تصنيف الجامعات” .. خبراء يدعون لمراجعة “القرارات السلبية” ودعم البحث العلمي
المرفأ.فيما أصدرت مؤسسة “كيو أس البريطانية”، تصنيف أفضل الجامعات العالمية للعامين 2021/2020، خالية من أي جامعة أردنية سواء حكومية أو خاصة، دعا خبراء أكاديميون إلى مراجعة القرارات التي تؤثر سلبا على مكانة الجامعات الأردنية، بالإضافة إلى إيجاد سبل دعم كافية لا سيما فيما يتعلق بالبحث العلمي.
ودعوا في أحاديث لهم إلى إعادة النظر في طريقة اختيار القيادات الأكاديمية مع وجود مساءلة حقيقية، مشددين على أن السمعة الأكاديمية تنعكس على الأوضاع المالية للجامعات وعلى الاقتصاد الوطني.
وأوضح هؤلاء الخبراء لم يعد التصنيف قضية تهم جامعة لوحدها أو الجامعات جميعها أو حتى مؤسسات التعليم العالي، بل قضية وطنية تمس الاقتصاد الوطني، حيث أعلنت بعض الدول الخليجية أنها ستعتمد على ترتيب تصنيف أي جامعة لاختيار أي جامعة توفد طلبتها إليها، وهم الذين ينفقون إضافة إلى الرسوم الجامعية، إيجار شقق ونفقات معيشية ما يشكل دخلا إضافيا للخزينة وينشط حركة السوق وما إلى ذلك.
ففي التصنيف، لم تندرج أي جامعة أردنية ضمن قائمة أفضل 500 جامعة عالمية، بل أظهرت تراجع 3 جامعات أردنية من أصل 4 في التصنيف المتعلق بالجامعات العربية، بينما تضمنت القائمة 4 جامعات سعودية وجامعتين من الإمارات وجامعة من قطر وجامعة من سلطنة عُمان، بالإضافة للجامعات الأميركية الثلاث في لبنان ومصر والإمارات.
وفي القائمة التي توصف بالتشجيعية والتي تحفز الجامعات نحو التصنيف، وهي قائمة تشمل ألف جامعة، فقد تضمنت 8 جامعات من لبنان و10 جامعات سعودية و8 جامعات إماراتية وجامعتين من البحرين، و4 جامعات أردنية فقط من بين 32 جامعة في الأردن، وهي جامعات الأردنية والعلوم والتكنولوجيا، والأميرة سمية، والألمانية الأردنية، لكن ترتيبهم في القائمة جاء “ضعيفا جداً” مقارنة مع عمر الجامعات، فيما غابت عن التصنيف 7 جامعات حكومية رغم الدعم المالي الحكومي للجامعات الذي تجاوز المليار دينار خلال العشرة أعوام الأخيرة.
وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق، وليد المعاني، أكد أهمية التصنيف رغم أنه ليس هدفا، مشددا على أهمية تدارك تراجع الجامعات الأردنية من خلال مراجعة القرارات التي تؤثر سلبا على تصنيفها.
وحمل المسؤولية لـ”قلة الدعم الحكومي للجامعات لا سيما في البحث العلمي وغياب الإنفاق بسبب تخلي الحكومة عن دورها في دعم الجامعات ومسؤولية القيادات الأكاديمية بسبب قراراتها التي تؤثر سلبا على ترتيب الجامعات بالتصنيف”.
وقال المعاني، “إن تراجع الجامعات في التصنيفات الدولية ليس مستغربا لأن جامعاتنا مهتمة بالتدريس وليس البحث العلمي وخدمة المجتمع”، مؤكدا أن السمعة الأكاديمية من خلال احتلال مواقع متقدمة تنعكس إيجابيا على الأوضاع المالية للجامعات وعلى الاقتصاد الوطني.
وحول أهمية التصنيف، يقول الأكاديمي الدكتور عاهد الوهادنة، “إن معايير التصنيف ترتبط بشكل مباشر وغير مباشر بجودة التعليم وكمثال على الارتباط المباشر هو نسبة طالب لمدرس وهو أحد معايير ضمان الجودة التي يمكن قياسها وهي في الجامعات الأردنية حيث تجاوزت النسب العالمية الفضلى”.
ويدلل الوهادنة على أهمية التصنيف، “من خلال الارتباط غير المباشر من خلال نسبة الطلبة الوافدين، إذ إن إقبالهم يعكس السمعة الأكاديمية والبحثية للجامعات، أما التوظيف فيرتبط بحداثة الخطط الدراسية التي تعتمد على تطوير المهارات المطلوبة لسوق العمل”.
وأضاف، أنه “بدأ العمل بتصنيف كيو أس العام 2004 سبقه تصنيف شانجهاي العام 2003 ومعايير منظمة كيو اس تعطي للسمعة الأكاديمية نسبة 40 % وللتوظيف 10 % ولنسبة الطالب لعضو هيئة التدريس 20 % والاستشهاد لكل عضو هيئة تدريس 20 % ونسبة الطلبة الأجانب إلى مجموع الطلبة 5 % ونسبة المدرسين الأجانب إلى مجموع أعضاء هيئة التدريس 5 %”.
الرئيس السابق لهيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها، بشير الزعبي، أكد أن السبب الرئيسي لتراجع الجامعات هو “القيادات الأكاديمية وطريقة اختيارها وغياب المساءلة الحقيقية”.
وأشار إلى التصنيف الوطني الذي أجرته الهيئة قبل أعوام وتم الغاؤه، مبينا أنه تصنيف إصلاحي تنافسي يهدف إلى تبيان نقاط القوة في الجامعات للتركيز عليها ونقاط الضعف لمعالجتها ولخلق روح تنافسية بين الجامعات الوطنية.
وبين الزعبي، أن أحد أهم أسباب التراجع للجامعات الأردنية، هو ضعف البحث العلمي وقلة الاعتمادات الدولية للبرامج والتخصصات، مشيرا إلى أن وضع الجامعات الأردنية جيد في معايير التعليم والتعلم.
واعتبر أن “تصنيف كيو اس من أفضل التصنيفات في العالم إلى جانب تصنيف شانغهاي”، لافتا إلى “أن تصنيف التايمز يشوبه كثير من العيوب تقلل من نسبة الثقة فيه”.
وأكد الزعبي، أهمية التصنيفات الدولية التي تؤثر على سمعة الجامعات واستقطاب الطلبة الوافدين إليها، ما ينعكس على الأوضاع المالية للجامعات وعلى الاقتصاد الوطني.
وأشار إلى أن الهيئة تعمل على تصنيف للجامعات وفق البرامج التي بلغ تعدادها 24 برنامجا، داعيا إلى الاستفادة من تجربة التعلم الإلكتروني خلال جائحة كورونا، ومتوقعا في الوقت ذاته أنه في حال النجاح بالعمل على تطويره على استقطاب المزيد من الطلبة الوافدين خصوصا مع الأوضاع الصحية الممتازة والأمن والأمان في الأردن.
أما رئيس جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا، مشهور الرفاعي، فبين “أن الجامعات لم تتراجع وإنما زاد عدد الجامعات التي دخلت التصنيف والتنافس على الترتيب”.
وأشار إلى أن جامعة الأميرة سمية احتلت المرتبة الأولى بين الجامعات الأردنية في البحث العلمي وجميع برامجها وتخصصاتها حاصلة على الاعتمادية الأميركية، فضلا عن أنها معتمدة من قبل عدد من دول الخليج لإيفاد طلبتها إليها لترتيبها في التصنيف ولسمعة خريجيها، وحصول طلبتها على المرتبة الأولى في نتائج امتحان الكفاءة الجامعية على المستوى الدقيق”.
كما أشار إلى أن حجم الجامعة من حيث عدد الطلبة يزيد من صعوبة التنافس بين الجامعات، فضلا عن أنها جامعة تكنولوجية تقتصر على التخصصات الهندسية وتكنولوجيا المعلومات.
وما يثير “الحزن والألم”، وفق أكاديمي فضل عدم ذكر اسمه، هو أن عمر بعض الجامعات الأردنية يزيد على عمر بعض الدول التي تقدمت بعض جامعاتها في التصنيف على الجامعات الأردنية، وأن بعض هذه الدول يزيد عدد سكان الأردن على عدد سكانها فضلا عن أن المساحة أكبر، مشيرا إلى أن أكاديميين أردنيين أسهموا في تأسيس ونهضة بعض جامعات تلك الدول.
وحمل الإدارات الجامعية مسؤولية التراجع في التصنيف، لافتا إلى ضرورة فتح باب المساءلة من جديد، فيما لفت كذلك إلى أن معايير التصنيف ليست صعبة التحقيق وأنها لا تعطل عمل الجامعات.
وأكد عدم وجود خطط استراتيجية تنفيذية وخطط تطوير ومقاربة معيارية مع أفضل الجامعات وأفضل الممارسات، إذ تعتبر نسب طالب لمدرس في الأردن من أسوأ النسب في المنطقة خصوصا من خلال التوسع في أعداد طلبة الموازي، كما تراجع البحث العلمي إذ بلغ عدد أبحاث الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة مجتمعة والمنشورة حسب محرك بحث سكوبس حتى نهاية العام 2019، نحو 44 ألف بحث فقط، في حين بلغت أبحاث جامعة نانيانح السنغافورية لوحدها نحو 105 آلاف بحث، وبلغت أبحاث جامعة طهران المنشورة وحدها نحو 55 ألف ورقة بحثية، وكذلك جامعة الملك سعود وحدها نحو 55 ألف ورقة بحثية.
اما الخطط الدراسية، فهي وفق الأكاديمي ذاته، “خطط عفى عليها الزمن تعتمد في أغلبها على البعد النظري التلقيني في حين تتضاءل الساعات العملية والتدريبية الحقيقية ولا تعتمد تطوير المهارات مما يضعف فرص التوظيف والمنافسة لخريجينا، بالإضافة إلى عدم مواكبة أعضاء الهيئه التدريسية للجديد في أساليب التدريس وكان هذا واضحا خلال جائحة كورونا”.
وتبين تصنيفات “كيو أس”، تراجع الجامعة الاردنية في آخر تصنيف مقارنة مع اول تصنيف تم للجامعات الأردنية العام 2011، بواقع 50 منزلة، فيما تراجعت جامعة العلوم والتكنولوجيا مقارنة مع أول تصنيف 100 منزلة.
وفي التصنيف العربي لمؤسسة “كيو أس”، تراجعت الجامعة الأردنية من المرتبة الثامنة العام 2016 إلى المرتبة التاسعة 2019، وتراجعت جامعة العلوم والتكنولوجيا من المرتبة العاشرة إلى المرتبة 14، فيما تراجعت جامعة اليرموك من المرتبة 29 إلى المرتبة 33.