معتقلات فلسطينيات تعرضن للعنف الجنسي والتعري والتعذيب من قبل جيش الاحتلال

129

المرفأ..تعرضت معتقلات فلسطينيات من غزة إلى العنف الجنسي والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية، من خلال التعرية والتحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب، خلال احتجازهن لمدد متفاوتة من قبل قوات جيش الاحتلال، وفق ما ورد في شهادات جديدة حصل عليها “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان”.
المعتقلات، اللواتي أمضين مدداً مختلفة من الاعتقال تعرضن، وفق الشهادات، الى ممارسات قاسية تصل حد التعذيب، بما يشمل ضربهن بشكل وحشي، وتهديدهن بالاغتصاب في حال عدم الانصياع لأوامر الضباط، والإجبار على التجرد الكامل من ملابسهم والتفتيش العاري أمام جنود ذكور، وتوجيه ألفاظ نابية بحقهن، وتقييدهن وتعصيب أعينهن لفترات طويلة، واحتجازهن في أقفاص مفتوحة وسط أجواء شديدة البرودة، وحرمانهن من الطعام والأدوية والعلاج اللازم والمستلزمات النسائية، وتهديدهن بشكل متواصل بحرمانهن من رؤية أطفالهن، عدا عن قيام جيش الاحتلال بنهب أموالهن وممتلكاتهن التي كانت بحوزتهن عند الاعتقال.
وأجرى “الأورومتوسطي” مقابلات شخصية مع عشرات النساء اللاتي صرّحن بأنهن تعرضن للتحرش الجنسي واللفظي. واعتبر أن عدداً أكبر من المعتقلات تعرضن لتلك الانتهاكات وفضّلن عدم الكشف أو الحديث عنها بسبب الأعراف الاجتماعية أو نتيجة تعرضهن للصدمة أو خوفاً من الانتقام أو الملاحقة أو القتل من الجيش الإسرائيلي.
وبيّن أن الوصول الى العدد الدقيق أو الحجم الفعلي لمدى ممارسة تلك الانتهاكات ضد النساء والفتيات الفلسطينيات من المرجح، إن تحقق، أن يأخذ وقتاً أطول. وأكد أن كل هذه الانتهاكات تأتي في سياق نزع الإنسانية عن الفلسطينيين في قطاع غزة جميعاً، وبخاصة الأطفال والنساء، وبالتالي تبرير وتطبيع كافة الجرائم المرتكبة بحقهم. كما تأتي هذه الجرائم تنفيذًا للتحريضات العلنية التي نفذها مسؤولون إسرائيليون ضد جميع سكان القطاع، بالإضافة إلى تمتع مرتكبي هذه الجرائم بحصانة مطلقة في ظل عدم اتخاذ أي إجراء لمساءلتهم ومحاسبتهم على أي مستوى أو من أي جهة. وشدد على أن ما تقوم به إسرائيل من ممارسة التعذيب ضد المعتقلات الفلسطينيات، ومعاملتهن معاملة لاإنسانية، وارتكاب مختلف أشكال العنف الجنسي ضدهن، بما في ذلك الاغتصاب والتهديد بالاغتصاب، وخدش الحياء، وهتك الحرمات، والتجريد من الملابس، والاعتداء على كرامتهن، وتعمد إلحاق الألم والمعاناة الشديدة بهن، تعتبر في مصاف جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، وهي جرائم قائمة بحد ذاتها، حسب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتأتي أيضًا في سياق جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي. وجدد مطالبته اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتحمل مسؤولياتها والتحقق من أوضاع المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، لا سيما النساء والفتيات، والتأكد من ظروف احتجازهم، والبحث عن المفقودين والمفقودات منهم، خاصة في ظل توثيق شهادات عن ممارسات التعذيب المنهجية التي يتعرض لها المعتقلون الفلسطينيون، ومع تزايد حالات الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والاعتقال الإداري وتطبيق قانون المقاتلين غير الشرعيين المخالف للقانون الدولي على أسرى ومعتقلي قطاع غزة. وشدد على ضرورة قيام الصليب الأحمر بتبني المواقف العلنية وإصدار البيانات في كل مرة ترفض فيها إسرائيل السماح لها بالقيام بمهامها المنوطة بها، وعلى رأسها زيارة المعتقلين والأسرى الفلسطينيين. ودعت أليس جيل إدواردز مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، إلى التحقيق الفوري فيما تعرضت له المعتقلات الفلسطينيات من انتهاكات جسيمة وجرائم خطيرة، ورفع التقارير بشأنها، تمهيدًا لعمل لجان التحقيق وتقصي الحقائق والمحاكم الدولية في النظر والتحقيق وإجراء المحاكمات بشأن الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين قطاع غزة. وجددت المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة خاصة بالجرائم المرتكبة خلال العدوان العسكري الأخير على قطاع غزة، بالتوازي مع تمكين لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية في الأرض الفلسطينية المحتلة التي تم تشكيلها عام 2021 من القيام بعملها، بما في ذلك ضمان وصولها إلى قطاع غزة وفتح التحقيقات اللازمة في جميع الجرائم والانتهاكات المرتكبة ضد الفلسطينيين في القطاع، بما في ذلك ما تتعرض له النساء الفلسطينيات من جرائم التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، وكافة أشكال العنف الجنسي .

وكان بيان لخبراء في الأمم المتحدة الأسبوع الماضي قد أعرب عن القلق إزاء تقارير موثوقة بشأن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات في قطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك العنف الجنسي والاغتصاب والتهديد به والتعذيب والحرمان من الرعاية الصحية والغذاء.

تعرية وضرب وبصاق وإهانات

ن.ح (45 عاماً)، وهي من سكان حي الشيخ رضوان في مدينة غزة، جرى اعتقالها في 28 كانون الأول/ديسمبر 2023، من داخل مدرسة لإيواء النازحين تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) في مخيم البريج للاجئين وسط القطاع، وقد ظلت محتجزة لمدة 43 يوماً.
قالت للمرصد إن جيش الاحتلال اقتحم المدرسة فجراً واستدعى الذكور وأجبرهم على خلع ملابسهم واحتجازهم، ومن ثم تم استجواب النساء عبر طلب فحص هوياتهن الشخصية، مشيرة إلى أن قوات الجيش طلبت منها الدخول إلى غرفة للخضوع الى معاينة طبية. وأضافت: “بعد دخولي الغرفة تم تفتيشنا ونحن عاريات بالكامل داخل مكان مغلق، وظلت المجندات يضربننا بشدة.”
وأشارت الى أنها تعرضت للتفتيش العاري عدة مرات في أماكن مفتوحة وبوجود جنود ذكور، فيما قامت مجندة خلال تعريتها بإهانتها والبصق عليها والتعليق على جسدها. وأوضحت أنها تعرضت للاحتجاز لمدة 11 يوماً داخل قفص يشبه “قفص الحيوانات” في العراء، وكانت مكبلة طوال الوقت وسط أجواء شديدة البرودة، فيما لم توجد في المكان سوى دورة مياه واحدة دون طعام أو ماء كافٍ، موضحة أنه تم التحقيق معها عن أفراد عائلتها بينما كانت مقيدة على كرسي.
وأفادت بأنه تم التحقيق معها مرة أخرى بعد أربعة أيام من وجودها داخل قفص وابتزازها بعدم رؤية أبنائها مجدداً في حال عدم تعاونها مع المحققين، فيما تعرضت لإهانات لفظية من الجنود والمجندات، فضلاً عن تصويرهن بالهواتف المحمولة لتوثيق تعذيبهن وسط تجاهل تدهور حالتهن الصحية.

تقييد جماعي ومنع من الصلاة وإهمال طبي

تعرضت ش. د (20 عاماً)، للاعتقال لمدة 50 يوماً من داخل مدرسة حكومية لإيواء النازحين في مدينة غزة.
وأوضحت وهي من سكان مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، أنه عند اعتقالها تم تكبيل يديها من الخلف ووضع عصابة على عينيها وتفتيشها وهي عارية من ملابسها باستثناء الملابس الداخلية، قبل أن يتم نقلها مع معتقلات أخريات عبر جيب عسكري إلى موقع “زيكيم” العسكري، فيما تركهن الجنود على الرصيف لمدة تقارب الساعتين وهم يسخرون منهن ويتحدثون باللغة العبرية التي لا يفهمنها.
وقالت “كانت مرحلة الاحتجاز صعبة للغاية وتعرضت لشد عضلي في يدي المكبلة، وعندما حاولت تعديل وضعيتي، قامت المجندة الإسرائيلية بضربي بشدة على ظهري. ثم تم نقلنا بالشاحنة إلى منطقة جبلية بالقرب من مدينة القدس في مركز احتجاز يُدعى عاناتوت، وكانت درجة الحرارة هناك منخفضة وعانينا من البرد الشديد.”
وأضافت “بقينا هناك على الرصيف لمدة تقارب الساعة، ثم أعطونا ملابس السجن المعروفة باللون الرمادي. بعد ذلك قاموا بتقييدنا جماعياً في طابور وسخروا منا بينما كنا نمشي، ثم اقتادونا إلى مكان يشبه القفص يشبه الجحيم. وبقينا في هذا القفص لمدة حوالي 8 أيام، دون تلبية احتياجاتنا الأساسية مثل قضاء الحاجة والطعام”.
وتابعت “خلال تلك الأيام، لم يتم تقديم طعام سوى وجبة اللبنة، وكانت كمية الطعام قليلة جدًا، ولكنا كنا نتقاسمها بيننا. كنا نتعرض لإهانات لفظية سيئة بألفاظ نابية، ومنعنا من الاستحمام واستخدام الفوط الصحية إلا بكميات شحيحة جدًا لا تكفي حتى ليوم واحد.”
وأضافت: “كان الجنود يضيقون علينا ليمنعونا من الصلاة، فضلاً عن إبقائنا في العراء تحت الأمطار”. وأوضحت أنها تعرضت لعدة اعتداءات من مجندات، وبعد قضاء ثمانية أيام تم نقلها إلى سجن الدامون.
واستكملت: “خلال عملية النقل قامت إحدى المجندات برفع العصابة عن عيني وطلبت مني تقبيل علم إسرائيل، وحين رفضت تعرضت للضرب بشكل جنوني في وجهي، وظلت المجندة تستفزني وتعتدي علي انتقاماً مني بعد ذلك”.
واشتكت من تعرضها للإهمال الطبي أثناء وجودها في سجن الدامون، وخضوعها الى جلسات تحقيق قاسية متكررة حتى تم الإفراج عنها.

تهديد بالاغتصاب وبعدم رؤية الأبناء

قبل اعتقال “ن.م” (39 عاماً) تعرض ثلاثة من أشقائها للقتل في حادثتين منفصلتين في قصف من طائرة استطلاع إسرائيلية وإطلاق نار، مشيرة إلى أنه عند اقتحام المدرسة بالآليات العسكرية، تمت تعرية الذكور واستجوابهم، ومن ثم اقتيادهم مع النساء إلى مسجد قريب ومصادرة بطاقاتهم الشخصية واستجوابهم جميعًا بشكل فردي.
وأضافت للمرصد أنه تم التحقيق معها من قبل جنود هددوها بالاغتصاب حال عدم إطاعة أوامرهم بتسجيل مقاطع مصورة تهاجم حركة “حماس”، إلى جانب تهديدها بعدم رؤية أبنائها في حال عدم استجابتها لهم.
وأشارت إلى أنه تم نقلها إلى سجن “الدامون” الإسرائيلي والتحقيق معها حول قضايا عسكرية وسط ظروف معيشية بالغة السوء، ولم يكن يسمح لهن بالخروج من الغرفة الضيقة.

جلسات تحقيق قاسية ومصادرة المقتنيات

تعرضت ر. ر (31 عاماً)، وهي من سكان شمال غزة، للاعتقال في 3 كانون الأول/ديسمبر الماضي أثناء نزوحها مشياً على الأقدام عبر حاجز (نتساريم) العسكري إلى جنوب قطاع غزة. وقالت للمرصد إنه عند اعتقالها تمت مصادرة كافة مقتنياتها من ذهب وأموال وهاتف محمول وأغراض شخصية، وأُجبرت على خلع ملابسها قبل أن يتم تقييد أيديها وتعصيب عينيّها ونقلها إلى مركز احتجاز في موقع (زيكيم) وإخضاعها الى جلسات تحقيق قاسية تتضمن معاملة قاسية من ضرب وتعذيب وتوجيه ألفاظ نابية.
وأوضحت أنه تم رفض تلبية أبسط احتياجاتها، بما في ذلك توفير رعاية لها خلال فترة الدورة الشهرية، وقد تم ابتزازها في عدة مناسبات بما في ذلك الطلب منها العمل مع المخابرات الإسرائيلية وتهديدها بالتعذيب والقتل في حال أصرت على الرفض.
وأضافت أنه تم نقلها لاحقًا إلى سجن “الدامون” داخل باص، وتعرضت خلال ذلك إلى اعتداء بالضرب الشديد من جندي، وقد خضعت الى مزيد من الاستجواب، وتخلل ذلك الاعتداء الجسدي عليها وهي عارية من ملابسها فضلًا عن احتجازها في العراء في البرد الشديد، وذلك قبل أن يتم الإفراج عنها في 19 كانون الثاني/يناير الماضي.

قد يعجبك ايضا