ملتقى عمان الثقافي يعرض لفكر الهاشميين الأدبي والسياسي والاجتماعي
المرفأ… عرض أكاديميون وباحثون لمحطات مشرقة وبارزة ومهمة في فكر الهاشميين الأدبي والسياسي والاجتماعي، ضمن جلسات ملتقى عمان الثقافي بدورته التاسعة عشرة تحت عنوان “فكر الهاشميين: الأدبي والسياسي والاجتماعي”، والتي عقدت اليوم الخميس في قاعة المؤتمرات بالمركز الثقافي الملكي بعمان.
ولفتت وزيرة الثقافة هيفاء النجار التي رعت فعاليات الملتقى، في كلمتها إلى ما تمر به المنطقة من أزمة سياسية، مؤكدة تضامن الأردن قيادة وحكومة وشعبا مع الأشقاء في فلسطين.
وأكدت أن موقف الأردن واضح وجلي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وهو ما أكد عليه جلالة الملك عبدالله الثاني في خطاب العرش السامي الذي ألقاه جلالته أمس الأربعاء في افتتاح الدورة العادية الثالثة لمجلس الأمة التاسع عشر.
وقالت النجار في الجلسة الأولى من الملتقى والتي ترأسها الدكتور سلطان المعاني، إن الأردن لن يتخلى عن موقفه العربي والحقوق العربية، لا سيما ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، منوهة بأن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس تمثل جزءا من هذا الموقف.
وأشارت الى أن جذور الأردن التاريخية ممتدة الى آلاف السنين منذ الحضارات القديم، منوهة بأن الأردن الحديث في ظل القيادة الهاشمية قدم منذ تأسيس الدولة الأردنية نموذجا ناجحا وصمودا استثنائيا للدولة الوطنية.
وأكدت أن وزارة الثقافة تقوم بحماية القيم الوطنية الأردنية في إطار عقلاني وفكري ونقدي وطني، مبينة أن الثقافة تمثل مدخلا في هذا الإطار، مشيرة الى أن الأردن الحديث صمد في وجه التحديات لأن الهاشميين انطلقوا في بنائه من منصة أفكار وقيم ومبادئ تعلي من قيمة الإنسان المبنية على المحبة والاحترام.
وأضافت، “إن الأردن تأسس على ثقافة الأمل، وعلينا أن نمنح شبابنا فرصًا وأن ندعم الفرح والجمال وأن نؤمن أن الأردن منصة دائمة للحوار العقلاني”، منوهة بأن الهاشميين أسسوا الدولة الأردنية على ثقافة التعلم المستمر، ليكون مركزا للإبداع والريادة.
وبينت أن المطلوب هو ثقافة مبنية على العقل والعقلانية ضمن مفهوم شمولي نقدي وبناء الوعي الحقيقي، لافتة الى أن للأردن مرتكزات واضحة: قومية ودينية ووطنية وقيمية، مستحضرة “رسالة عمان” التي قدمت نموذجا للتعددية والتنوع والانفتاح والاعتدال.
وفي ورقته التي حملت عنوان “دور الثقافة في التنمية والمساهمة في النهضة” قال وزير الثقافة الأسبق الأكاديمي والأديب الدكتور صلاح جرار، إن للثقافة في مواكبة النهوض الحضاري صورتين: الأولى أن تشكّل الثقافة عاملاً من عوامل التحفيز نحو التقدّم والإنجاز والإبداع، والثانية أن تحتفي الثقافة بما تمّ إنجازه وتشيد به وتثني على من قام به وتعلي من مكانته وشأنه وتنبّه على الأسباب التي تقف وراء النجاح والتميّز.
وأوضح أن الصورة الأولى تتحقق، عندما تكون الثقافة مصدراً للتحفيز ورافعة للنجاح، وأن تشتمل ثقافة الأمّة وفكرها وعقيدتها على ما يجعل الإخلاص في العمل وإتقانه وتطويره قيمة عليا من قيم الأمّة، والنشاط الثقافي في هذه الحالة هو الذي يعلي من هذه القيم ويستمر في تأكيدها والدعوة إلى الالتزام بها.
أما الصورة الثانية، بحسب جرار والتي ترصد فيه الثقافة نجاحات الأمّة وتحلّلها وتعلي من رموزها ونتائجها، فإنّها من الإسهامات التي تنهض بها الثقافة في التنمية بمختلف جوانبها، وتتخذ هذه الحالة أشكالاً مختلفة تتمثل في مختلف أنواع النشاط الثقافي من ندوات ومؤتمرات ومهرجانات وحوارات ومؤلفات وغيرها.وأكد أن من أبرز وظائف الثقافة أهمية الحفاظ على هويّة المجتمع وشخصيته وتماسكه ومنعته وثقته بنفسه وقيمه وتعزيز عناصر قوته وتفعيلها وتقوية الدافعية بداخله نحو السعي لغد أفضل من خلال التطوير والبناء والتقدّم وتعزيز قدرته على مواجهة التحديات التي يتعرّض لها سواءً أكانت أمنية أم اقتصادية أم صحيّة أم غيرها.
وأشار الى أبرز الشروط التي يجب توفرها لتتحقق نتائج العمل الثقافي ومنها الاستمراريّة في النشاط الذي نتطلع من خلاله إلى تحقيق الهدف المنشود، ومضاعفة الجهد في مواكبة الاستمرارية وعدم الاكتفاء بقدر محدود أو ثابت من الجهد، والارتقاء بمستوى الجهد المبذول بحيث يتضمن تطوّراً تصاعدياً ملموساً بمرور الزمن ومواصلة العمل، والتنوع في الوسائل المتبعة لتحقيق الهدف المنشود.
وتطرق الى أهم مجالات التنمية الثقافية ومنها؛ زيادة الإنتاج العلمي والفكري من خلال إجراء البحوث والدراسات وإعداد المؤلفات والأعمال الفكرية والإبداعية المختلفة ونشرها، وزيادة عدد دور النشر ووضع تشريعات تضمن دعم الناشرين والمؤلّفين، وزيادة عدد المكتبات العامّة في البلديات والجامعات والمدارس والهيئات الثقافية والاجتماعية والمؤسسات العامّة والخاصّة، وزيادة البنى التحتية الثقافية مثل المراكز الثقافية الشاملة وتنمية عادة القراءة لدى أبناء المجتمع وتنظيم المؤتمرات الثقافية والفكرية وإقامة المعارض والمهرجانات العامّة والمتخصّصة وتطوير الإعلام الثقافي والاستفادة من التطور في تكنولوجيا المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي، والعناية بالترجمة من العربية إلى اللغات العالمية وبالعكس.
وأكد جرار أن الأردن الحديث شهد نهضة وتنمية ثقافية ملموسة ومتسارعة، تمثّل مظهراً مهمّاً وأساسيّاً من مظاهر النهضة والتنمية والتطوّر في المملكة، وانخرط في المشهد الثقافي أبناء المجتمع من مختلف فئاته العمرية والاجتماعية، كما تطورت التشريعات التي تتيح مثل هذا الانخراط والمشاركة، مثلما تطوّرت مظاهر هذا الانخراط وأثره على الوعي والفكر والسلوك والممارسات الاجتماعية المختلفة.
ولفت إلى أن الدولة الأردنية أدركت في وقت مبكر ومنذ تأسيسها أنّ الثقافة تشكل ركناً أسياسيّاً من أركان قيام الدول وهي العمود الفقري لنجاح الدول كون الثقافة مسؤولة عن الحفاظ على هوية المجتمع وعقيدته وتراثه وقيمه، منوها بأن مجلس الملك المؤسس كان يضمّ أهل الفكر والأدب.
وفي ورقة حملت عنوان “رؤية الهاشميين للقضايا المحورية في الفكر السياسي العربي الحديث والمعاصر”، ركز استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور محمد خربوش على دور الهاشميين في إنشاء الدولة العربية الحديثة ودورهم في ترسيخ الدولة الوطنية وفق فكر سياسي عربي .
وأشار إلى أنه قبل عام 1016 لم يكن لدى العرب فكر سياسي عربي بمعنى ان يؤدي الى إنشاء دولة عربية، منوها بأن اندلاع الثورة العربية الكبرى أسس لنشوء فكر سياسي عربي لعب فيه الهاشميون دورا محوريا.
وتحدث عن دور الهاشميين في إنشاء الدولة الوطنية في مرحلة ما بعد الحكم العثماني، مستعرضا نشأة الدولة الفيصلية والمملكة العراقية، مشيرا الى المملكة الأردنية الهاشمية التي وصفها بـ “الأبرز في تاريخ المنطقة الحديث”.
وأكد أنه وبرغم التحديات تمكن الهاشميون من تأسيس دولة وطنية حيث نجح الأردن بالصمود والبقاء بالرغم من شح الموارد الطبيعية والثروة النفطية.