دعوات لحماية المنظومة الصحية في المملكة
المرفأ..: حذر أطباء متخصصون من ان الارتفاع الكبير والملحوظ في إشغال أسرة «العناية الحثيثة» المخصصة لاستقبال مرضى فيروس «كورونا» المستجد والتي وصلت لمستويات كبيرة، مما يدل على بداية الضغط على المنظومة الصحية في المملكة.
وفي الوقت الذي تشهد فيه المملكة ارتفاعا كبيرا لإصابات ووفيات «كورونا» وانتشار الطفرات الجديدة للفيروس (سيما البريطانية)، أكدوا في تصريحات له على ضرورة ان تقوم الحكومة باتخاذ اجراءات سريعة لحماية المنظومة الصحية، لتبقى قادرة على القيام بعملها، خصوصا ان هناك اعتلالا كبيرا في توزيع الخدمات الصحية على الأطراف في المحافظات، ونقصا في الإمكانيات الصحية فيها على حد قولهم.
الاختصاصي وخبير الوبائيات الدكتور عبد الرحمن المعاني قال ان «ارتفاع نسبة إشغال اسرة (العناية) تعكس الواقع الوبائي بالمملكة، وارتفاع عدد الإصابات بشكل يومي، بسبب انتشار الطفرات المتحورة والتي تتميز بسرعة نقل العدوى».
واضاف ان «على ارض الواقع هناك ارتفاعا في أعداد الوفيات والحالات المرضية، حيث ان صفات الفيروس تغيرت، وانتشرت الطفرات البريطانية والبرازيلية وجنوب الأفريقية، ما يتطلب من المختبرات المختصة ضرورة تحليل نوعية الفيروسات وشيفرتها الجينية في الأردن».
واعتبر انه «اذا استمرت المؤشرات الوبائية في الارتفاع، فإن ذلك من شأنه الضغط على المنظومة الصحية، ويستدعي اتخاذ اجراءات سريعة لتدارك هذا الأمر».
ودعا الى ان «تقوم المستشفيات الميدانية بدورها»، إذ انه وفق المعاني «هناك عدد منها لا تقوم بعملها، وبعضها مغلق، بسبب أعطال البنية التحتية، كخزانات الأكسجين غير العاملة، وشبكة توصيل الأكسجين أيضا، ناهيك عن الكوادر غير المفعلة فيها».
وحسب المعاني فإن «مستشفى معان الحكومي مغلق حاليا، ولا يستقبل المرضى فيه، بسبب الأعطال فيه من خزانات وشبكات الاكسجين غير العاملة، علما ان وزارة الصحة عينت على كادر المستشفى حوالي 537 موظفاً تم توزيعهم على مستشفيات أخرى».
وفيما يخص حملة التطعيم، طالب «إضافة مؤشرات تتعلق بالمطاعيم في الإيجاز الصحفي اليومي لوزارة الصحة، من حيث عدد الأشخاص الذين تلقوا التطعيم يوميا، او العدد التراكمي في مراكز التطعيم الموجودة في جميع محافظات المملكة، وعدد جرعات اللقاح المتوفرة، وعدد المستنكفين عن التطعيم الذين سجلوا في المنصة، لإعطاء المؤشرات الحقيقية حول مدى إقبال المواطنين على أخذ اللقاح، للقيام بحملة وطنية لتشجيع ورفع الوعي الصحي وتبديد المخاف لديهم وفعالية المطاعيم».
من جهته قال أخصائي الأمراض الصدرية والعناية الحثيثة الدكتور محمد حسن الطراونة ان «هناك ارتفاعا كبيرا وملحوظا في إشغال الأسرة بالمستشفيات العامة والخاصة، حيث تشهد أقسم الطوارئ والإسعاف والعزل والعناية الحثيثة ازدحاما، ما يدل بداية الضغط على المنظومة الصحية في المملكة، فهناك ارتفاعا في المستشفيات نتيجة حالات الالتهاب الرئوي الناشئة عن الاصابة بالفيروس، خاصة ان 85% من هذه الإصابات هي متحورة وتستبدل الفيروس الأصلي».
وحض «الحكومة على اتخاذ الاجراءات اللازمة والسريعة لإبطاء سرعة انتشار الفيروس المتحور، لحماية المنظومة الصحية والحفاظ عليها لتقوم بعملها، مشيرا الى ان المنظومة الصحية ليست فقط من أجل (كورونا)، فهناك أمراض مزمنة اخرى كالكلى ورعاية الحوامل والسكري وغيرها، وذلك من خلال خطة مدروسة لتوزيع الخدمات الصحية والكوادر».
واعتبر الطراونة ان «هناك اعتلالاء كبيرا في توزيع الخدمات الصحية على الأطراف وفي المحافظات، من حيث الكوادر او الإمكانيات الصحية، مطالبا المسؤولين بالقيام بدورهم ميدانيا والاطلاع على الواقع».
ونوه الى ان «محافظات الجنوب تعاني من نقص كبير بالاختصاصات الطبية كالباطنية والصدرية والقلب والتخدير ومتابعة الحالات المدخلة للعناية الحثيثة»، مؤكدا ان أهم «نقطة في الرعاية الصحية تخفيض اعداد الوفيات، من خلال كوادر مدربة وذوي خبرة في التعامل مع الحالات الحرجة، وقوة الدولة تكمن في تقليل أعداد الوفيات وليس الإصابات».
وفيما يتعلق بالموجة الجديدة للفيروس، أوضح الطراونة انه «حسب التقديرات فإن المملكة تمر في بداية الموجة الجديدة، فأول 4 اسابيع تستمر الإصابات بالتصاعد ثم تستقر»، متوقعا ان «تكون الموجة الحالية أعلى من السابق، بسبب سرعة انتشار الفيروس المتحور، بحيث من الممكن ان تصل نسبة الفحوصات الإيجابية الى 30% ثم تنخفض تدريجيا، إلا اذا وجدت مؤشرات قد تغير ذلك في حال ارتفعت وتيرة التلقيح»، مناديا الى «ضرورة إظهار عدد الذين تلقوا اللقاح يوميا في الإيجاز اليومي لورزارة الصحة، وزيادة الكوادر التي تعمل في حملة التلقيح لتسريع وت?رتها».
وأكد ان «التوزان ما بين الصحة والاقتصاد هو أمر صعب، وصحة المواطن تعتبر اولوية، وبالتالي يجب مراجعة الاجراءات للقطاعات ذات الاختطار العالي التي تشكل خطرا على الامن الصحي الأردني»، معتبرا ان «استمرار التعليم الوجاهي بالمدارس في خضم هذه الموجة قرار غير صائب، لأن الطفرات الجديدة تصيب الأطفال دون أعراض، وبالتالي نقل العدوى لأسرهم، إذ نشهد حاليا ارتفاع الإصابات بينهم».