مترشحات لـ”مجالس 2022″: تعرضنا لـ”عنف انتخابي”

241
المرفأ:لم تكن رحلة سماء وإيمان وعبلة وغيرهن، إلى سباق انتخابات المجالس 2022 معبّدة بالورود، بل محفوفة بالصعوبات في ظل تصدي البيئة الاجتماعية الحاضنة لهن غالبا لتوجهاتهن، والتباس تطبيقات قانون الإدارة المحلية الجديد، مع إقرار آلية احتساب أعلى الأصوات بالنسبة لأعداد المقترعين، مع مواجهة “عنف انتخابي” متكرر رغم انخراط بعضهن في تجارب سابقة.
وكانت هؤلاء السيدات ضمن مجموعة رصدت قصصهن خلال ورشة عمل موسعة نظمها مركز قلعة الكرك للاستشارات والتدريب على مدار يومين، ينتمين إلى فئات عمرية مختلفة ويتوزعن على الأقاليم الثلاثة في المملكة، كما أن لكل منهن قصة مؤثرة في الانتخابات الأخيرة، منهن من حققت حلمها ومنهن من أخفقت لاعتبارات مختلفة.
وتتقاطع روايات السيدات في اعتمادهن على عملهن المجتمعي والتطوعي والخيري في مواقعهن من دون أن تنجو أي منهن من محاولات “رفض” لترشحهن أو للتشكيك بقدراتهن على خوض سباق الانتخابات، وكذلك محاولات إقصائهن أو التشهير بهن في بعض الأحيان لثنيهن عن الترشح، ووصل بعضه حد بناء تحالفات من مرشحين أقارب مع مترشحات من مناطق أخرى، لدوافع عائلية ومناطقية فقط، إلا أن حملة “طرق الأبواب” كانت الاستراتيجية الأكثر حضورا في كسب تأييد الناخبين وتحقيق الحلم.
الشابة سماء علي السكّر من أصغر الفائزات في انتخابات 2022 لعضوية مجلس محافظة العاصمة عن مناطق خلدا وأم السماق وتلاع العلي، خاضت سباق الانتخابات للمرة الأولى في مناطق تقول عنها إنها من “الأكثر تباينا سكانيا ومجتمعيا”، إلا أنها ورغم صغر سنها قررت أن تخوض لأول مرة هذا السباق بدعم صريح ومباشر من الأهل، لكن التحدي الأبرز الذي واجهته عزمها خوض الانتخابات عبر التنافس.

وتقول السكّر (26 عاما)، بأنها تلقت دعما منقطع النظير من والدها، وأن هناك صورة تم الترويج لها من منافسين بأنها غير قادرة على العمل لصغر سنها وقلة خبرتها، وكثيرا ما سمعت عبارات مثل “لماذا تترشحين”، و”عموه شو بدك بوجعة هالراس”، في الوقت الذي تصبّ فيه كل اتجاهات الاصلاح السياسي اليوم، نحو تمكين الشباب.
وتضيف: “هناك اعتقاد بأن كل سكان عمّان يتمتعّون بأفضل الخدمات والبنى التحتية لكن هذا ليس حقيقيا، وأنا عملت في مجال البيئة وإعادة تدوير النفايات الالكترونية وحصلت على جوائز، وأحببت أن أنقل هذه التجربة، وأصررت على أن تكون تجربتي نموذجا شبابيا خاصة وأن منطقتي كان فيها 86 ألف ناخب، وخليط سكاني يضم 5 أو 6 آلاف اسم عائلة وعشيرة”.
وتشير السّكر إلى أنه بالرغم من مشاورتها لعائلتها 3 مرات، فقد واجهت إشكاليات من عائلات أخرى رفضت ترشحها، بدعوى أنها تخضع للكوتا وليس مهما التصويت لها، مع إطلاق إشاعات بانسحابها.
وتضيف: “كنت مصرة على الترشح بالتنافس، وهذا ما حصل، وروجت بأن الكوتا مهمة لكنها الأفضل خارج العاصمة، وبذلت جهدا لأشرح قصة التنافس والكوتا لقاعدة الناخبين وآلية الاحتساب”.
وأما إيمان الزعبي فخاضت تجربتين انتخابيتين، الأولى في 2017 حينما فازت بعضوية مجلس بلدي منطقة اليرموك في إربد بالتنافس، والثانية في 2022 حين ترشحت لعضوية مجلس محافظة إربد عن منطقة اليرموك، وحالفها الحظ أيضا بالفوز بمقعد كوتا.
تقول

الزعبي عن تجربتها: “واجهت العديد من الصعاب في المرة الأولى عندما ترشحت لعضوية المجلس البلدي، وكنت أقطع مسافات بعيدة لأن القرى كانت تبعد نحو ساعة عن مركز المدينة، وهذه المرة كانت صعبة جدا لأن هناك كان تخوف واضح من منح أي سيدة صوتا في الانتخابات بسبب عدد المقاعد، لكن دعم العشيرة كان سببا رئيسيا في نجاحي”.
وتشير الزعبي إلى أن أهم معيقات الترشح أمام السيدات هي: النفقات المالية، والعنف الانتخابي، ومحاولات التقليل من شأن أي مترشحة، خاصة إذا كانت تطرح نفسها للتنافس وليس على المقاعد المخصصة للنساء.
أما نورا السعود التي تعد أول مدربة قيادة في محافظة الطفيلة، فخاضت تجربتها الثالثة في انتخابات المجالس للعام 2022 لعضوية مجلس المحافظة، ولم يحالفها الحظ لأسباب متعددة وفق اعتقادها، من بينها متابعتها لبعض الوقفات الاحتجاجية لمتعطلين عن العمل ليسوا ضمن دائرتها الانتخابية.
والسعود ناشطة اجتماعية منذ سنوات طويلة، وعملت مدربة متطوعة في الصندوق الأردني الهاشمي، وحازت ثقة الناخبين في انتخابات 2013 لتكون عضوا في مجلس بلدية الطفيلة الكبرى بالكوتا في 2013 ومن ثم عضوا في مجلس المحافظة 2017.
ولم تتوقف السعود عن مواصلة مسيرها، لتترشح للانتخابات النيابة 2020، إلا أن الحظ لم يحالفها لاعتبارات تتعلق بحجم الإنفاق الكبير المطلوب في الانتخابات البرلمانية، لتعيد الكرّة في 2022 من دون أن يحالفها الحظ أيضا، بالرغم من ترشحها لعضوية مجلس المحافظة.

وقالت إن بناء تحالفات منافسة وتدخلات في محيط بعض الأقرباء أسهم في خروجها من سباق الانتخابات، إلا أنها تعتزم إعادة التجربة مرارا، خاصة وأنها ترغب في الاستمرار بتحسين أوضاع منطقتها، معتبرة أن نجاح تجربة مجلس محافظة الطفيلة كانت من أنجح التجارب في 2017 على مستوى الإنجاز.
وترشح لانتخابات المجالس 2022 بحسب سجلات الهيئة المستقلة للانتخاب، 845 مترشحة لعضوية المجالس البلدية ومجالس المحافظات ومجلس أمانة عمّان، ولم تترشح أي سيدة لرئاسة أي مجلس بلدي، وبنسبة لم تتجاوز 18% من العدد الكلي للمترشحين، وبلغ عدد الفائزات 333 سيدة منهن 57 دون 35 عاما فقط.
أما المرشحة السابقة الشابة أسمى المرهي عن بلدية صبحا والدفيانة في محافظة المفرق خلال انتخابات 2022، فخاضت تجربة مليئة بالتحديات، أولها إعلانها خلال حملتها الانتخابية بين قواعد الناخبين، عن انتمائها لأحد الأحزاب اليسارية، معتبرة أن تقديمها لنفسها على أنها مرشحة حزب كان سببا في تعرضها “لمحاولات الاقصاء بل والتكفير” بحسبها.
وأشارت المرهي، إلى أنها لم تتلق الدعم الكافي من حزبها، ما اضطرها إلى التحوّل عن خطابها الحزبي إلى خطاب انتخابي يحاكي المناطقية، فيما شددت على أن “الفهم والشرح الملتبس لقانون الإدارة المحلية، والتخويف من التصويت لامرأة، وحسبة الاصوات، شكلت هواجس لدى الناخبين”.
أما الشابة عبلة الحجايا التي فازت بمقعد عضوية مجلس بلدية الحسا في الانتخابات الأخيرة 2022، وشغلت موقع عضو مجلس البلدية أيضا في انتخابات المجالس البلدية في 2013، فشقّت طريقها

من العدم كما تقول، وبدافع الشغف والتغيير، حيث كانت تجد صعوبة بالغة في الذهاب إلى جامعتها (الحسين بن طلال) أيام الدراسة، لاضطرارها إلى سلوك الطريق الصحراوي الرئيسي لركوب وسائل النقل العامة، حيث لم تتوفر أي منها في منطقتها.
وتشير الحجايا إلى انخراطها في العمل التطوعي بعد تخرجها في الجامعة العام 2010 بشكل تصاعدي، حتى واجهت إشكالية في عقد تدريب لمجموعة من الشباب والشابات لاحقا بسبب احتجاج أهالي المنطقة، قائلة إنه لم تكن هناك مساحات آمنة للعمل للنساء، ما جعلها تفكّر في تغيير نمط التفكير السائد حيال التغيير المجتمعي.
والحجايا التي ترشحت لانتخابات المجلس البلدي في 2013 لاحقا، فازت كأصغر عضو في المجالس البلدية آنذاك وبعمر 25 عاما.
وواجهت محاولات “تنمّر” عديدة وإقصاء من المشاركة في القرار حتى خلال عضويتها في المجلس، إلا أنها لم تيأس وشكلت لجنة لشؤون المرأة استطاعت من خلالها المضي قدما وتنفيذ عدة إنجازات، كصيانة 5 مدارس وتخصيص ميدان للخيل في المنطقة وغيرها.
وعادت الحجايا للترشح في 2022 لتفوز مجددا بعضوية المجلس لبلدية الحسا، قائلة إنها لجأت إلى استراتيجية “طرق الأبواب” رغم كل الضغوطات التي مورست عليها من أجل الانسحاب من الترشح، قائلة إنها لأول مرة تخوض انتخابات “منضبطة الإجراءات” إلى هذا الحد، خاصة من المشرفين على العملية الانتخابية في مراكز الاقتراع.

ولا تختلف قصة المهندسة ابتهاج الشوابكة عن سابقاتها، وهي التي فازت في انتخابات 2013 بعضوية مجلس بلدية مادبا الكبرى، وكانت آنذاك أصغر الفائزين وبالتنافس، رغم كل محاولات الاقصاء بحسبها، مشيرة إلى تقديمها برنامج يضع حلولا للمشاكل التنموية في المنطقة.
وتقول الشوابكة: “كنت آنذاك قد تخرجت للتو من الجامعة، وكنت أبحث عن فرصة عمل، وطلبت من أحد المعارف وظيفة ليرد علي بالقول إن المرأة مكانها في بيتها، وبقيت هذه الكلمة في رأسي، وترشحت لأتنافس أمام 4 مرشحين من الرجال ونجحت بالتنافس”.
وترشحت الشوابكة للبلدية أيضا في موسم انتخابات 2017 وفازت بمقعد “الكوتا” انطلاقا من الدوافع ذاتها التي ترشحت فيها المرة الأولى، معتبرة أنها عملت بجد من أجل خدمة أبناء منطقتها.
لكن الشوابكة التي ترشحت في انتخابات 2022، ترشح معها 7 مرشحين من الرجال، وكانت هي السيدة الوحيدة مع توقعات بأن تحوز المقعد الأول في البلدية، وتضيف “كانت هذه التجربة هي الأصعب بسبب التفاهمات التي أبرمت لإقصائي عن أي احتمال بالفوز بالتنافس، وتم حجب التصويت عني على قاعدة ترك مقعد الكوتا لي”.
وتقول: “كنت أتمنى تعدد الأصوات في منطقتي، مثلا في القصبة التي تضم نحو 70 ألف ناخب صوّت منهم 25 ألفا، وكانت نسبة التصويت غير مرضية لقناعتهم بأن دور البلدية تراجع، لكن هناك حاجة لمزيد من تثقيف الناس بأهمية البلديات ودور المرأة، خاصة أن المتقدمات في العمل التطوعي غالبا هن من السيدات.”

قد يعجبك ايضا