إشغال دور المسنين يرتفع إلى 66 %
المرفأ: فيما حذرت دراسة تتعلق بتمكين كبار السن، من أن نقص الموارد المالية لدور رعاية المسنين يعد عاملا حاسما في عدم تمكن تلك الدور من توفير البيئة الداعمة والكوادر البشرية اللازمة لها، كشفت أيضا عن زيادة لافتة في نسبة نزلاء هذه الدور من المسنين حيث ارتفعت 15 بالمائة في 5 سنوات.
ولمواجهة هذا التحدي دعت الدراسة التي حملت عنوان “تقييم دور رعاية كبار السن”، والتي أعدها المجلس الوطني لشؤون الأسرة عن العام 2021 الحالي، إلى إعادة النظر بنسبة الضريبة التي تتحملها دور المسنين في القطاع الخاص، والبالغة 20 بالمائة من صافي الدخل، ورفع سقف بدل شراء الخدمة للمسنين والذي يتم عن طريق وزارة التنمية الاجتماعية.
ولفتت الدراسة الى الارتفاع في نسبة إشغال دور كبار السن لتصل الى 66 % مقارنة مع 49 بالمائة في 2016، وهو ما عزته الدراسة الى تغيرات ترتبط بالزيادة الديموغرافية وأخرى تتعلق بتغير الأنماط الاجتماعية، اذ بلغ عدد كبار السن المقيمين في دور المسنين 355 منهم 183 إناثا و172 ذكورا.
وفي هذا الصدد، قال الامين العام للمجلس الوطني لشؤون الاسرة الدكتور محمد مقدادي خلال حفل اطلاق الدراسة أمس إن “المجلس قام من خلال الدراسة برصد سائر احتياجات الدور، لافتا الى البدء بمخاطبة الجهات المعنية بغية التعاون في تلبيتها.
وأضاف أن ثمة “تحديات كثيرة تواجه العاملين في الدور الرعاية الايوائية، وتقديم الخدمة لهم على أكمل وجه؛ لكننا لمسنا من خلال زياراتنا لهذه الدور تجلي الجانب الإنساني في أسلوب تعامل الكوادر
العاملة مع المُسنين، على الرغم من صعوبة الحالات الصحية والنفسية للغالبية العظمى من المُسنين. وهذا إن دّل على شيء فإنه يدل على الاهتمام الكبير بهذه الفئة وعلى سائر المستويات”.
ولفت الى ان الدراسة جاءت من باب اهتمام المجلس الوطني لشؤون الأسرة بأهمية توفير الرعاية والعناية لسائر شرائح كبار السن؛ وجاءت مبادرته هذا العام بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان ووزارة التنمية الاجتماعية واللجنة الوطنية لكبار السن؛ لرصد الاحتياجات والخدمات المقدمة للمسنين في دور الرعاية الايوائية، والوقوف على التحديات التي تواجه هذه الدُور في تأدية رسالتها تجاه فئة المُسنين المُقيمين لديها، والبالغ عددها (9) دُور موزعة ضمن (4) محافظات (العاصمة عمان، البلقاء، إربد، الزرقاء)، وبواقع خمس دُور رعاية ضمن القطاع التطوعي، وأربع ضمن القطاع الخاص.
واوضح ان عملية التقييم استندت إلى منهجية منسجمة مع المُمارسات والتجارب الدولية الفُضلى في رعاية الشيخوخة، علاوة على ما كرسه الدستور الأردني بشأن حماية الشيخوخة، وما نصت عليه التشريعات والمعايير المحلية بهذا الشأن.
واكد ان نتائج التقييم التي أسفرت عنها مخرجات هذه الدراسة ليست بالضرورة أن تعكس قصورًا في تلبية الخدمات الخاصة بالمُسنين، بل إن نقص الموارد المالية بشكل عام كان عاملاً حاسماً في عدم تمكن هذه الدور من دعم خدماتها بالكوادر البشرية والاختصاصيين اللازمين من جهة، وعدم تمكنها من توفير البيئة اللوجستية الداعمة وصيانة مرافق الدار من جهة أخرى، علاوة على محدودية قدرة الدُور العاملة في القطاع الخاص على إقامة الشراكات مع الجهات
الرسمية وغير الرسمية.
ولفت مقداد الى استجابة الهيئة الخيرية الهاشمية لتقديم بعض المتطلبات لهذه الدور، خصوصا طرود الخير.
اما بالنسبة للكوادر العاملة في الدور، وتوصيات الدراسة، فقال: “يعرض مديرو الدور كواردهم احيانًا للمخاطر اثناء تأديتهم لعملهم؛ وسيتم التنسيق مع مؤسسة الضمان الاجتماعي وهي احدى أعضاء اللجنة الوطنية لكبار السن بهذا الخصوص لإمكانية اعتبارها من المهن الخطرة، كما سيتم العمل على رفع قدرات العاملين في هذه الدور من خلال إعداد دليل اجرائي للتعامل مع المسنين”.
من جانبه قال مدير مكتب صندوق الأمم المتحدة السكان بشتا مرابط إن الصندوق يدعم السياسات الوطنية لإدماج كبار السن، بما في ذلك توفير الحماية الاجتماعية لهم، لافتا إلى دعم الصندوق لإعداد استراتيجية كبار السن ودعم المراجعة النصفية لها، فيما أكد دعم الصندوق لهذه السياسات الدامجة والتوصيات الصادرة عن الدراسة والاستراتيجية.
بدوره، أكد مساعد امين عام الهيئة الخيرية الهاشمية محمد الكيلاني نهج الصندوق القائم على العمل التكاملي والتشاركي مع مؤسسات المجتمع المدني وتقديم الهيئة الإسناد والدعم لمؤسسات المجتمع المدني العاملة في هذا المجال.
من ناحيتها، قدمت خبيرة الدراسة الدكتورة أروى النجداوي أبرز نتائج وتوصيات الدراسة، اذ بينت النتائج وجود افتقار إلى معظم الدور للكوادر البشرية المتخصصة والمتفرغة للعمل في الدار، وتحديدا الأطباء والممرضين والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين، وربما كان ذلك عاملا حاسما في انخفاض تقييم بعض دور الرعاية في القطاع الخاص.
كما أكدت جميع الدور بأن قضية التمويل من أبرز التحديات التي تؤدي إلى إعاقة عملها، وهذا يؤثر بدوره على الجوانب الفنية والإدارية وكفاءة وفاعلية الخدمات المقدمة والترويج لخدمات الدار واستقطاب الموظفين.
ولفتت النتائج الى المشاكل الأسرية المتعلقة بالمُسنين المُقيمين في الدار ومحاولة حلها من منطلق تعزيز الروابط الاجتماعية بين المُسن وأهله، مشيرة الى اشكالية عدم القدرة على توفير التأمين الصحي للعاملين في سائر دُور رعاية المُسنين.
ومن التحديات بالغة الأهمية التي يواجهها مقدمو الخدمة الضغوط النفسية والمخاطر التي يتعرضون لها بين الحين والآخر، جراء التعامل مع الكثير من المُسنين الذين لديهم مشاكل نفسية تؤدي إلى سلوكيات غير سوية.
وقالت الدراسة ان الرعاية والعناية التي توفرها الدور للمنتفعين على مستوى عال مقارنة مع الوضع المعيشي والحياتي السابق لهؤلاء، كما بينت النتائج تجلي الجانب الإنساني في أسلوب تعامل الكوادر العاملة مع المُسنين.
وأوصت برفع بدل سقف شراء الخدمة للمسنين الذين يتم شراء خدماتهم عن طريق وزارة التنمية الاجتماعية لتصبح 300 دينار شهريا.
كما أوصت بتعميم شراء خدمات الرعاية الإيوائية للمُسنين من سائر الدُور وعدم اقتصارها على 4 فقط، وذلك انسجاما مع النهج الحكومي في تحقيق العدالة وتوفير التكاليف المالية التي تتحملها هذه الدُور وخاصة في القطاع الخاص.
ودعت الى إنشاء مركز تدريب متخصص في رعاية المُسنين ورفده بالكوادر التعليمية المؤهلة ليكون نقطة انطلاق نحو توفير خدمات الرعاية المنزلية مستقبلا، وعلى أساس التطوع، داعية
الى تنفيذ برامج تدريبية للكوادر العاملة في الدور الرعاية على اجراءات ادارة الحالة للتعامل مع الحالات النفسية والاجتماعية للمُسنين.
وأوصت بتقديم التسهيلات والدعم اللازم لبعض دُور الرعاية لتمكينها من الربط بشبكة الصرف الصحي وتقديم الدعم لجميع دُور رعاية المُسنين لتركيب نظام خلايا الطاقة الشمسية، من أجل توفير التكاليف المالية التي تتحملها هذه الدُور، اضافة الى إعادة النظر في نسبة الضريبة التي تتحملها دور المسنين في القطاع الخاص، والبالغة 20 بالمائة من صافي الدخل.
كما دعت الى إعادة النظر في تعرفة فواتير الكهرباء والماء المفروضة على دُور الرعاية واحتسابها على أساس التعرفة المنزلية، والتنسيب لمؤسسة الضمان الاجتماعي لدراسة وضع الكوادر العاملة في دُور الرعاية من حيث انطباق معايير المهن الخطرة عليهم.
وحثت على تعزيز التعاون والتنسيق بين المراكز الصحية ودُور رعاية المُسنين من حيث الالتزام بالزيارات التفقدية من قبل الطبيب والممرضة والطبيب النفسي، وفق ما نص عليه قرار رئاسة الوزراء وتعليمات الوزارة وتوفير التأمين الصحي للعاملين في جميع الدُور في الأردن التي أعدها المجلس الوطني لشؤون الأسرة.
ودعت الى توفير التأمين الصحي للعاملين في سائر دُور الرعاية في المراكز الصحية ومستشفيات وزارة الصحة ما داموا على رأس عملهم، حيث ان مثل هذا الإجراء سيساعد في تحقيق الاستقرار الوظيفي للعاملين.