ضبط 451 حالة عمل أطفال العام الحالي

159
المرفأ: كشفت جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان في ختام برنامجها “مشروع التخفيف والحد من عمل الطفل في القطاعات الخطرة في الأردن”، عن 451 حالة عمل أطفال، ضبطتها وزارة العمل منذ بداية العام الحالي وحتى اليوم، وتحرير 136 إنذارا و102 مخالفة لأصحاب عمل.
وتضمن البرنامج، تحديث الإستراتيجية الوطنية لمكافحة عمل الطفل، وخطة العمل الإستراتيجية بمشاركة مؤسسات وطنية ومحلية ودولية، حيث قام فريق المستشارين بالخروج بالنسخة النهائية من الإستراتيجية لمكافحة عمل الطفل والتسول 2022-2030.
ويأتي هذا البرنامج الذي تنفذه “تمكين” بدعم من البرنامج الأوروبي الإقليمي للتنمية والحماية لتعزيز القدرات المحليّة، حول تدابير الحماية والوقاية من عمل الطفل بالأردن، وزيادة التزام الجهات المعنية والفاعلة، لتوظيف الحلول التنظيمية لهذه المسألة بين المؤسسات الوطنية والمحلية والدولية العاملة بمكافحة عمل الطفل والتسول.

وفي عرض قدمته مديرة “تمكين” لندا كلش، قالت فيه إن الغرض والأهداف من تحديث الإستراتيجية، يتواءم مع الإطار الوطني لمكافحة عمل الأطفال المحدّث لعام 2021 والمسح الوطني لعمل الأطفال عام 2016، كما تتماشى الإستراتيجية مع الجوانب المشار إليها في الإطار الوطني، والمتعلقة بعمل الطفل، بخاصة أسوأ أشكاله، لكسب التأييد نحو تنفيذ الإستراتيجية وعمل الطفل.
وتوظف الإستراتيجية القانون المعدل مكافحة الاتجار بالبشر لعام 2021، والذي يعترف بالتسول المنظم، على أنه من أشكال الاتجار بالبشر، والمطالبة بانعكاس هذه التعديلات على قانون الأحداث الجديد، والذي يجب أن يعترف بأن التسول، أحد أسوأ أشكال عمل الأطفال، وفق كلش.
وقالت “إن الهدف الأساسي من الإستراتيجية المحدثة، هو التعرف على حالات عمل الأطفال ومكافحتها، بالإضافة للاعتراف بالتسول على أنه أحد أسوأ أشكال عمل الأطفال، وسيتم هذا عبر تعزيز القدرات المحلية، لاتخاذ تدابير الحماية والوقاية من بيئات عمل الطفل”.
وناقش المشاركون من ممثلين لجهات حكومية ومدنية عاملة في مجال الحد من عمل الاطفال، المصادقة على الإستراتيجية وخطة عملها من رئاسة الوزراء، بحيث تركز على كسب التأييد بأهمية انعكاسها على سياسات وإجراءات الجهات ذات العلاقة وهي وزارات: العمل، والتربية والتعليم، والتنمية الاجتماعية، وكذلك الأمن العام، بما فيها من وحدات الأحداث ومكافحة الاتجار بالبشر والشرطة المجتمعية.

وفي الوقت ذاته، سيعكس أعضاء الإستراتيجية هذا التغيير التشريعي على السياسات والإجراءات الخاصة بهم، وبالذات المتعلقة بنظام الإحالة وإدارة الحالة، والتطرق إلى مختلف القوانين التي تطبق على حالات عمل الطفل الفعلية كقوانين مكافحة الاتجار بالبشر والأحداث والعقوبات.
وتطرق المشاركون، الى محاور الإستراتيجية وسبل تطبيقها في الحد من عمل الطفل والتسول، والسير في خطة عملها وتبني محاور للمؤسسات الموجودة في اللقاء.
ويبلغ تعداد الأطفال في الأردن نحو 3.8 مليون، يشكلون نحو 40 % من السكان، بينما يشكل الشباب نحو ثلث السكان، وتعد هذه الفئة صناع التغيير والقرار في المستقبل، ما يوجب الاستثمار بهم بأفضل وجه.
وخلال السنوات الماضية، خطا الأردن خطوات رئيسة في حماية الطفل وحقوقه، بما في ذلك اتخاذ خطوات للحد من مشكلة عمل الأطفال، ويعد من أوائل الدول التي صادقت على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (182) لسنة 1999، بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها، وكان أول دولة في دول غرب آسيا، وثاني دولة عربية، تصادق عليها.

وعلى مستوى التشريعات الوطنية، فخضعت لتطوير يضمن حماية أكبر للأطفال العاملين، وأبرز خطواتها في الأعوام الأخيرة، إقرار قانون الأحداث للعام 2014، الذي اعتبر الأطفال العاملين من الفئات المحتاجة للحماية والرعاية.
ولفت المشاركون الى انه ومع التطورات التشريعية، ووضع إطار محدّث، بات ضروريا تحديث الإستراتيجية الوطنية للحد من عمل الأطفال، بخاصة أن آخر إستراتيجية أقرت كانت في العام 2006، ومواكبة التغييرات، خصوصاً مع ما تضمنه المسح الوطني الأخير لعمل الأطفال في الأردن للعام 2016، والذي أظهر تضاعفاً في أعداد الأطفال العاملين.
ووفقا للمسح، يبلغ عدد الأطفال العاملين النشطين اقتصادياً في الأردن 69.6 ألف طفل عامل، منهم 44 ألفاً في الأعمال الخطرة، وبلغت نسبة الأطفال العاملين 1.89 % من الأطفال، بينما بلغت نسبة الذكور منهم 3.24 % والإناث 0.45 %، والملتحقين بالدراسة 94.8 % بينما للأطفال السوريين 72.5 %.
وبينوا أن عمل الأطفال من القضايا المعقدة، لأنها تتداخل مع العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويعد الفقر واحدًا من أبرز مسببات عمل الأطفال، حسب أرقام دائرة الإحصاءات العامة للعام 2017، وتقدر نسبة الفقر بنحو 15.7 %، في حين قدرت دراسة لمنظمة “يونيسف” للعام 2017 نسبة الفقر متعدد الأبعاد بين الأطفال بـ20 %.

وتعود أسباب فقر الأسر، لافتقارها إلى مقومات ممارسة العمل المنتج، أكانت المهارة أو الوظيفة أو المال أو الأرض، إذ بلغت نسب البطالة لسنة 2020 نحو 23.2 %، حسب أرقام دائرة الإحصاءات.
ويعمل الأطفال كذلك لاعتقادهم بأن فوائد العمل أكبر من فوائد التعليم، أو لأن نوعية التعليم متدنية، كما يعتبر تأثير الوالدين على الطفل من الأسباب المهمة لعملهم، بحيث يفضل الوالدان التحاق أطفالهم بسوق العمل على بقائهم على مقاعد الدراسة، ثم أن الجهات المشغلة تقوم بتشغيلهم لاستغلالهم وعدم منحهم أجرا حسب الحد الأدنى للأجور.
ولفتوا إلى أن التعليم، يعد الضمانة وصمام الأمان الأول في مواجهة مشكلة عمل الأطفال، إذ أثبتت الدراسات وجود علاقة متبادلة بين التسرب المدرسي وعمل الأطفال، ما يؤكد أهمية أن يكون لوزارة التربية والتعليم الدور المحوري والأساسي في مواجهة هذه المشكلة والوقاية منها، بحيث يوجد 112,016 طفلاً في الأردن 6.2 % غير ملتحقين في المدارس من الصف الأول حتى العاشر حسب بيانات وزارة التربية 2017-2018، وفق التقرير المشترك بين “يونيسف” ووزارة التربية الصادر عام 2020، تظهر البيانات أن معظم الأطفال غير الملتحقين بالتعليم هم من غير الأردنيين، بما في ذلك 50 ألف طفل سوري، وتفيد بيانات وزارة التربية، بأن الفتيان أكثر عرضة للتسرب من الفتيات.

ويبلغ تعداد الطفلات العاملات 8.868، برغم تدني العدد نسبيا، لكن تبقى الحاجة ماسة لتقديم إستراتيجية، تراعي أوضاع الفتيات العاملات خصوصاً أن تبعات العمل على الفتيات، لا تقل حدة عن تلك التي تلحق بالأطفال الذكور.
كما يرتبط عمل الأطفال بشكل مباشر مع إشكالية زواج الأطفال، فقد أظهرت الأرقام تزايداً في زيجات الفتيات القاصرات عام 2020، وهو العام الذي انتشرت فيه جائحة كورونا، بحيث سجل نحو 8 آلاف عقد زواج، بنسبة 11.8 % مقارنة بـ10.6 % لعام 2019، ذلك بعد 3 سنوات من الانخفاض المتتالي.
ويذكر أن قانون الأحوال الشخصية، لا يجيز تحت أي ظرف أو سبب الزواج قبل بلوغ سن الـ16، لكنه يجيز الزواج بشكل عام عند بلوغ سن الرشد، وبينهما يمكن الموافقة على الزواج في حالات استثنائية تتطلب إجراءات وموافقات، وفق تعليمات صادرة لهذه الغاية.
كما تم في العام 2017 إصدار تعليمات جديدة لزواج الفئة العمرية دون سن الـ18 عاما، هدفت لتقييد السلطة التقديرية الممنوحة للقضاة ووضع معايير أكثر تحديداً، وجعل الموافقة على الزواج تمر بعدة مراحل وعدة مستويات وهي المحكمة الابتدائية ودراسة للحالة من اختصاصيين اجتماعيين، وتدقيق للإجراءات من لجان قضائية ثلاثية ومن إدارة مركزية، متخصصة بشؤون القاصرين في دائرة قاضي القضاة.

إلى جانب العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تبرز الأزمات كواحدة من أبرز المسببات لتزايد مشكلة عمل الأطفال، ففي ظل التبعات الاقتصادية التي تفرضها الأزمات على الأسر، تضطر العائلات إلى اتخاذ سبل تكيّف سلبية للتعامل مع تلك المتغيرات، ويعد عمل الأطفال من أبرزها.
وشهد الأردن خلال السنوات العشر الماضية 2011-2021 التعامل مع أزمتين هما اللجوء السوري وأزمة جائحة فيروس كورونا، اذ كان لكلا الأزمتين أثر كبير على تفاقم مشكلة عمل الأطفال في الأردن، ما يؤكد ضرورة وضع آليات للتعامل مع حالات الطوارئ والأزمات، بحيث يدرس تأثيرات الأزمات على عمل الأطفال، ووضع خطط وطنية تحتوي على برامج استجابة.
ومن ضمنها تبني بدائل لضمان توفير الحماية للفئات الأكثر تضرراً والفئات الأكثر هشاشة في المجتمع، بما في ذلك حماية الأطفال من خطر التسرب المدرسي وعمل الأطفال. وكان لازمة اللجوء السوري أثر واضح، خصوصا مع التدفق السكاني ما يعني حتما زيادة بالمشكلة، فضلاً عن إشكالية الفقر، إذ يعيش 86 ٪ من اللاجئين السوريين المسجلين في الأردن تحت خط الفقر، وفقا لأرقام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وتحديد 15.7 % من الأردنيين، بأنهم فقراء بسبب تدني مستوى استهلاكهم من الاحتياجات الأساسية بحسب الإستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية 2019-2025، وبدا انعكاس مشكلة الفقر بين مجتمع اللاجئين واضحا، على نسب عمل الأطفال اذ بلغت نسب الأطفال العاملين في مجتمع اللاجئين السوريين 3.22 % وفقا للمسح الوطني، في حين بلغ بين الجنسيات الأخرى 1.98 % وبين الأردنيين 1.75 % خلال العام 2016.وجاء الإطار الوطني المحدّث للتعامل مع حالات الأطفال العاملين والمتسولين، وفق نهج تشاركي بين الجهات مقدمة الخدمة، بحيث تتعامل مع الطفل العامل، لتسهم بتقديم خدمات المساعدة الفورية لهم أكانت شخصية أو اقتصادية أو اجتماعية، أو من أي نوع آخر، بالتنسيق مع الجهات الشريكة لتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية، عبر النظر في الشكاوى الناجمة عن انتهاكات تدخل في نطاق تشكيل خطورة على حياة الطفل العامل.

قد يعجبك ايضا