الأرض تنجو من اصطدام كويكب .. لكن متى يصبح الأمر خطيرا؟

442
المرفأ….مر اقتراب الكويكب الجديد “2020 VT4” من الأرض الجمعة 13 تشرين الثاني بسلام ولم يتجاوز التأثير سوى كشط بالجزء العلوي للغلاف الجوي للكرة الأرضية
وجاء مرور الكويكب بهدوء لأن هذه الصخرة الفضائية، التي يترواح قطرها بين 5 و 11 مترا، لا تملك فرصة للوصول إلى سطح الأرض سليمة، حيث يحمينا الغلاف الجوي، ولو دخلت الغلاف الجوي لتبخرت في الغالب، بسبب الاحتكاك مع الهواء.

ولا تتعدى أغلب أحداث اقتراب الكويكبات من الأرض هذا التأثير الضعيف، وربما يتطور التأثير إلى وصول شظايا من الكويكب إلى سطح الأرض كأحجار نيزكية، ولكن رغم ذلك هناك دائما الهاجس التاريخي من حدوث تدمير للأرض، أشبه بما حدث قبل 65 مليون عام، عندما اصطدم كويكب ضخم بالأرض، مخلفا دمارا شاملا أدى إلى انقراض الديناصورات.

وما بين التأثير الضعيف غير المحسوس، كالذي حدث في 13 نوفمبر، تشرين الثاني الجاري، والتأثير القوي الذي حدث قبل 65 مليون عاما، كانت هناك أحداثا أقل تدميرا، نتج عنها وصول شظايا من الكويكب، كأحجار نيزكية، عندما حاول الكويكب اختراق الغلاف الجوي للأرض.

أعطت هذه الأحداث العلماء مؤشرات يمكن من خلالها تحديد درجات المخاطر، لاكتشاف متى يكون الاقتراب خطيرا، وكانت أقدم الحوادث قبل نحو 12 عاما، وتحديدا في أكتوبر/تشرين الأول 2008، عندما دخل كويكب صغير جدا، أطلق عليه الباحثون (TC3)، الغلاف الجوي للأرض، وانفجر ممطرا بشظاياه في صحراء جنوب السودان.

كما اصطدم نيزك بالغلاف الجوي للأرض في مقاطعة “أوبلاست تشيليابنسك” في روسيا يوم 15 شباط عام 2013 وخلف شظايا تسببت في تهشم زجاج النوافذ في المناطق القريبة من الحدث، وأدى ذلك لإصابة 1200 شخص.

ولا تزال هذه الأحداث التي وقعت في التاريخ الحديث ضمن الحدود المقبولة غير الخطيرة، التي لا يتعدى تأثيرها نطاقا محدودا جدا، لضآلة حجم الكويكب بالنسبة لحجم الأرض.

ويقول د.خالد شوكت، بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية لـ “العين الإخبارية”، إن العلماء حددوا بعض هذه التأثيرات المحدودة، والتي لن ينال معظمها من البشر إلا إذا أوقعهم حظهم العثر في التواجد بنفس مكان ارتطام الكويكب بالأرض.

ومن هذه التأثيرات احتمالية هبوب رياح قوية، تؤدي لاقتلاع السكان والأشياء من مكانهم، وهذا لا يحدث إلا إذا كان عرض الكويكب لا يقل عن 18 مترا.

ومن التأثيرات الأخرى، ما يعرف بـ “الصدمة الهوائية”، والتي يمكن أن تحدث عندما ينفجر كويكب في الهواء أو يصطدم بالأرض أو البحر، وتسببت هذه الصدمة في كل التأثيرات السلبية التي وقعت في حادثة مقاطعة “أوبلاست تشيليابنسك” بروسيا، ولا سيما تكسير النوافذ، مما أدى إلى حدوث إصابات غير مباشرة بسبب شظايا الزجاج المتطاير، كما يؤكد د.شوكت.

ويضيف: “الإصطدام يمكن أن يؤدي أيضا إلى إحداث حفرة كبيرة، وتكون مخاطر هذا الحدث صغيرة جدا، ما لم يتواجد الشخص بالمنطقة التي تشكلت فيها الحفرة”.

وأيا كانت المخاطر من هذه الاقترابات لكنها تظل في الحدود التي يمكن السيطرة على أضرارها، ولكن الخوف الذي يعود إلى حادث الاصطدام الكبير قبل 65 مليون عام، لا يزال يسيطر على البشرية، وهو ما دفع العلماء إلى وضع معايير يمكن من خلالها التنبؤ بمثل هذه الأحداث، وضمنوا هذه المعايير في مقياس يسمى ” مقياس تورينتو”.

وتجمع معايير مقياس تورينتو بين الطاقة التي يمكن أن تنتج عن التصادم واحتمالات حدوث التصادم، ويتم تمثيل ذلك بالأرقام من صفر إلى 10، حيث يشير الرقم صفر إلى عدم وجود أي فرصة محتملة لحدوث ذلك، ويشير الرقم 10 إلى اصطدام خطير يمكن أن يتسبب في حدث شبيه بما وقع قبل 65 مليون عام.

حارس الفضاء
وتوجد أكثر من جهة علمية معنية بدراسة هذا الخطر وقياسة، ولكن الجهة الأكثر شهرة هي مركز دراسات الأجسام القريبة من الأرض (CNEOS)، التابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، والذي يعد بمثابة حارسا للفضاء، حيث يراقب ويتنبأ بالأخطار وفق مقياس تورينتو.

وإذا كان المقياس لم يتنبأ حتى الآن بأي من الأحداث الخطيرة، إلا أن هناك استراتيجيات يتم دراستها للتعامل حال استشعار الخطورة.

ويقول د.شوكت، إن هناك استراتجية تدميرية تستهدف ضرب الكويكب وتفتيته بحيث يصبح قطعا صغيرة للغاية لن تؤثر لأنها ستحترق عندما تضرب غلاف الأرض، وهناك استرتيجية تعتمد على حدوث اصطدام من قبل جسم ثقيل كمركبة فضائية أو حتى جرم قريب من الأرض، ما يؤدي لدفع الكويكب عن مساره الاصطدامي مع الأرض.

وهناك استراتيجية ثالثة تسعى لإبطاء أو زيادة سرعة الكويكب مما يكون له تأثيرا كبيرا في المسار الاصطدامي للكويكب، فيتفادى الاصطدام بالأرض.

قد يعجبك ايضا