تحتل القضية الفلسطينية دوما الأجندة السياسية والدبلوماسية الأردنية

380

المرفأ…فرض وجود الأردن في بيئة إقليمية مضطربة ومتشابكة، بناء سياسة خارجية واستراتيجية لأبعاد التطورات والاحتمالات المتوقعة والخيارات المطروحة للتعامل معها، تحقيقا لمصالحه وأمنه واستقراره.

وخلال العام الحالي، كان من أكثر الدول العربية تأثرا وحساسية لما يدور حوله من أحداث، وتحمّل بسبب القضية الفلسطينية أعباء سياسية وأمنية واقتصادية كبيرة، كما انعكست تداعيات الاحداث والتطورات الميدانية في العراق وسورية واليمن وليبيا، على اقتصاده وتركيبته الداخلية.

وحظي صنع القرار في سياسته الخارجية، بدراسة وتحليل وتفكير أكبر، دون ترك مجال لاجتهادات التفاعل الآني مع الأحداث، في سياق فراغ في الرؤية الاستراتيجية.

ويبرز قرار اسرائيل، بضم اجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن وشمال البحر الميت، كتحد تعامل معه الأردن العام الحالي، اذ نشط وعلى اعلى المستويات، باتصالاته مع قادة العالم ووزراء الخارجية العرب والاتحاد الاوروبي، لحشد موقف دولي يمنع إسرائيل من تنفيذ قرارها، بضم ثلث دولة فلسطين المحتلة.

وواصل الأردن اتصالاته، مستهدفا عبرها بلورة موقف دولي، يحول دون تنفيذ قرار الضم، وإيجاد أفق حقيقي لإطلاق مفاوضات فاعلة لتحقيق سلام عادل على أساس حل الدولتين ووفق القانون الدولي، مستندا الى توافق عربي ودولي في هذا الاطار.

الأردن؛ نجح في ايصال رسالته الى دول أوروبية كفرنسا وبلجيكا وألمانيا وأستونيا وبولندا، وهذه الدول، اكدت في جلسة لمجلس الامن الدولي حول الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية، وعقدت في أيار (مايو) الماضي، عدم اعترافها بأي تغيير تجريه إسرائيل على حدود ما قبل الخامس من حزيران (يونيو) 1967.

كما تعامل الأردن بنجاح مع خطة الادارة الاميركية، والتي تسمى إعلاميا بـ”صفقة القرن”، وأعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في كانون الثاني (يناير) الماضي، والتي تنحاز بوضوح لإسرائيل، وتستبعد قيام دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، في وقت كان فيه الموقف الأردني، يؤكد ان الاعلان عن الخطة لا يعني السماح بتطبيقها على الأرض.

الأردن وعلى اعلى المستويات؛ اكد أنه لن يقبل بأي خطة سلام لا تتضمن حل الدولتين لضامن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران (يونيو) 1967، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، فضلاً عن التمسك بالمبادئ والمواقف الثابتة للأردن، إزاء القضية الفلسطينية والمصالح الوطنية الأردنية العليا، هي التي تحكم تعامل الحكومة الأردنية مع كل المبادرات والطروحات المستهدفة حلها.

في هذا الإطار؛ فإن الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، حقق تطورا كميا ونوعيا في المجال الدبلوماسي، وكسب تأييدا دوليا للقضية الفلسطينية، برز عبر الاتجاه نحو تنويع الشراكات الدبلوماسية التي اتخذت أبعادا متعددة، ما منح المملكة مساحة كبيرة للعمل الدبلوماسي، لينعكس ذلك على القضية المركزية “فلسطين”.

وفيما يتعلق بدعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، استطاعت الدبلوماسية الأردنية بقيادة جلالة الملك، التأثير على الرأي الدولي العام، تجاه أهمية وتقديم الدعم السريع للوكالة، إذ تمكن الأردن من حشد دعم دولي تحصّلت الوكالة عبره، على دعم مالي ساهم بتقليل العجز المالي الذي تواجهه، في ظل تأكيدات الاردن بأن قضية “الاونروا” تشكل أولوية للمملكة، وأنها مستمرة ببذل جهودها لحشد تأييد دولي سياسي ومالي لدعمها، وتمكينها من الاستمرار بتنفيذ واجباتها إزاء أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني؛ وفق تكليفها الأممي.

كما برزت جهود جلالته بالتصدي لمحاولات تغيير الواقع على الأرض، فيما يخص القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، كرسالة حازمة للعالم اجمع، لمنع تنفيذ أي مخطط، أو محاولات لمصادرة ممتلكات المسيحيين فى القدس، والتي تحظى بالاهتمام والرعاية نفسها التي يوليهما جلالة الملك للمقدسات الإسلامية في القدس.

وشكل كشف التقارب بين الاردن ومصر والعراق، وعقد اجتماعات على مستوى الزعماء وكبار المسؤوليين في الدول الثلاث، إطاراً مرجعياً لرفع وتيرة التعاون الذي تعززه رؤية القادة، وتكثيف العمل بما يخدم القضايا العربية في إطار التحرك العربي المشترك.

وتتمحور اهداف الدول الثلاث؛ حول أهمية تنسيق المواقف في المحافل الدولية والإقليمية، ورص الصفوف بعيدا عن التجاذبات الإقليمية الحالية، ومحاولة ترتيب ولم شمل البيت العربي مرة أخرى، في ظل ما يشهده الإقليم والمنطقة من فوضى، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وتمسك دولهم بمبادرة السلام العربية لحل القضية الفلسطينية، وتفعيل الدور العربي في سورية، ودعم العراق وليبيا، وأهمية التوصل لحلول سياسية تتيح استعادة هذه الدول لاستقرارها، والحفاظ على سيادتها والقضاء على تهديد الإرهاب فيها.

قد يعجبك ايضا