تفاصيل معلومات تُنشر لأوّل مرّة .. حماس كانت تملك معلومات دقيقة عن كل شيء بـ”إسرائيل”
المرفأ…السابع من أكتوبر، يوم الاجتياح الفلسطيني للأراضي المغتصبة في محيط غلاف غزة، ويوم أعظم انتصار عسكري ستدونه كتب التاريخ على “إسرائيل”.
ما فعلته المقاومة في عملية “طوفان الأقصى” زلزل المحتل، واظهر للعالم بأسره مدى هشاشة هذا الجيش الذي انهارت معسكراته خلال ساعات معدودة في السابع من أكتوبر، كما لا يزال العديد من الاسرار لم تعلم لغاية الآن عما حدث في ذلك اليوم.
ومن بعض الاسرار التي كشفتها مصادر عسكريّة وأمنيّة في جيش الاحتلال الإسرائيليّ، فقد زعمت المصادر، أنّ شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان) كانت لديها الخطّة التفصيليّة لهجوم حركة (حماس) في السابع من تشرين أوّل (أكتوبر) الماضي، ولكن في قيادة المنطقة الجنوبيّة تأصلت الرؤية بأنّ التنظيم “الإرهابيّ” ليس قادرًا على تفعيل أكثر من سبعين عنصرًا من قوّات النُخبة، وأكثر من ذلك فإنّ (حماس) أوهن من إرسال ثلاثة آلاف فدائيّ لتنفيذ العملية، على حدّ تعبيرها.
وكشفت المصادر عينها، بحسب تقريرٍ أعدّه المُحلِّل للشؤون الاستخباراتيّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، رونين بيرغمان، كشفت النقاب عن أنّه بحوزة (حماس) كانت معلوماتٍ سريّةٍ للغاية عن الكيان، لافتةً في ذات الوقت إلى أنّه يتحتَّم على جيش الاحتلال فحص هذه القضية بشكلٍ أساسيٍّ، والتوصّل لمعرفة كيفية تسرّب هذه التفاصيل السريّة لحماس، على حدّ تعبيرها.
عُلاوة على ذلك، شدّدّ المُحلِّل الصهيوني على أنّ الضابطة في الوحدة 8200، التابعة لشعبة الاستخبارات العسكريّة، والتي حاولت مرارًا وتكرارًا التحذير من أنّ حماس مرتدعةً ولن تقوم بشنّ هجومٍ ضدّ جنوب الدولة العبريّة، قوبلت بالرفض التّام من قبل القادة، وفي السابع من أكتوبر تبينّ أنّها حاولت قرع أجراس الإنذار، ولكن أحدًا لم يُصغِ إليها، طبقًا للمصادر في تل أبيب.
بالإضافة إلى ما ذُكِر أعلاه، أوضح المحلل بيرغمان أنّه في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الفائت، تمّ تنظيم يومًا دراسيًا حول (توقعات الحرب القادمة في غزّة)، حيثُ شارك فيه جميع قادة اللواء الجنوبيّ بجيش الاحتلال، بالإضافة إلى ضيوفٍ من الشاباك والموساد وآخرين، حيث تمّ خلاله عرض تقريرًا مفصلاً عن الحرب القادمة ضدّ (حماس)، العدوّ الرئيسيّ في الجنوب، وعكف على إعداده قائد المخابرات بالجيش.
وتبينّ من التقرير الذي عُرِضَ على المُشاركين أنّ وحدة (النُخبة)، وهي القوّة الخاصّة بحماس، تشمل 24 سريّة، وكلّ سريّةٍ فيها بين 90 حتى 130 مقاومًا، بكلماتٍ أخرى، قال التقرير، إنّ (حماس) تُعِّد بين 2100 مقاتلٍ حتى 3100 مدرّبين جدًا من أجل مهاجمة إسرائيل.
وشدّدّ المُحلِّل على أنّه من المفترض أنّه خلال السنوات الماضية قامت (حماس) بإعداد كميةٍ كبيرةٍ من الخطط العملياتيّة، والتي تشمل جميعها هدفًا واحدًا: اجتياح واسع النطاق لإسرائيل، القضاء كليًّا على فرقة غزّة بجيش الاحتلال، السيطرة على أكبر عددٍ من المُستوطنات المتاخمة للجدار مع غزّة، بالإضافة إلى مناطق أخرى في جنوب الكيان، وخلال العملية قتل واختطاف أكبر عددٍ من المستوطنين والجنود، كما جاء في إحدى الوثائق التي أعدّتها شعبة الاستخبارات العسكريّة بالاحتلال.
وأوضح المُحلِّل أيضًا أنّ كبار الاختصاصيين والخبراء في الجيش، الذين اطلعوا على خطّة (حماس) وصفوها بالمتطورة، الذكيّة والمُعقدّة والكبيرة، ولكن في الوقت عينه أنّها تحمل في طيّاتها الكثير من المخاطر، لافتًا إلى أنّ فحص التاريخ العسكريّ لم يجِد لها مثيلاً من قبل تنظيماتٍ “إرهابيّةٍ” إلّا في فيتنام عندما قام الثوّار الشيوعيين بمهاجمة الجيش الفرنسيّ بدءًا من آذار (مارس) 1954، الأمر الذي أدّى إلى تورّط الأمريكيين في الحرب وتغيير مسار التاريخ.
وتابع المُحلِّل أنّ التاريخ في “إسرائيل” تغيّر: وبحسب المصادر التي اعتمد عليها فإنّ شعبة الاستخبارات الإسرائيليّة حصلت على خطّة (حماس) لمهاجمة “إسرائيل”بشكلٍ تفصيليٍّ، لافتًا إلى أنّ تفاصيل الخطّة تثير القلق العميق بسبب الكمّ الهائل الموجود لدى (حماس) عن “إسرائيل” بشكلٍ عامٍّ، وعن قيادة المنطقة الجنوبيّة بجيش الاحتلال بشكلٍ خاصٍّ.
وبالإضافة إلى ذلك، ظهر أنّه لدى (حماس) معلومات مهمّة وسريّة عن الجدار الذي أقامته “إسرائيل” على الحدود مع غزّة، عن مواقع جيش الاحتلال، وسائل الأسلحة وعتاد القتال، عدد القوّات وكيفيّة تنظيمها، وأيضًا مراكز الاتصالات التابعة لجيش الاحتلال، موضحًا أنّ (حماس) كانت تعلم كثيرًا ممّا توقّعوا بالجيش الإسرائيليّ.
وخلُص المُحلِّل إلى القول إنّه على الرغم ممّا كلّ ما ذُكِر، فإنّ التصوّر والمفهوم في الجيش الإسرائيليّ حول قوّة (حماس) وشجاعة خططها، لم يتغيّرا بتاتًا، بل واصل قادة المنطقة الجنوبيّة التمسّك بالنظريّة القائلةً إنّ (حماس) ليست قادرةً على إرسال أكثر من سبعين مقاتلاً لاجتياح إسرائيل، وهذا الأمر يُمكِن علاجه عسكريًا بشكلٍ سهلٍ.
ربّما، ومرّةً أخرى ربّما، ما زالت إسرائيل، قيادةً وشعبًا تعيش على الأطلال، وتعتمِد على مقولة رئيس الوزراء الأسبق، العنصريّ والمُجرِم يتسحاق شامير، الذي أرسى مقولته غيرُ المأثورة بأنّ البحر هو نفس البحر، والعرب هم نفس العرب.
رأي اليوم