من رحم المعاناة يولد الإبداع…خالد متروك المحارمة
من رحم المعاناة يولد الإبداع…خالد متروك المحارمة
المرفأ.رحاب القضاة-
يتفاجأ الزائر لمدينة سحاب بتلك الأشكال الرائعة المصنوعة من إطارات الكاوتشوك المستهلكة على الشارع الرئيسي لا سيّما عند مدخل البلدية، وعند سؤالنا عن صاحب هذا العمل الإبداعي تبين لنا أنه خالد متروك المحارمة…
وكان لنا هذه المقابلة مع هذا الرجل المفعم بالطاقة الإيجابية والإصرار والإبداع…
شبيب: هل لك أن تحدثنا عن طبيعة الفكرة التي تعمل لأجل تحقيقها؟
خالد متروك المحارمة: بداية أتقدم بالشكر لوكالتكم الاخبارية على هذه التغطية الإعلامية لأعمالنا، والفكرة بكل بساطة هي أعادة تدوير الكاوتشوك المستعمل، وتحويله من مكرهة صحية وتلوث بصري وبيئي إلى حالة أخرى يتم الاستفادة منها عملياً وجماليا… بحيث نقوم بجمع الكاوتشوك التالف من جنبات الطرق ومحال تصليح الإطارات (البنشرجية) وتمر هذه الإطارات بمراحل متعددة كي تصبح في النهاية إما أثاثاً منزلياً قابلاً للاستخدام في الحدائق وغيرها، أو مناظر جمالية جذابة.
: ومن أين جاءتك هذه الفكرة الرائدة؟
خالد متروك المحارمة: كنت أعمل سائقاً على الشاحنات وأتنقل بشاحنتي بين الدول العربية المجاورة، وفجأة أصبت بمرض السرطان، وقد أصبحت عاجزاً عن العمل كسائق شحن، وذلك لأني بحاجة دورية للعلاج ولمراجعة المستشفيات، وكان أمامي خيارين لمواجهة هذا الواقع الذي أعتبره امتحان من الله جلت قدرته لصبري وإيماني: إما أن التزم الفراش وأندب حظي وأنتظر من يعيلني أنا واسرتي المكونة من سبعة أفراد، أو أنهض من فراشي وأبحث عن عمل يتناسب مع واقعي الجديد، وخلال مشاويري طلباً للعلاج كنت أشاهد على جنبات الطريق الإطارات التالفة متناثرة بشكل يسيء للمكان ويلوث البيئة والبصر، فسألت نفسي: لماذا لا يتم إعادة استخدام هذه الإطارات بأشكال أخرى تكون نافعة للمجتمع وتقلل هذا التلوث الجاري؟
وعندها بدأ مشواري مع البحث لطرق إعادة تدوير هذه الإطارات عبر الإنترنت، وفوجئت بوجود العديد من الدول التي تقوم بإعادة تصنيعها وتشكيلها على شكل حبيبات مطاطية تستخدم في الصناعة والبناء بالإضافة للملاعب، لكن تلك المصانع مكلفة ولا أستطيع دفع ثمنها، فتبادر لذهني فكرة تصنيعها على شكل أثاث ومناظر جذابة.
: إذاً كنت شجاعاً وواجهت مرض السرطان بالإرادة والتصميم والإيمان، فهل كان ذلك دافعك للعمل وللإنجاز؟
نعم والحمد لله جلت قدرته، فقد كانت لدي العزيمة والتصميم بأن أتحدى الضعف والعجز والأوجاع لكي أبقى منتجاً ومعيلاً لأطفالي بإرادة الله.
: وكيف قمت بإطلاق مشروعك وإنتاج هذه الأعمال التي نراها على أرض الواقع؟
في البداية؛ قمتُ بإنتاج بعض الأعمال بشكل يدوي بسيط في منزلي، وبعد تراكم الخبرة لديّ قمت بزيارة رئيس بلدية سحاب الدكتور عباس المحارمة وأطلعته على الفكرة وعلى نماذج من أعمالي، وقد رحب بالفكرة مشكوراً، وتبناها وقمت بإنتاج هذه النماذج التي تشاهدونا في الشارع الرئيسي وأمام البلدية.
وقام عطوفة الدكتور عباس المحارمة باطلاع معالي وزير البيئة على فكرتي وأعمالي خلال زيارة للوزير الأسبوع الماضي، ووعد معالي الوزير بمساعدتي في تأمين تمويل لمشروعي وتوسعته، بحيث نستطيع أيضاً إعادة تدوير البراميل المعدنية والبلاستيكية التالفة.
: بماذا تنصح الشباب ومرضى السرطان؟
أولاً المرض هو ابتلاء من الله جلت قدرته، وهو امتحان منه لصبر الانسان وايمانه، وبالتالي يجب على المريض أن يشكر الله ويحمده على كل شيء من الله.
أما نصيحتي للشباب فهي أن أبواب الرزق مفتوحة ولكن بحاجة للتعب والعمل والاجتهاد، وأن الصحة نعمة من الله تعالى، وأي شاب قادر على العمل عليه استغلال هذه النعمة، وخاصة إطلاق الأفكار والمشاريع الإبداعية الجديدة.
: في الختام نقدم دعوة لكل الجهات الرسمية والقطاع لدعم نموذج خالد متروك المحارمة، ولجميع أمثاله، وللجهات التي تمول المشاريع الريادية التي تخدم المجتمع وتشغل الشباب.
وكل الشكر للمبدع خالد متروك المحارمة…