الوافدين يحولون٦٢% من أجورهم للخارج

280
المرفأ..: كشف استبيان تناول أنماط إنفاق العاملين الوافدين والأردنيين في المناطق الصناعية المؤهلة، أن 62 % من العمال الوافدين يرسلون أجورهم إلى بلادهم، حيث يسحبون أولا اجورهم ومن ثم يقومون بإرسال جزء منها، في حين أشار 83 بالمائة إلى أنّهم يجمعون أموالهم مع عاملين آخرين ويُرسلونها من خلال حوالة خارجيّة واحدة، على الأقل من حين إلى آخر.
وقال الاستبيان الذي جاء ضمن تقرير أعده برنامج عمل أفضل في الأردن التابع لمنظمة العمل الدولية وحمل عنوان “الأجور الرقميّة المسؤولة لتعزيز العمل اللائق في الأردن”، أن أكثر من ثلثي القوى العاملة في قطاع صناعة الألبسة في الأردن يتلقون الأجور نقدا شهريا، مما قد يكلف المصنع الواحد منها نحو 1,000 دينار أردني شهريا في عملية الصرف.
ويدعو التقرير الى تبني الأردن أجندة رقمنة الأجور للعاملين في المناطق الصناعية المؤهلة، مؤكدا ان من شأن ذلك أن يعزز العمل اللائق والنمو الاقتصادي، حيث ان توسيع نطاق رقمنة الأجور المسؤولة من شأنه حماية العمالة وتمكينها ماليا، لا سيما النساء والعمالة المهاجرة.
وقال التقرير: “دفع الأجور رقميا يمنح الشركات فرصا لتحسين الإنتاجية، والكفاءة، والشفافية، وهو خطوة مهمة نحو زيادة استخدام الحسابات المالية، وتعزيز القدرة المالية، خاصة للنساء اللواتي يشكلن 73 % من القوى العاملة في قطاع صناعة الألبسة في الأردن”.
وشارك في الاستبيان 127 عاملا وعاملة، وبينت النتائج أن أغلب العاملين الوافدين ينفقون أجورهم على خدمات الهاتف النقال والإنترنت، وُيرسلون الحوالات المالية الى أوطانهم.

وقال الاستبيان: “قد تؤثر الاختلافات في الخبرة الرقمية أو المالية بين الرجال والنساء أيضًا على مدى ارتياحهم للأجور الرقمية. وتفتقر بعض النساء اللواتي شملهنّ الاستطلاع إلى الوصول إلى أي نوع من الهواتف النقالة، وبعضهن ليس لديهن حساب مصرفي أو محفظة إلكترونية”.
ويؤكد أن ملكية الهواتف الذكية قد تؤدي إلى تحسين تجربة العاملين مع الأجور الرقمية وتشجيعهم على استخدام المدفوعات الرقمية للمشتريات أو الحوالات، مبينا ان 58 بالمائة من العاملين الوافدين يمتلكون هاتفا ذكيا، لكن 31 بالمائة فقط منهم حصلوا على رواتبهم من خلال الوسائل الرقمية مقارنة بـ69 بالمائة من العاملين الأردنيين. وترتفع احتمالية امتلاك الحسابات البنكيّة لدى العاملين الوافدين لتصل 87 بالمائة مقارنةً بالمحفظة الإلكترونية التي وصلت الى 13 بالمائة.
وقال الاستبيان: “تبين أنّ العاملين الذين شملهم الاستبيان لديهم فهم محدود لتطبيقات الدفع الرقمية، ويقلق العاملون الوافدون على وجه الخصوص من الاضطرار إلى الاعتماد على الآخرين للاستفادة من التطبيقات بشكل فعّال، لأن مشاركة معلوماتهم الشخصيّة قد يُعرّضهم للاحتيال، كما يشعرون بالقلق من تأخير معاملاتهم في حال عدم تمكّنهم من تحديد شخص يمكنه مساعدتهم على الفور”.
ولفت الى ان 9 بالمائة فقط من العاملين الوافدين الذين شملهم الاستطلاع يتكلّمون العربيّة، و4 بالمائة الإنجليزيّة، ويحتاج هؤلاء العاملون إلى تعليمات ورسائل نصيّة، وتطبيقات وخدمات وكلاء، وخدمة عملاء بلغاتهم الأصلية (الهندية، والبنغالية، والسنهالية، وما إلى ذلك).

واكد توفّر فرص قليلة جدًا للعاملين لاستخدام محافظهم الإلكترونية لدفع ثمن السلع والخدمات في الأردن، حيث يميل الأردنيون لاستخدام الأجور لدفع الإيجار، وفواتير الكهرباء والمياه والغذاء، والنقل في ظلّ غياب مجموعة فاعلة من التجار الذين يقبلون المدفوعات الرقمية، ولذلك تبقى المحافظ الإلكترونية ذات فائدة محدودة للعاملين، ما يعزّز توجّه السحب النقدي الحالي لديهم.
وللتغلب على هذا التحدي، يقترح الاستبيان أن يتعاون مقدّمو الخدمات المالية مع الحكومة للتغلب على العوائق الأساسية، مثل المعاملات الورقية والتراخيص لقبول المدفوعات النقدية، ويمكنهم أيضًا من تطوير الظروف والمبادرات الملائمة لتشجيع أكبر مجموعة من مقدّمي الخدمات على قبول جميع أشكال المدفوعات الرقمية، من ضمنهم مقدّمو الطعام، والسلع الاستهلاكية الصغيرة، وخدمات النقل، واتصالات الهاتف النقال، والإنترت.
ولتحقيق ذلك، يوصي الاستبيان بتقديم المساعدة للتغلب على المفاهيم السلبية بين التجار حول قبول المدفوعات الرقمية، بما في ذلك المخاوف بشأن حماية البيانات والآثار الضريبية، مؤكدا انه يمكن أن تلعب الحكومة دورًا أساسيًا في ذلك، وكذلك العمل مع مقدّمي خدمات الدفع من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن الشروط التجارية التي تسمح بالمعاملات القابلة للتشغيل المتبادل، ويلعب البنك المركزي الأردني دورًا أساسيًا في ذلك.
ودعا الى إطلاق حملات توعية موجهة للتجار ومقدّمي السلع والخدمات حول فوائد قبول المدفوعات الرقمية، ما يُساعد على زيادة استخدام المحافظ الإلكترونية، خاصة بين العاملين الأردنيّين، يرافقه دعم التجار وغيرهم في وضع الأنظمة اللازمة لقبول المدفوعات الرقمية ومساعدتهم على الاستثمار في وقت مبكر.

ولفت الاستبيان الى ان العديد من الشركات تنظر بإيجابية لرقمنة الأجور، لكن أغلبها تجد صعوبة في فهم جدوى عمليّة الانتقال على المديين المتوسّط والبعيد، للحصول على الفوائد طويلة الأجل للأجور الرقميّة، مبينا أنه يجب أن تأخذ الشركات في الاعتبار الاستثمار المُسبق والتكاليف الدورية على المدى القصير، والتي قد تزيد التكلفة الإجمالية للمصنع من خلال زيادة عدد اجهزة الصراف الآلي النقالة أو تركيب صراف آلي في المصنع.
وعلل ذلك بأن الفوائد طويلة الأجل تبدأ في الظهور مع تطور النظام البيئي، وانخفاض رسوم المعاملات، واعتماد العاملين على الحوالات المصرفية والمحافظ الإلكترونية بدلًا من النقد في جميع المعاملات.
وقال: “من أجل تخصيص موارد داخليّة للانتقال إلى الحلول الرقمية، على الشركات أن تنظر بعناية في جميع التكاليف المباشرة وغير المباشرة المخفية التي تتراكم عندما يتقاضى العاملون رواتبهم نقدًا، ومن المهم أن توضح الإدارة فوائد المدفوعات الرقمية وتقيسها، سواء كانت ملموسة أو غير ملموسة، فورية أو طويلة الأجل”
وبين أنه في الشركات الثلاث التي شملها الاستبيان، والتي تُمثّل 12 بالمائة من العاملين في قطاع الملابس في الأردن، كان متوسط التكلفة الشهرية لصرف الأجور نقدًا 1062 دينار أردني لكلّ شركة، ويُعادل ذلك أجور 4.4 عاملين في الشهر.
ووفّر الموظّفون الإداريّون في الشركات الثلاث التي شملها الاستبيان والتي تقوم بدفع الأجور رقميًا، 66 بالمائة من الوقت الذي يقضونه في صرف الأجور النقدية لدى تحويلها إلى الحسابات البنكيّة، و70 بالمئة من وقتهم عند تحويلها الى المحافظ الإلكترونية

كما وفّرت الشركات الثلاث أيضًا ما يُقارب 308 دنانير كلّ شهر عبر تقليل التكاليف المرتبطة بنقل النقود والتأمين عليها.
وحددت الشركات التي تمت مقابلتها فوائد غير ملموسة أخرى للأجور الرقمية، بما في ذلك قدر أكبر من الشفافية وحوكمة أفضل، فضلاً عن أمان أكبر وتقليل مخاطر فقدان النقود أو سرقتها، و”ستكون الوظائف المتزايدة لسوق الخدمات المالية الرقمية 2.0 الناضجة أكثر فعالية من حيث التكلفة للشركات وأكثر جاذبية للعاملين” بحسب الاستبيان.
ووفقًا للاستبيان، يدفع العاملون الوافدون أقلّ قدر ممكن من التكاليف محليًا، كما لا يدفعون بدل الإيجار أو فواتير الخدمات؛ ونفقاتهم الخاصّة بالطعام والمواصلات منخفضة للغاية لأن صاحب العمل يوفر لهم الإقامة، والوجبات، والمواصلات من وإلى المصنع، كذلك، لا يتحمّلون أي نفقة مرتبطة بالصحة إذ يوفر لهم صاحب العمل تأمينًا صحيًا.
ويدفع العاملون الوافدون أي مشتريات يقومون بها مثل الإنترنت، والهاتف النقّال، والطعام، والمواصلات نقدًا.
ووثّق الاستبيان تجربة العاملة غيتا بارديوا من نيبال، التي تعلّمت حتى المرحلة الابتدائية وتعمل حاليًا في قطاع الملابس في الأردن، وتمتلك هاتفًا ذكيًا حيث تحصل غيتا على أجرها عبر محفظتها الإلكترونيّة.
وخُيّرت في البداية بين فتح حساب بنكي لها أو محفظة الكترونيّة، لكنّها اختارت الأخيرة لأنّ عائلتها في بلدها ليس لديها حساب بنكي. على الرغم من خبرتها المحدودة في طريقة الدفع هذه، إلاّ أنّها وجدتها سهلة الاستخدام وتشعر بالرضا حيالها، لكنّها تُحوّل اجرها إلى نقد لأنها تفضّل الاحتفاظ به.
وتدفع غيتا المشتريات الصغيرة

التي تقوم به نقدًا، وترغب في الاستمرار بذلك إذ ليست لديها خبرة في استخدام البطاقة الخاصّة بمحفظتها الإلكترونيّة، وتُدرك أنّ معظم المتاجر المحليّة المحيطة بالمصنع غير مستعدّة لاستقبال المدفوعات عن طريق المحافظ الإلكترونيّة.
لذلك، فهي غير مهتمّة في الوقت الحالي بتغيير عادتها، حتّى لو حصلت على عروض خاصّة أو خصومات لإرسال الحوالات إلى الوطن، وتسحب غيتا النقود وتأخذها إلى أحد الوكلاء، وتحتفظ بمدّخراتها نقدًا إذ من المهم بالنسبة إليها إمكانيّة الوصول إلى النقود عند حاجتها إليها.
ولفت الاستبيان إلى أن العاملين الأردنيين ينفقون أجورهم بشكل مختلف عن العاملين الوافدين، إذ لديهم التزامات مالية مختلفة، فأكثر من ربع العيّنة من العاملين الأردنيّين مسؤولون عن دفع بدل إيجار، وثلثان يدفعان فواتير الخدمات.
وتشمل مجالات الإنفاق الرئيسية الأخرى الغذاء، والاحتياجات اليومية، وفواتير الهاتف النقال، والإنترنت، والمواصلات، كما تدفع أقليّة تكاليف مرتبطة بالصحّة، وعلى الرغم من اختلاف نمط الإنفاق عن العمالة الوافدة، الاّ أنّ جميع العاملين الأردنيين أشاروا إلى أنّهم يستخدمون النقد حصرًا للمدفوعات.
وأشار 15 بالمائة من العاملين الأردنيّين الذين شاركوا في الاستبيان إلى أنّهم يقومون بتسديد قروض حصلوا عليها بشكل أساسي من الأصدقاء أو العائلة أو المصنع، وجميع المُستجيبين يسددون قروضهم نقدًا، باستثناء واحد فقط أشار إلى أنّه يقوم بتسديد قرضه عن طريق حوالة بنكيّة.

قد يعجبك ايضا