الأردنيون يحتفلون بعيد ميلاد الملك الـ61 اليوم
المرفأ..يحتفل الأردنيون اليوم الاثنين، بعيد ميلاد جلالة الملك عبدالله الثَّاني، الحادي والستين، الابن الأكبر للمغفور له بإذن الله، جلالة الملك الحسين بن طلال، طيّب الله ثراه، وسمو الأميرة منى الحسين، وهو الحفيد الحادي والأربعون لسيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم.
واحد وستون عاما من عمر جلالته المديد – بإذن الله – ومسيرة زاخرة بالعمل والعطاء والإنجاز والهمة العالية، التي قادت الوطن وأبناءه وبناته لنهضة شاملة والمملكة تدخل مئويتها الثانية، فكانت التوجيهات الملكية للمضي قدما بمنظومة تحديثية متكاملة سياسيا واقتصاديا وإداريا العنوان الأبرز، مثلما حرص جلالته على تكثيف لقاءاته العربية مع القادة الأشقاء، إضافة إلى لقاءاته مع قادة دول العالم، من أجل توسيع التعاون وتحقيق الاستقرار بالمنطقة والمستقبل الأفضل للشعوب.
عام من عمر جلالته، شهد فيه الأردنيون على تفاصيل دقيقة مرَّت وما كانت لتمر لولا قيادة جلالته المتزنة، فمن الجنوب إلى الوسط وحتى أقصى الشَّمال وشرق وغرب المملكة، طاف جلالته على النَّاس وتفقد أحوالهم، عبر لقاءات متعددة جمعتهُ مع شابات الوطن وشبابه ووجهائهِ، وافتتح مشاريع عديدة بالمجالات كافة.
وعلى مدار أيَّام العام الذي مرَّ من عمر جلالته، كان الأقرب إلى أبناء شعبه في كل الأزمات، ويقترب جلالة الملك أكثر من هموم النَّاس ويزور أشخاصا فقدوا أعزاء وأحبة لهم بحوادث عديدة مؤلمة.
وحرص جلالته بنهج مستمد من إرث هاشمي أصيل على التواصل دومًا مع رفاق السِّلاح في القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي والأجهزة الأمنية كافة، حيثُ يلتقي بهم في أماكن عملهم، ويترجل من مركبته ليلقي التَّحية على النشميات والنَّشامى في ميادين العمل المختلفة، ويذهب إلى أماكن سُكناهم، ويتبادل الحديث مع المتقاعدين منهم، ويتحاور معهم ويسمع آراءهم وهمومهم، ويتناول الطَّعام في منازلهم.وفي المكاتب والميدان يمضي جلالة الملك وقتًا طويلًا يتابع خطط التّحديث السّياسي، التي باركها بإقرار قانون للانتخاب بداية العام الماضي بما يضمن عملية ديمقراطية تُتيح لأطياف المجتمع كله الانخراط في هذه العملية بشكل عادل ومتوازن، وإطلاق رؤية التحديث الاقتصادي “إطلاق الإمكانات لبناء المستقبل”، التي تمثل خريطة طريق وطنية عابرة للحكومات بمعايير طموحة وواقعية.
وجاءت الرؤية الاقتصادية لإطلاق كامل الإمكانات الاقتصادية والمولدة لفرص التشغيل والعمل، عبر ثلاث مراحل على مدى عشر سنوات، تتضمن 366 مبادرة في مختلف القطاعات، وتندرج تحت 8 محركات رئيسة، يصبو جلالته من خلالها لتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية للمواطنين، ويجعل من الأردن بيئة خصبة وجاذبة لمختلف أنواع الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وتابع جلالته خلال العام الماضي من عمره جهود التحديث الإداري وتطوير القطاع العام، مؤكدًا في كل مرة يلتقي فيها المسؤولين، أنَّ هدف التحديث الرئيس هو تقديم الخدمة الأفضل للمواطنين.
وفي خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة التاسع عشر، قال جلالته إن التحديث الشامل بمساراته السياسية والاقتصادية والإدارية يشكل بكل جوانبه مشروعا وطنيا كبيرا، مؤكدًا أنه يجب أن تدور حوله كل الأهداف الوطنية وتسخر الجهود والموارد لتحقيقه، وأن على مؤسسات الدولة أن تتبنى مفهوما جديدا للإنجاز الوطني يلمس نتائجه المواطنون، ولن نقبل بالتراجع أو التردد في تنفيذ هذه الأهداف.وتقديرًا من العالم لجلالته وأدواره الإنسانية ومواقفه الداعية للسلام، فقد تمَّ منح جلالته جائزة زايد للأخوة الإنسانية في نسختها لعام 2022، التي تبرع بقيمتها لأعمال خيرية.
وفي نيويورك تم منح جلالته جائزة “الطريق إلى السَّلام”، من قبل مؤسسة الطريق إلى السلام التابعة لبعثة الفاتيكان في الأمم المتحدة، فيما شارك جلالته في نداء “كرايست تشيرش” للتصدي للتطرف والإرهاب وخطاب الكراهية عبر الإنترنت، فلم تكن يومًا رسالة الأردن وقيادته إلا نبذا لكل أعمال الشر واستهداف حياة الإنسان.
ويأتي ميلاد الملك الـ61 وما زال جلالته متمسكًا بـ”كلا”، ضدَّ أيَّ مساس بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، التي تحظى بدعم عربي ودولي متواصل.
ويواصل جلالته الدِّفاع عن حقِّ الفلسطينيين بإقامة دولتهم الشَّرعية، وينادي من على منابر الأمم المتحدة وفي كل محفل دولي ولقاء مع قادة العالم والعرب والمسلمين، بحق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم، فيؤكد جلالته باستمرار أن المنطقة لن تنعم بالاستقرار والأمن إلا بحل عادل للقضية الفلسطينية، يتمثل بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وجاءت مُباركة جلالة الملك نهاية العام الماضي، إنشاء “وقفية المصطفى لختم القرآن الكريم في المسجد الأقصى المبارك”، ضمن جهود الأردن بقيادة جلالته في دعم صمود الأشقاء بفلسطين وبالقدس على وجه الخصوص، ومن منطلق الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية بالمدينة المقدسة.وتتصدر إنسانية جلالة الملك مواقف المملكة تجاه قضايا اللاجئين الذين دخلوا إلى أرض الأردن بحثًا عن السلام والأمن، ولم يتخلف لحظة واحدة عن تأكيد رسالة الأردن الإنسانية رغم صعوبة الظروف وشُح الموارد، فيواصل جلالته حث المجتمع الدولي للإيفاء بالتزامه تجاه الأردن للقيام بدوره الإنساني في استضافة اللاجئين وتقديم الخدمات لهم.
وجاء في خطاب العرش السامي تأكيد جلالته على مواصلة الأردن القيام بدوره المحوري في الإقليم بمواكبة المتغيرات المتسارعة في المنطقة والعالم، مستثمرا موقعه الجيوسياسي المتميز، الذي يمثل نقطة ربط حيوية بين الدول، ولابد من اغتنامها عبر بناء شراكات عربية وإقليمية واسعة تحقق المصالح المشتركة وتعزز المكتسبات الوطنية.
وخلال العام الماضي عزّز جلالته الاهتمام بقضايا المناخ العالمية وتأثيراتها على قطاعات المياه والزراعة، الأمر الذي يلقي بظلاله على الأمن الغذائي، الذي طال العالم، ومن ضمنه الأردن، حيثُ جاءت تأكيدات جلالته خلال مشاركته في القمم والمؤتمرات الدولية بهذا الشأن، على استعداد الأردن ليكون جزءا من الحل لهذه القضايا بتوفير بنية تشريعية للتعامل مع التغير المناخي ومساعدة العالم.
وتصدرت أزمة المناخ والأمن الغذائي خطاب جلالة الملك في الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي أكد فيه أن معالجة الأزمة تحتاج إلى شراكات قادرة على إحداث تغيير حقيقي، وأن الأردن جزء من هذه الجهود، ويعمل على بناء شراكات قوية لإدارة واستدامة الموارد المائية.ويواصل الأردنيون مسيرة البناء والتقدم على خطى جلالة الملك، عاقدين العزم على أن يبقى الأردن أنموذجًا للإنجاز والعطاء والوحدة الوطنيّة والعيش المشترك، مؤكدين ثقتهم وإيمانهم بقيادتهم الهاشمية التي حقّقت الإنجازات من أجل رفعة الوطن وصون مُقدّراته.
وكانت مراحل حياة جلالته، منذ ميلاده في عمّان، سجلاً معرفياً زاخرا بالوعي والثقافة والمعرفة.
جلالته تلقى تعليمه الابتدائي في الكلية العلمية الإسلامية، لينتقل بعدها إلى مدرسة سانت إدموند في ساري بإنجلترا، ومن ثم إلى مدرسة إيجلبروك وأكاديمية ديرفيلد في الولايات المتحدة الأميركية، حيث أكمل جلالته دراسته الثانوية هناك.
وفي العام 1980، التحق جلالته بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في المملكة المتحدة، وتخرج برتبة ملازم ثان، ثم التحق عام 1982 بجامعة أوكسفورد في مجال الدراسات الخاصة في شؤون الشرق الأوسط، والتحق جلالته بدورة ضباط الدروع المتقدمة في فورت نوكس بولاية كنتاكي في الولايات المتحدة الأميركية في العام 1985.
ودرس جلالته السياسة الدولية في جامعة جورج تاون عام 1989 وأتمّ برنامج بحث ودراسة متقدمة في الشؤون الدولية، ضمن برنامج الماجستير في شؤون الخدمة الخارجية.وقد أضاف جلالته على الدراسة الأكاديمية خبرات عسكرية متنوعة في الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، تدرّج بعدها في درب الجندية بعد تخرجه من أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية، حيث بدأ في الجيش العربي قائداً لسرية في كتيبة الدبابات الملكية/17 عام 1989، وبقي في صفوف العسكرية حتى أصبح قائداً للقوات الخاصة الملكية عام 1994 برتبة عميد، وأعاد تنظيم هذه القوات وفق أحدث المعايير العسكرية الدولية.
وشكّل هذا التنوع المتميز من التعليم، الذي حظي به جلالة الملك، الدافع القوي لديه نحو تمكين أبناء وبنات شعبه من الحصول على تعليم متقدم وحديث.
وصدرت الإرادة الملكية السامية في الحادي والثلاثين من كانون الثاني عام 1962، بتسمية الأمير عبدالله آنذاك ولياً للعهد، فيما نودي بجلالته ملكاً للأردن بعد وفاة والده، المغفور له بإذن الله، جلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، في العام 1999، ليتولى جلالته العهد الرابع للمملكة، معززاً لمسيرة بناء الأردن الحديث.
واقترن جلالة الملك عبدالله الثاني بجلالة الملكة رانيا العبدالله في العاشر من حزيران 1993، ورزق جلالتاهما بنجلين هما؛ سمو الأمير الحسين الذي صدرت الإرادة الملكية السامية باختياره ولياً للعهد في 2 تموز 2009، وسمو الأمير هاشم، كما رزق جلالتاهما بابنتين هما؛ سمو الأميرة إيمان وسمو الأميرة سلمى.