خبراء: أمر الدفاع 28 لم يوفر حلولا ولا يحمي الحقوق

250
المرفأ…. مع التأكيد على أهمية اتخاذ خطوة نحو وقف حبس المدين المتعثر، باعتبار الاستمرار في تطبيقه انتهاكا لحقوق الانسان، لكن قانونيين قالوا إن الامر الذي يحمل رقم (28) لم يوفر حلا لإشكالية الدائن والمدين، بل تسبب بتعميق الاشكالية.
ولفت هؤلاء الى ان الامر (28) لم يلغ حبس المدين، بل أجل الحبس حتى نهاية العام، وبالتالي فهو يشكل تأجيلا للمشكلة لا حلا لها، فيما يخص المدين المتعثر غير القادر على السداد، ومن جهة أخرى؛ فإنه لم يوفر أي ضمانات او حماية للدائن في حالة اذا كان الدائن مقتدرا لكنه متهرب عن السداد.
ويرى هؤلاء أن معالجة اشكالية حبس المدين، تتطلب الاسراع باجراءات تعديل قانون التنفيذ واقراراه من مجلس النواب، بحيث يمنع حبس المدين المتعثر وفي الوقت ذاته يوفر ضمانات للدائنين، إما الى حين اقرار القانون، فرأوا ان الامر كان يجب ابقاؤه مقتصرا على توجيهات المجلس القضائي، بالابتعاد عن حبس المدين وتطبيقه في اضيق الحدود على الفئات المتهربة دون اصدار امر دفاع.
وينص الامر (28) على توقيف قرارات حبس المدين الصادرة وفق قانون التنفيذ، بموجب المادة (22) ووقف تنفيذ الاحكام الجزائية المتعلقة بشيك لا يقابلة رصيد، وفق المادة (421) من قانون العقوبات حتى نهاية العام.
ويتيح الامر الاستمرار بإجراءات التقاضي، وطلب تثبيت الحقوق بين الدائن والمدين، دون تنفيذ إجراءات الحبس بحقّ المدين، حتّى تاريخ نهاية العام الحالي، مع التأكيد على منع المدين من السفر لحين قضاء الدّين.
وفي هذا السياق، قال استاذ القانون الدولي بجامعة الاسراء ايمن هلسة إن الأمر (28) “لم يلغ حبس المدين بل عطل تنفيذ احكام القانون المعنية بالموضوع، وسنعود لحبس المدين بمجرد الغاء هذه الامر، أو إيقاف العمل بقانون الدفاع”.
وأضاف هلسة إن “موقف العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من حبس المدين واضح، إذ لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي. وبذلك تكون المادة (22) من قانون التنفيذ رقم 25 لسنة 2007 التي تجيز حبس المدين لمدة لا تتجاوز 90 يوما في العام الواحد عن الدين الواحد، بمعنى انه يمكن حبس المدين لأكثر من ذلك اذا كان هناك اكثر من دين، حتى لو كنا امام الدائن نفسه، مخالفة للالتزامات الدولية للأردن”.
وتابع أن “النص بشكله الحالي مخالف لالتزام دولي، للقضاء على اشكال العبودية الحديثة، ويمكن ان يحمل الدولة المسؤولية الدولية، لكن في الوقت نفسه، فإن النظام الائتماني (الشعبي) في الأردن، قائم على حبس المدين باعتباره الضمانة الأساسية لتحصيل الديون، بخاصة بين فئة صغار التجار، واعتماد غالبية الأردنيين على الأقساط في حياتهم اليومية. وبالتالي، فأي جهود لإعادة النظر بحبس المدين، لا بد وان تكون متأنية، مع دراسة عواقبها والتشاور مع أصحاب المصلحة مع وجود بدائل فعالة، كالقضاء المستعجل لتحصيل الديون، أو إجراءات فعالة ضد المدين التي لا ترقى لحجز الحرية، لكن يبدو أن الاتجاه يسير نحو تقليص الحالات التي يجوز فيها المدين وليس الغائه”.
من ناحيتها تتفق مديرة مركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبدالعزيز مع هلسه في الرأي، وقالت إن “الاصل عدم حبس المدين المتعثر لعدم قدرته على السداد”، لكنها ترى في ان الامر (28) لم يوفر حلا لهذه الاشكالية.
وأضافت “فضلا عن ان حبس المدين المتعثر مخالف للالتزامات الاردن، وفق الاتفاقيات الدولية، فإننا حاليا وفي ظل ازمة كورونا، بحاجة لتخفيف الاكتظاظ داخل السجون، اي ان القرار ايضا مصلحة صحية”.
ولكن عبدالعزيز تستغرب اللجوء لإصدار الامر للتعامل مع هذه القضية، وتبين أن “المجلس القضائي كان قد عمم بالابتعاد عن حبس المدين، والتعامل معه في اضيق الحدود، وهذا كان يوفر مجالا وسلطة تقديرية للقاضي، للتعامل مع الحالات التي يكون بها المدين متهربا، لكن في ظل الامر، لم يعد هناك صلاحيات تقديرية للقاضي، وبالتالي حتى لو كان لدى القاضي قناعة بان المدين متهرب وليس متعثرا، فلا يستيطع اتخاذ اي خطوات كالتسوية او المصالحة.
وكان المجلس أصدر قرار أواخر آذار (مارس) الماضي، يتضمن “تأجيل حبس المدين لمن يقل مجموع ديونه عن 100 ألف دينار مع منعه من السفر”، مستندا على مبرر صحي يتعلق بضرورات الحد من الاكتظاظ في السجون، وفي فترة تحول مؤسسات عدة وأفراد الى متعثرين ماليا، نتيجة توقف أو تأثر أعمالهم خلال تداعيات الجائحة.
وتابعت “اغفل الامر هذه التفاصيل والجوانب المهمة في ضمان الحقوق وتحقيق الموازنة بين حقوق الدائن والمدنين”.
ولفتت عبدالعزيز الى أن قانون التنفيذ حاليا، قيد المراجعة وبالتالي فالمطلوب عوضا عن اصدار الامر، أن يجري الاسراع بالخروج بقانون يوازن في الحقوق ويضمنها دون حبس المدين، والاستمرار بعمل تعميم المجلس دون اللجوء للامر.
وكان وزير العدل السابق بسام التلهوني، اعلن الشهر الماضي تشكيل لجنة خاصة لمراجعة قانون التنفيذ بما يكفل الوصول لتحقيق العدالة للجميع، وبحسب التلهوني فإن هذه المراجعة تنطلق من مبدأ أساسي وأصيل، وهو الحفاظ على حقوق الدائنين وحماية المدينين، وهي معادلة مهمة تنتهي نتائجها بسيادة القانون وحماية الحقوق.
من ناحيتها، قالت المحامية نور الامام إن الأمر، حرم من ضمانة قانونية دون توفير بديل، اذ جاء ليحرم الدائن من ضمانة قانونية، كانت متوافرة له، ولم توفر له البديل لتحصيل حقه من المدين الذي يتهرب من اداء الدين.
وزادت انه “حمى طرفا على حساب آخر، وقد يكون هذا الطرف الذي حماه امر الدفاع محتال وخبير في التهرب من اداء الحقوق، وهذا ما نخبره كمحامين”.
وتابعت “هذا الامر سينعكس على الاقتصاد الوطني والتعاملات اليومية بين الافراد، وعلى الثقة بالقضاء لتحصيل الحقوق”، معتبرة اذا كانت الظروف الاقتصادية هي المبرر لاصدار هذا الامر، فانه لا يحقق عدالة.
وأضافت “فلتتحمل الحكومة تسديد الديون لشخص امضى أعواما امام المحاكم لتحصيل حقه ودفع الرسوم واتعاب المحاماة”، مبينة ان السؤال يبقى في ظل هذه الظروف الاقتصادية التي كانت مبررا لاصدار الامر: هل تلغي الحكومة ديونها عن كاهل المواطنين تقديرا لهذه الظروف؟ وهل ستسامحنا من أداء الضرائب او رسوم المحاكم لإقامة الدعاوى وتحصيل الحقوق؟

قد يعجبك ايضا