طوابير طويلة أمام المخابز ومحطات المياه في ظل قصف إسرائيلي عنيف..

205

المرفأ…لا يفكر كثير من المواطنين في القصف الجوي وأصوات هدير الطائرات المزعج، وتساقط القذائف المدفعية التي تطلقها قوات الاحتلال على مقربة منهم، حين يكونوا يصطفون أمام محطات المياه العذبة، أو أمام المخابز لساعات طويلة، وفي طوابير تمتد لمئات الأمتار، للحصول على كمية تكفي قوت يومهم.

في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، الذي يعتبر أكبر مخيم لاجئين في القطاع من حيث المساحة، وفي هذا الوقت ازداد عدد سكانه، بعد وصول عشرات الآلاف من النازحين من مناطق الحدود الشرقية لوسط القطاع، ومن مناطق مدينة غزة وشمالها، بسبب الحرب الدامية، يعاني السكان والنازحين كما يعاني باقي سكان القطاع إنسانيا، ويشتكون من نقص حاد في إمدادات المياه العذبة والخبز الطعام الأول في سد الجوع.

خطط الطير للحصول على الطعام

وبسبب ظروف الحرب والازدحام الكبير أمام المخابز، أصبح السكان ينتهجون طرق الطيور في الحصول على الماء والخبز، وذلك بالخروج مبكرا في ساعات الفجر الأولى، حيث تقسم الأسرة الواحدة أفرادها على فريقين واحد يذهب للاصطفاف في طابور المياه الطويل، والآخر في طابور الخبز الأطول.

أمام تلك الأماكن سواء محطة تحلية المياه المركزية في المخيم، أو تلك المحطات التي تعمل بطاقة أقل، وبالكاد تغذي بعض الأحياء الصغيرة، أو أمام المخابز يخلق جوا جديدا من الحياة، فيمكن لأشخاص سواء رجال أو نساء من سكان المخيم أو من النازحين إليه أن يتعرفوا على بعضهم البعض، ويبدؤون في الحديث مطولا عن أوضاع الحرب وغيرها من القصص، في محاولة لقتل الوقت الطويل الذي يمضونه حتى وصول الدور إليهم.

ولا تخلو تلك الأماكن من وقوع مشاحنات في بعض الأحيان، في ظل مساعي البعض للحصول على شرابه وطعامه، غير أن أكثر ما يثير خوف هؤلاء دون أن يمنعهم من أداء مهمتهم هو وقوع قصف إسرائيلي لمناطق قريبة من محطات التحلية أو المخابز.

وبالفعل فقد جرى ذلك عدة مرات في هذا المخيم، فقبل يومين استهدفت طائرات الاحتلال بغارة جوية منطقة ساحة “سوق النصيرات الجديد”، التي تبعد أمتار قليلة عن محطة التحلية، فأحدثت حالة ارتباك وخوف في صفوف المصطفين هناك، وتعرض عدد منهم للإصابة بسبب التدافع أثناء الهروب من المكان، لكن وبسبب الحاجة لم يمضي سوى دقائق على تلك الغارة التي استهدفت ساحة السوق، حتى عاد المواطنون وبينهم نساء وأطفال لملء جالونات المياه من هناك.

ولم تمهل قوات الاحتلال هؤلاء طويلا، فشنت غارتين أكثر قوة من الأولى، على مناطق قريبا جدا منهم، وبدا أن الأمر حدث لإرهابهم أو حرمانهم من قوت يومهم، لكن الحاجة إلى الماء دفعتهم من جديد للعودة لإكمال المهمة.

ولم يكن الأمر بعيدا عن المخابز في هذا المخيم، وباقي مناطق القطاع أيضا، فقوات الاحتلال شنت غارات جوية استهدفت فيها 10 مخابز في القطاع، بينها أحد مخابز النصيرات، كما استهدفت مناطق قريبة من المخابز، فأرعبت من ينتظرون دورهم في الحصول على الخبز.

ويقول أبو أحمد الرجل الذي نزح إلى النصيرات قادما من بلدة جباليا شمال القطاع منذ أكثر من أسبوعين، ويقيم في أحد “مراكز الإيواء”، إنه يضطر يوميا لحمل جالونين مياه، والخروج فجرا من المركز سيرا على الأقدام حتى الوصول إلى المحطة، ليحجر دورا متقدما، ويكون من أوائل من يملئون جالوناتهم والعودة من جديد للمركز.

قد يعجبك ايضا