تقرير أممي: الحيوانات البرية المهاجرة للأردن آخذة في الانخفاض
المرفأ…حذر تقرير أممي من أن “أنواع الحيوانات البرية المهاجرة في الأردن والعالم آخذة في الانخفاض، في وقت يتعرض فيه العديد من الأنواع لخطر الانقراض المتزايد”.
وأرجع خبراء في التنوع الحيوي والبيئي أسباب هذا الانخفاض إلى أن “جميع الأنواع المهاجرة تتعرض للاستغلال المفرط وفقدان الموائل بسبب النشاط البشري، حيث تتأثر ثلاثة من أصل أربعة أنواع مدرجة في اتفاقية الحفظ لفقدان الموائل وتدهورها وتجزئتها”.
وفي التقرير الذي أطلقه برنامج الأمم المتحدة للبيئة الشهر الحالي “تتأثر سبعة من كل عشرة أنواع مدرجة في اتفاقية حفظ الأنواع المهاجرة للاستغلال المفرط، في حين أن لتغير المناخ والتلوث، والأنواع الغازية تأثيرات عميقة على تلك الكائنات المهاجرة”.
وهذه الأرقام وفق الخبراء، لا تعد “صادمة”، لأن تقارير دولية كانت قد أشارت إليها سابقاً، لكن “الحكومات لم تولها الأهمية عبر وضع البرامج والسياسات الكفيلة بحمايتها على أرض الواقع”.
فعلى الصعيد العالمي، هناك 399 نوعًا مهاجرًا مهددًا، أو على وشك الانقراض، وغير مدرج حاليًا في اتفاقية حفظ أنواع الحيوانات البرية المهاجرة، وفق التقرير الأول الذي يُطلق عن حالة الأنواع المهاجرة في العالم.
وتلك الأرقام تتطابق مع دراسة وحيدة في الأردن كانت صدرت في عام 2017 أشارت نتائجها إلى أنه “جرى صيد 4707 تتبع لـ 59 نوعا من الحيوانات، من بينها أكثر من 84 % من الطيور، والتي تندرج نسبة كبيرة منها في قائمة اتفاقية حفظ أنواع الحيوانات البرية المهاجرة”.وفي التقرير الأممي ذاته فإن “ما يقرب من 44 % من تلك الأنواع يُظهر انخفاضا في أعدادها، فيما أكثر من 22 % من تلك المدرجة في اتفاقية حفظ أنواع الحيوانات البرية المهاجرة (CMS) مهدد بالانقراض”.
ومن بين تلك الأنواع عقاب السهوب والنسر المصري والجمل البري، والحيتان الزرقاء والحدباء، ونسر البحر ذو الذيل الأبيض، وطائر أبو منجل أسود الوجه، بما في ذلك أسماك القرش المهاجرة والشفنينيات وسمك الحفش.
ولكن “يتزايد خطر الانقراض بالنسبة للأنواع المهاجرة على مستوى العالم، بما في ذلك تلك غير المدرجة في الاتفاقية، وبنسبة 51 % في مناطق التنوع البيولوجي الرئيسية، التي تم تحديدها على أنها مهمة للحيوانات المهاجرة، لكنها لا تتمتع بوضع محمي”.
ويستند التقرير الأممي في نتائجه إلى بيانات منظمة “بيرد لايف انترنشيونال” حيث أكد مدير المكتب الإقليمي لها في الأردن إبراهيم خضر أن “الدراسات السابقة الصادرة عن المنظمة أشارت إلى أن التنوع الحيوي بشكل عام يتعرض بصورة سريعة ومتزايدة لخطر الانقراض”.
ولفت خضر إلى أن “نتائج تقرير حالة الطيور في العالم الصادر عام 2022 بينت أن ما نسبته 49 % من أصل 11 ألف نوع من الطيور المعروفة دولياً أعدادها في تناقض متزايد” بحسب الغد.
وأشار إلى أن “نسبة أعداد الأنواع المهددة بالانقراض ارتفعت إلى نحو 12.8 %، أي حوالي 1409 أنواع”.
ولا تعد تلك المؤشرات الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة “صادمة”، لأن المنظمة كانت أشارت لها “مراراً وعبر سنوات ماضية”، “لكنها لم تجد الأولوية لحمايتها على أجندة الحكومات”، وفق خضر.وشدد على أن “جزءا كبيرا من تلك الأنواع لا يتمتع بالحماية الكافية، والإدارة الفاعلة، ما يتطلب أن يكون الحفاظ على التنوع الحيوي بعيداً فقط عن تحقيق العوائد الاقتصادية”.
وحث الأردن والحكومات العربية على أن “تضع التنوع الحيوي على أجندة أولوياتها، عبر تطبيق القوانين، ورفع التوعية، ورصد التمويل اللازم لبرامج الحماية”.
كما أن “هناك حاجة لتبني مشاريع إقليمية وعابرة للحدود باعتبار أن الكائنات البرية تهاجر من دولة لأخرى”.
وتقوم مليارات الحيوانات برحلات هجرة كل عام على الأرض، وفي المحيطات، والسماء، وبشكل عابر للحدود الوطنية والقارات، ويسافر بعضها آلاف الأميال عبر العالم من أجل التغذية والتكاثر، وفق التقرير الأممي.
وتلعب الأنواع المهاجرة دورًا أساسيًا في الحفاظ على النظم البيئية في العالم، وتوفر فوائد حيوية، من خلال تلقيح النباتات، ونقل العناصر الغذائية الأساسية، وافتراس الآفات، والمساعدة في تخزين الكربون.
ويعاني 58 % من تلك الأنواع، التي تعيش في المواقع المراقبة والمعترف بها على أنها مهمة للحيوانات المهاجرة المدرجة في الاتفاقية، من مستويات غير مستدامة من النشاط البشري، بحسب التقرير الأممي.
وفي رأي المختص بالتنوع الحيوي إيهاب عيد فإن “نتائج التقرير الأممي متوقعة خاصة في ظل إهمال برامج حماية الطبيعة في الفترة السابقة، والتركيز على ما يسمى بالسياحة البيئية”.
وفي دراسة أعدها عيد، بالتعاون مع الباحث رمزي حنظل عام 2017 لتتبع الصيد غير القانوني في الأردن، تبين صيد 4707 من بينها عدد جيد من الأنواع المدرجة على قوائم اتفاقية الأنواع المهاجرة مثل اللقلق الأبيض، وعقاب السهوب وباشق العصافير، رغم أن الأردن وقع على الاتفاقية منذ عام 2001.
وفي حال التطرق لمنطقة الشرق الأوسط، بينت دراسة تم نشر نتائجها عام 2019، بحسب عيد، بأن “حجم القتل والاعتداء غير القانوني على الطيور البرية في شبه الجزيرة العربية والعراق وإيران لا تقل عن 1.7 إلى 4.6 مليون طائر، تندرج ضمن 413 نوعًا على الأقل”. وعلى الرغم من “تحفظ عدد من الدول على الأرقام إلا أن الدراسة تعد مؤشراً خطيراً على تدهور التنوع الحيوي في المنطقة العربية”.
وشدد على “أهمية الالتزام بتنفيذ بنود الاتفاقيات التي تعتبر لدى المصادقة عليها ملزمة قانونياً، من خلال تطبيق القوانين بشكل فعال، مع دعم للمؤسسات العاملة في مجال حماية الطبيعة لضمان قيامها بواجبها، ولا تتحول لمؤسسات سياحية”.
وفي الأردن، تلعب الجمعية الملكية لحماية الطبيعة دورًا رئيسيًا في حماية الأنواع، والنظم البيئية في المحميات الطبيعية، لضمان استدامتها، واستدامة نفعها للأفراد، وفق مدير مرصد طيور العقبة التابع لها فراس الرحاحلة.
وجاءت نتائج برامج مراقبة الأنواع المهاجرة من الطيور في المرصد لتظهر “وجود تناقص كبير في بعض أعداد تلك التي تعبر المنطقة، مثل الصقر الحوام وصقر العسل”، بحسبه.
ولفت إلى أن “المرصد سجل عبور أنواع في المنطقة لم تكن تشهد عبورها سابقاً، مثل الأوزة الغراء الصغيرة، والنورس الصغير”.
وتؤكد نتائج التقرير الأممي “الحاجة إلى مزيد من العمل، لحماية جميع الأنواع المهاجرة، من خلال التعاون الدولي، واتخاذ إجراءات من الحكومات والقطاع الخاص والجهات الفاعلة الأخرى”.
ودعا التقرير إلى “تعزيز وتوسيع الجهود الرامية إلى معالجة الاستيلاء غير القانوني وغير المستدام للأنواع المهاجرة، وزيادة الإجراءات لتحديد وحماية وربط وإدارة المواقع الهامة للأنواع المهاجرة بشكل فعال”.
وحثت كذلك التوصيات على “التعامل بشكل عاجل مع تلك الأنواع الأكثر عرضة لخطر الانقراض، بما في ذلك جميع أنواع الأسماك المدرجة في اتفاقية حفظ الأنواع المهاجرة، وتكثيف الجهود لمعالجة تغير المناخ، والتلوث الضوضائي، والكيميائي والبلاستيكي”.
وينصب التركيز الرئيسي للتقرير على 1.189 نوعًا من الحيوانات التي اعترفت بها الأطراف في اتفاقية حفظ أنواع الحيوانات البرية المهاجرة على أنها تحتاج إلى حماية دولية، وهي مدرجة فيها، على الرغم من أنها تحتوي أيضًا على تحليل مرتبط بأكثر من 3000 نوع مهاجر إضافي غير مدرج.