“الشيغيلا” تفتح ملف المياه العادمة وتوقعات بتلوث مصدر مائي

231
المرفأ : أثار إعلان وزارة الصحة عن وجود تعدد في مصادر تلوث المياه في منطقة جرش أدى لانتشار بكتيريا “الشيجيلا”، تساؤلات حول مدى متابعة تفحص مياه السدود من خلال وزارة المياه والري والجهات العلمية البحثية المتخصصة بالفحوصات، سيما وأن أحد مسببات الإصابات التي حصرتها “الصحة” تمثلت في سيل الزرقاء المغذي بدوره سد الملك طلال.
وفيما تطرح هذه التساؤلات المتعددة خلال أزمة “الشيجيلا”، حاولت “الغد” مرارا الاتصال بوزارة المياه والري بغية استيضاح تفاصيل دورية فحوصات المياه المتوفرة في السدود، حتى وإن كانت استخداماتها زراعية، إلا أن “المياه” لم تستجب لأي اتصالات هاتفية.
ومن المعروف إجرائيا، من خلال وزارة المياه والري، وعلى مدار سنوات عملها، فإن مياه السدود تخضع للتحاليل الدورية التي تنتج عنها التقارير الدورية، ولا تنحصر فقط عند هذا الحد، إنما من خلال فحوصات وزارة البيئة، ومن خلال عقود ترتبط بين كل من وزارتي المياه والبيئة بالرقابة والفحص، بالإضافة للدور الرئيسي الذي تقوم به مديرية صحة البيئة في وزارة الصحة.
ورغم أن مياه سد الملك طلال صالحة للزراعة فقط، فإن المخاوف والتساؤلات تكمن حول الرقابة على تلك المنطقة والزراعات غير القانونية على مجرى سيل الزرقاء، والتي يجب أن تتم إزالتها كما كان يجري سابقا من قبل وزارة الزراعة.
وتحوم المخاوف حول إمكانية حصول وتناول أي شخص لأي نوع من المزروعات الموجودة والمتاحة على مجرى سيل الزرقاء والمروية من مياهه، وبالتالي يتم تسجيل الإصابة وانتشارها عبر العدوى.
إلا أن مختلف هذه التفاصيل لا تزال قيد التحقق من مختلف

الجهات الرسمية، وبانتظار التقرير الشمولي النهائي الذي يفترض أن يجمع سائر المؤسسات المعنية بالفحص والرقابة في المملكة.
من جهتها، أعلنت وزارة الصحة أنّه تم تحديد ثلاثة مصادر للتلوث في قرية جبة بمحافظة جرش، من خلال فحوصات المياه المتخصصة التي أجرتها مديرية صحة البيئة في الوزارة، والمأخوذة من مصادر المياه القريبة للقرية، وهي سيل الزرقاء، وأحد المسابح الخاصة في المنطقة، بالإضافة الى أحد خزانات المياه في إحدى مدارس القرية.
وأوضحت الوزارة الصحة في بيان أصدرته أمس، أنها قامت بإغلاق هذه المصادر، وقررت الاستمرار في أخذ العينات من المصادر المحتملة للعدوى في المحافظة، وإجراء الفحوصات اللازمة لاستكشاف أي مصادر عدوى أخرى بالتعاون مع شركاء الوزارة الاستراتيجيين في هذا المجال.
كما بينت أن نتائج الفحوصات الأولية التي تم اجراؤها للعينات المائية، والتي تم أخذها من بلدة خربة الوهادنة في عجلون، أثبتت وجود تلوث في بعض محطات تحلية المياه الخاصة في البلدة والتي تم إغلاقها مسبقا كإجراء احترازي.
وأظهرت فحوصات المياه المتخصصة التي أجرتها مديرية صحة البيئة في وزارة الصحة، والمأخوذة من مصادر المياه القريبة لقرية جبة، أن سيل الزرقاء كان أحد مصادر التلوث التي أدت الى الإصابات بجرثومة شيجيلا في محافظة جرش.
ويغذي سيل الزرقاء سد الملك طلال، الذي يغذي مناطق الأغوار كافة لري المزروعات فيها، ولا تستخدم مياهه للشرب، بل لري المزروعات فقط، وهو ما أثار تساؤلات عدة حول دقة ونوعية ودورية الفحوصات الخاصة بوزارة المياه

ويصل طول مجرى نهر الزرقاء، ابتداء من رأس العين في العاصمة عمان وانتهاء بسد الملك طلال في جرش، لنحو 73 كيلومترا، في حين تزداد على جانبيه، أنشطة مختلفة من صناعة وتجارة وزراعة.
وأبدت المختصة في نوعية المياه المهندسة سوزان الكيلاني، تخوفها ، من عدم تحديد مصدر بكتيريا “الشيجيلا”، حتى الوقت الراهن، وقلقها من غياب الجهد المشترك بين الجهات المعنية، وضرورة الوصول إليها بالسرعة الممكنة نظرا لتسارع انتشارها وخطورتها، بالإضافة للإعلان عن تلك النتائج بمنتهى الشفافية.
واستبعدت الكيلاني أن تكون مسببات هذه البكتيريا شبكات المياه العامة، مرجحة أن يكون السبب الغذاء أو مياه الصهاريج الخاصة غير المراقبة.
وأكدت ضرورة إجراء تقصي وتحر مستفيض من قبل المرضى أنفسهم على الغذاء أو ممارساتهم الخاصة من سباحة في مصادر مياه ملوثة، خلال الفترة التي سبقت المرض للوصول إلى ماهية المصدر المشترك ما بين جميع المرضى.
وقالت الكيلاني، مستشارة وزير المياه والري الأسبق والمسؤولة سابقا عن نوعية المياه في مختبرات وزارة المياه والري – سلطة المياه، إنها وخلال عملها في السلطة، كانت الإجراءات تتمثل أولا، في تشكيل فريق مشترك من وزارة المياه / سلطة المياه وشركائها من جهة، ووزارة الصحة / الرعاية الصحية وصحة البيئة من جهة أخرى.
وأوضحت أن التحري يكون بشكل مشترك لدى ظهور حالات مرضية فوق الحد الطبيعي.
وبينت أن الإجراء الثاني يتم عندما يكون المشتبه الأول المياه العامة، وهو في هذه الحالة غير وارد للأسباب التي سيتم ذكرها لاحقا، لا سيما وأنها مصدر مشترك

لابناء المنطقة الواحدة، والغذاء، (ويشمل المياه المعبأة كونه يتم تداولها كغذاء مثل العصير ومياه الصهاريج الخاصة)، حيث يتم التحري الشامل من شبكة المياه الى خزانات المواطنين الى نظام تزويد المياه داخل المدارس والاماكن العامة، وكذلك يتم التقصي من المرضى انفسهم عن كل ما تناولوه من غذاء وحلويات وفاكهة وعصائر ومثلجات خلال الايام الماضية قبل وخلال فترة حضانة المرض.
أما ثالثا، عندما تظهر بؤر جديدة للمرض لا تشترك بمصادر المياه العامة نفسها كما هي وضع الأزمة حاليا، في كل من جرش وعجلون، وكل له مصادره من المياه، فيتم استبعاد هذا النوع من المياه، مع بقاء الرقابة.
أما النقطة الرابعة التي نوهت إليها الكيلاني، فهي معلومة علمية، موضحة أن المياه لا تصبح ممرضة إلا في حال كانت ملوثة بدرجة كبيرة، حيث لا يمكن للإنسان الطبيعي أن يتمكن من شرب هذه المياه قبل أن تصده رائحتها ولونها.
وأشارت إلى ضرورة التقصي حول الغذاء في قضية الشيجيلا، والتحري عن مصدر المياه داخل المدرسة، والتي قد يكون مصدرها من خلال الصهاريج غير المراقبة التي تقع الرقابة عليها، على عاتق وزارة الصحة، إلى جانب التحري عن الشبكة الداخلية في المدرسة، بحيث لا يكون هناك اختلاط بين مياه الشرب ومياه الصرف الصحي، وهنا تقع المسؤولية على عاتق الصحة المدرسية بإشراف وزارة الصحة.
وكانت اللجنة الوطنية لمكافحة الأوبئة عقدت اجتماعا طارئا لمناقشة ملفي الوضع الوبائي وارتفاعات الاصابات في كورونا التي وصلت النسبة الايجابية لها حتى أمس الى 4.88 % من جهة، واصابات الشيجيلا التي تكتسح مناطق جرش وعجلون من دون اي تفسير لأعداد الاصابات ونتائج الفحوصات حتى ذلك الوقت وبحسب تصريحات سابقة لعضو في اللجنة فإن اللجنة تناقش هذين الملفين للوصول الى توصيات ورفعها الى الحكومة، من خلال رئيس اللجنة وزير الصحة فراس هواري، والوقوف على تداعيات هذين الملفين والواقع الوبائي وحالات الرصد والفحوصات التي أجريت بهذا الخصوص.

قد يعجبك ايضا