صندوق النقد الدولي يخصص 100 مليار دولار للأردن و7 دول
المرفأ.عقد منتدى الاستراتيجيات الأردني، وبالتعاون مع صندوق النقد الدولي مساء امس الاربعاء، جلسة حوارية عبر تقنية الاتصال المرئي، حول “التطورات الاقتصادية ما بعد كورونا: التحديات والفرص في منطقة الشرق الأوسط” جرت في بث مباشر على قنوات منتدى الاستراتيجيات الأردني المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وشارك في الجلسة مدير منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي الدكتور جهاد أزعور، والمدير التنفيذي لمنتدى الاستراتيجيات الأردني الدكتور إبراهيم سيف، ومديرة المركز المصري للدراسات الاقتصادية والدكتورة عبلة عبد اللطيف، وأدر الجلسة الحوارية الإعلامية مينا العريبي رئيسة تحرير صحيفة ذا ناشونال في أبو ظبي.
وبين أزعور أن الصندوق يعمل مع دول المنطقة على مساعدتها في مواجهة أزمة كورونا عبر تقديم دعمٍ مالي بما يسمح بتحسين المؤشرات الإنسانية والاقتصادية معاً. وقال إن الأردن استفاد من برنامج مع الصندوق بهدف تحفيز الاقتصاد وخلق فرص عمل من خلال مجموعة من الإصلاحات، وبالإضافة لهذا البرنامج قام الصندوق بتقديم دعم إضافي للأردن بهدف تعزيز قدراته على مواجهة التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا.
وحول تداعيات كورونا على المنطقة، قال الدكتور أزعور إن هذه الأزمة غير مسبوقة على مستوى المنطقة والعالم، مبينا أنها أخذت عدة أوجه نتيجة عدة صدمات متتالية ابتداءً من انتشار الجائحة ومررواً بالانخفاض الحاد في أسعار النفط، بالإضافة إلى الإجراءات التي ترتبت عن انتشار الجائحة؛ حيث شهدت المنطقة إغلاق كلي للاقتصادات.
وأضاف أزعور أن المنطقة تمر اليوم بمرحلة انتقالية؛ حيث بدأت بالتخلص تدريجياً من الإجراءات المتشددة التي اتبعتها للقضاء على الفيروس.
وبين أن المرحلة المقبلة تشوبها ضبابية كبرى نتيجة عدم القدرة على استشراف التطورات المقبلة على مستوى الاقتصاد العالمي.
وأكد أزعور أن هذه الأزمة تركت تأثيرات كبرى على قطاعات أساسية وحساسة توظف نسباً كبيرة من العمالة في المنطقة مثل قطاع السياحة والعديد من القطاعات الإنتاجية الأخرى.
وبين أن إدارة أزمة كورونا تنطوي على ثلاثة مراحل تشمل مرحلة حماية الإنسان وحماية لقمة العيش ومن ثم مرحلة تعزيز منعة الاقتصاد وحمايته، وأخيراً مرحلة التعافي والنهوض الاقتصادي. وأشار إلى أن مرحلة التعافي تتطلب سرعة في اتخاذ القرار بالتوازن مع التروي في قراءة المشهد وأيضاً تعزيز التعاون الإقليمي في المنطقة.
وعلى مستوى تعاون الصندوق مع دول المنطقة، قال أزعور إن الصندوق تحرك بوتيرة سريعة من خلال وضع قدراته المالية بمتناول الدول التي احتاجت إلى دعم مالي سريع نتيجة الأزمة؛ حيث قدم الصندوق نحو 100 مليار دولار لمجموعة من دول العالم تضمنت الأردن والمغرب وتونس ومصر وجيبوتي وموريتانيا والصومال ولبنان.
وأضاف أن الصندوق أيضاً يعمل على مساعدة الدول من خلال إرشادهم للسياسات المثلى التي تساعدهم في تجاوز الأزمة والتكيف معها والتعافي لاحقاً.
وبالنسبة للأردن، قال الدكتور إبراهيم سيف إن الأردن حقق نجاحاً باحتواء الفيروس على المستوى الصحي وقد جاء ذلك على حساب تجميد العديد من الأنشطة الاقتصادية في جانبي العرض والطلب وتسبب ذلك بحالة من الضبابية التي عطلت القرارين الاستثماري والاستهلاكي على حدٍ سواء.
وأشار، في هذا السياق، إلى مجموعة من القرارات التي اتخذتها الحكومة الأردنية والبنك المركزي الأردني في سبيل تقديم الدعم للشركات على تجاوز الأزمة.
وأوضح سيف أن عملية التعافي الاقتصادي ما بعد كورونا ستختلف من قطاع إلى قطاع ومن شركة إلى شركة، حيث تأثر مثلاً قطاع السياحة بشكل كبير وستطول مدة تعافيه، فيما كانت قطاعات أخرى قد حافظت على أداء جيد خلال الأزمة مثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والقطاع الغذائي وقطاع الصناعات الدوائية.
وأكد سيف أن تداعيات كورونا لا تتوقف على تجاوز الأردن للأزمة، ولكنها أيضاً تعتمد على قدرة دول الجوار على تجاوز الأزمة نظراً لطبيعة تداخل اقتصادات المنطقة. وأضاف أنه لابد من التفكير في كافة السياسات المالية والنقدية والتجارية التي يجب اتباعها لتحفيز النمو الاقتصادي في المنطقة في المرحلة المقبلة. وبحسب سيف، فإن هذا التفكير يتضمن تحديد القطاعات التي يجب تخصيص بعض الموارد لها من خطوط ائتمان ميسرة أو دعم حكومي مباشر لفترات مؤقتة حتى تستعيد أنشطتها.
وعلى صعيد السياسات الاقتصادية ما قبل الأزمة وخلالها، أكد سيف أن هذه الأزمة كشفت عن أهمية الالتفات لمجموعة من القطاعات التقليدية التي أهملت قبل الأزمة والتي أثبتت أهميتها خلالها مثل قطاع الزراعة وقطاع الصناعات الغذائية وغيرها من القطاعات المرتبطة بها محلياً.
وأضاف أنه من المهم العمل على تطوير قطاع الصناعات الدوائية والسير به قدماً لتلبية احتياجات السوقين المحلي والدولي.
أما بالنسبة للجمهورية المصرية، بينت الدكتورة عبلة عبد اللطيف أن مصر تعرضت لضربة اقتصادية قوية نتيجة الأزمة المترتبة على الجائحة؛ حيث أن مصر تعتمد على السياحة وحوالات المغتربين وقناة السويس في تحفيز النمو الاقتصادي ودعم الاحتياطيات من العملات الأجنبية وهذه الجوانب الثلاثة تأثرت بشكل كبير نتيجة أزمة كورونا.
وأضافت أن قطاع الخدمات أيضاً قد تعرض لضربة قوية والذي يعتبر من أهم القطاعات المشغلة للعمالة، لا سيما عمال المياومة والعمالة غير الرسمية.
وبينت أن الدولة المصرية استجابت لهذه الأزمة من خلال العمل على الحفاظ على الاستثمارات القائمة، وخصوصاً المحلية منها بهدف تسريع عملية التعافي بعد انتهاء الأزمة.
وبالنسبة لمرحلة التعافي من الأزمة، أجمع المشاركون في الحوار أن عملية الإصلاح الاقتصادي السريعة بعد الأزمة تعد مهمة وضرورية لتحفيز النمو والاستثمار؛ حيث بينت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، أن هنالك حاجة لإزالة كافة المعوقات التي تؤثر على تنافسية اقتصادات المنطقة.
وفي هذا السياق، قال الدكتور سيف إن هنالك حاجة لاقتصادات المنطقة لتقديم إطار متكامل كي تنجح بتقديم نفسها كبديل لجذب الاستثمارات المهاجرة من الصين، ويتطلب ذلك بحسب سيف القيام بإصلاحات هيكلية لإزالة المعيقات البيروقراطية للاستثمار؛ حيث أضاف بأن جائحة كورونا تعد فرصة لإجراء مراجعات ذاتية عميقة بالنسبة للأولويات الاقتصادية التي تبنيها خلال السنوات الماضية من حيث طبيعة التشريعات الاستثمارية والأداء البيروقراطي والصعوبات والعوائق المختلفة التي تواجه القطاع الخاص. وهذا ما أكد عليه أيضاً الدكتور جهاد أزعور، قائلاً: “أن مرحلة ما بعد كورونا تتطلب إصلاحات هيكليّة في بيئة الأعمال لتسريع التعافي الاقتصادي”.
وبين المشاركون أن التعاون الإقليمي أيضاً يعد من أهم متطلبات التعافي في المرحلة المقبلة؛ حيث قال الدكتور أزعور أن العالم ما بعد كورونا سوف ينتقل في الشكل من منظومته الشاملة إلى منظومة إقليمية.
وفي هذا السياق قال الدكتور سيف إن موضوع التعاون الاقليمي لم يعد ترفاً فكرياً وعاطفياً وإنما بات موضوعا مهما في هذه المرحلة بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط لتعزيز التكامل الصناعي بما يساهم بتعزيز قدرات اقتصادات المنطقة وهذا يتطلب تجميد الخلافات السياسية.بترا