ذكرى الإسراء والمعراج رسالة طمأنة بزوال الشدّة وقت المحن
المرفأ :تمر ذكرى الإسراء والمعراج، حاملة في طياتها رسائل من فيض النبّوة، تُطمئن قلوبا متوجسة، وتهدئ من روعها، في وقت تتعالى فيه المحاذير، من خطر يداهم العالم، وفيروس يحيّر الأطباء و هو ما أصطلح عليه اليوم باسم كورونا.
وفي خضم هذه الأجواء الملبدة بغيوم اليقظة والاستعداد، لمواجهة هذا القاتل الدخيل، تمر ذكرى الإسراء والمعراج، من بين ثنايا الأمل، تحتضن البشارات، بأن حكمة الخالق تعالى طالما قضت، بأنّ بعد العسر يسرا وأنّ الشدة لن تطول وأنّ دوام الحال من المحال، ومن هنا فإن ثمة تطمينات لعلماء وأكاديميين أردنيين، تأتي بلسم بشارات تخبرنا بأنّ الأزمة مثلما بدأت ستنتهي وتزول.
وجاءت تطميناتهم في الذكرى التي تصادف اليوم الأحد، إلى الابتعاد عن الماديات والعودة لله والثقة به، وتكثيف الدعاء إليه بقلوب صافية ونفس مطمئنة، والتكاتف والاتحاد معا في مواجهة الأزمة على يقين بأن غيمة الأزمة ستنقشع.
أستاذ التربية في جامعة اليرموك الدكتور علي جبران، أشار إلى أن ذكرى الإسراء والمعراج العطرة للحبيب محمد صلى الله عليه وسلم جاءت مواساة له في عام الحزن الذي فقد فيه زوجته خديجة رضي الله عنها، والتي كانت سندا وعونا له في دعوته، وعمه الذي كان يخفف عنه عداوة قريش، ويصد عنه شرورهم.
وأضاف، أنه وبعد كل هذا العناء يطيب الله خاطر النبي مما علق بنفسه من أذى القوم له، ليسري به لأقدس أرض وأطهر بقعة ويريه المسجد الأقصى، ليذهب الحزن عن قلبه الشريف، ثم يعرج به إلى السماوات العلا، ولسدرة المنتهى ليصل إلى رفعة لم يصلها أحد من العالمين، وكأنه تعالى في ذلك يقول للحبيب عليه الصلاة والسلام أن لا مكان لحزن في قلبك ما دام هناك إله يعبد.
وأوضح جبران أنه بدورنا حين نستذكر هذه الذكرى العطرة المباركة وقلوبنا ترقب العالم الذي يعاني أزمته في مواجهة فيروس كورونا، وترقب الأردن الحبيب الذي يواجه هذا الخطر بكل ما أوتي من قوة وحكمة ووعي، وكما كان الأمل في نفس رسولنا الكريم سيكون في نفوسنا نحن.
وأشار إلى أن الشدة لن تدوم والخطر لن يستمر والأزمة كما بدأت ستنتهي، وعلينا أن نعود إلى الله ونكثف الدعاء بقلوب صافية، ونتكاتف سوية ونتحد معا ونبث في نفوسنا الطمأنينة والثقة بالله، إذ يقول رسولنا الكريم في حديث قدسي عن الله تعالى: “أنا عند حسن ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء”، فثقتنا بالله كبيرة أن يكشف عنا الغمة ويبعد عنا الأسقام ويحفظ لنا أهلنا وبلدنا وأمتنا”.
أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنية الدكتور بسام العموش، قال إن الإسراء والمعراج حدث تاريخي هام، ومناسبة سنوية دائمة، حيث جعل الله سبحانه سورة من سور كتابه الخالد باسم “الإسراء”، ليبقى الحدث الكبير معلما” في عقيدة المسلم.
وأضاف أن الإسراء ربط الإنسان بربه الرحيم وليقول له إن صلتك بربك هي الحياة ولهذا كانت فريضة الصلاة في ليلة الإسراء والمعراج، فهي أمر عظيم إذ بدونها يفتقد العبد الرحمة والدعم الروحي الذي تتطلبه خِلقة الانسان، باعتباره جسدا وروحا، ما يجعل اشباع المادية وحدها يفضي لانفصام شخصية الإنسان ويسبب له العناء والتعب والأرق والضنك، لقوله تعالى:” وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا”، وأي ضنك نراه اليوم بأم أعيننا، حيث الحروب والتذمر والديون والمخدرات والقتل والسلب.
وأشار إلى أن الإنسان وفق الإسراء والمعراج مدعو لإبقاء صلته بالله وبدونها سيوقع نفسه في العذاب حتى لو توفرت له كل الماديات، إذ كان من الممكن أن يأمر الله نبيه بالصلاة دون الصعود الى السماء ولكن إرادة الله قضت أن ينظر الإنسان إلى الأعلى وأن يجعل الصلاة حياته وأوامر الله نصب عينيه.
من جهته، قال أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنية، الدكتور عبدالرحمن زيد الكيلاني، إن ذكرى الإسراء والمعراج تمر اليوم في وقت أحوج ما نكون فيه لاستلهام معانيها العطرة، لا سيما وأن حادثة الإسراء والمعراج، جاءت في وقت عصيب عاشه الرسول العظيم بفقد زوجه خديجة وعمه أبي طالب، وفي وقت لاقى فيه عليه السلام اشد ما لاقى من غلظة وقسوة من قريش ومن أهل الطائف.
وأضاف أنه بالرغم من ذلك، فقد جاءت ذكرى الإسراء والمعراج لتملأ قلب رسول الله بالبٍشر والأمل، وبأن فرج الله قريب وأن ما بعد العسر إلا اليسر، مبيناً ونحن نعيش هذا المعنى العظيم والعالم كله اليوم يواجه أزمة المرض الذي غزا العالم وأصابه بالهلع والإحباط واليأس، لتذكرنا بأن المؤمن لا ييأس ولا يقنط من رحمة الله، وانه إذا ضاقت أبواب الأرض فإن أبواب السماء مفتوحة تنادي بالمؤمنين وتقول لهم إن مع العسر يسرا.
وبين أستاذ الفقه والعبادات في الجامعة الأردنية الدكتور رائد نصري أبو مؤنس، أن رحلة رسول الله صلوت الله عليه، في الإسراء والمعراج، لمشاهدة ما وراء الحياة الدنيا ورؤية أهل الجنة والنار والملائكة، وتعزيز الجانب الروحي والإيماني.
وأشار إلى أن الأزمة الحالية التي تعصف بالبشرية جاءت بعد أن أوغل البشر بالماديات، وركزوا على التقدم بالانجاز والتكنولوجيا والصناعة، بينما وقفت تلك الأشياء عاجزة أمام أصغر مخلوقات الله “فيروس كورونا”، معتبرا ً أنها رسالة تذكير بالعودة إلى الله خالق كل شيء وتجديد الإيمان به، والتفحص والتدبر بعدم المضي بعيداً بالفكر المادي، وما وراء ذلك وتعزيز الثقة بالله وحده. الوقائع