددت كل الخشية والخوف وتحول إلى فرح بعد رد المشعوذ بان مشكلتها بسيطة وان حلم الامومة سيتحقق؛ ولكنها كانت الزيارة الاولى تبعتها اخرى كثيرة ارهقتها ماديا وجعلتها تستدين وتبيع مركبتها لتغطيتها. ادركت نهاية المطاف انها ضحية دجال، ما جعلها ترضى بما حصل منسحبة على استحياء ومشاعر الخجل والخذلان على محياها.
خالد، يقول ان المشعوذين كانوا السبب بكثرة الخلافات بينه وبين زوجته، والتي تأججت بعد ادراكه بانها لجأت الى مشعوذ لحلها، ورصد تصرفات اظهرت ذلك ومنها العثور على بعض “الطلاسم” داخل البيت والتي قرر بعدها مراقبة تصرفاتها وتأكد له بعدها ان زوجته هي مصدرها، فطلب منها مغادرة البيت الى بيت اهلها. ويقول خالد، ان تصرفه جاء بعد كثرة سماعه لقصص عن ضحايا المشعوذين وبخاصة النساء اللواتي يلجأن إلى المشعوذين لحل المشكلات والخلافات الأسرية والزوجية، وانه لا يأمن على نفسه من زوجته التي لجأت الى المشعوذين لحل الخلافات بينهما بدلا من التحلي بالعقل والمنطق والحوار لحلها. الخبيرة الدولية في التنمية البشرية وتنمية الذات الدكتورة خولة اسعد، قالت بدورها، إن الخوف من المجهول وضعف القدرة على مواجهة المشاكل والتحديات والجهل والفقر واليأس دفعوا البعض للجوء الى السحرة والمشعوذين لمساعدتهم ما يولد بيئة خصبة لانتشار السحر والشعوذة، مشيرة الى ان العامل الاساس يكمن بضعف الوازع الديني.
واكدت الخبيرة أهمية التفكير بهدوء والبعد عن الخوف ومواجهة التحديات بقوة وبحكمة والايمان والتوكل على الله والاقتناع ان الانسان سيخرج من كل مشكلة تواجهه اكثر قوة، داعية الى التراجع عن الخطأ والذي يبقى عنوانا للقوة والنجاح. وقالت دائرة الإفتاء العام للمملكة، يجب على المسلم أن يتيقن أن النفع والضرر بيد الله سبحانه، يصرِّف الأمور كيف شاء، وقد حرم الله عز وجل الذهاب إلى السحرة والعرافين والكهنة والمشعوذين، كما حرّم الاستعانة بهم حتى لو ادعوا التعامل مع الجن المسلم، فهي مجرد دعوى دون دليل، ولا يمكن لأحد من البشر أن يجزم بأن الجن الذي يتعاطى معه من المسلمين أم من الكافرين؛ فهم مختفون عن أنظارنا ولا نعلم عن حقيقة أحوالهم، وهل هم صادقون في حديثهم أم كاذبون؟ وقد قال الله عز وجل: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) الجن/6.
واكدت دائرة الإفتاء انه لا يحل لأحد اتهام الآخرين بعمل السحر إلا ببينة، وليس من البينة كلام الجن، أو كلام من يظن أنه مسحور، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) الحجرات/12، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يتعرف على من سحره إلا من خلال الوحي، فكيف يستدل بذلك بعض المشعوذين على توزيعهم التهم على البشر، وهم أحق بالتهمة من غيرهم، لذلك فالواجب على المسلم عدم تصديق مثل هؤلاء الأشخاص، الأمر الذي يؤدي إلى الفتنة بين الناس، وقطع الأرحام، وهدم الأسر، ولا يجوز سؤالهم وزيارتهم وطلب الرقية منهم، فالرقية ما هي إلا تلاوة آيات من كتاب الله والأذكار الشرعية، وذلك أمر يحسنه كل مسلم بإذن الله، فلا يحتاج معه إلى زيارة من يتصدى للرقية أو يشتغل بها.
ودعت دائرة الإفتاء إلى اجتناب مواضع التهم، والبعد عن كل الأعمال التي يشتغل بها السحرة والمشعوذين، ككتابة الحجب الباطلة، والنفث في العقد، والاشتغال بالعين والحسد وكل ما فيه ريبة، كي لا يكون للآخرين عليهم حجة في اتهامهم بالباطل، مشيرة الى ان علاج السحر والحسد يكون بالرقية الشرعية، التي تعتمد على القرآن الكريم، كقراءة آية الكرسي، وسورة الفاتحة، وخواتيم سورة البقرة، والمعوذات، وكذلك تعتمد على الأذكار والأدعية النبوية.