إلغاء مكافآت لجان الترقية في “التربية” .. هل يقتل الحافز؟

100

المرفأ…في الوقت الذي أصدر فيه وزير التربية والتعليم الدكتور عزمي محافظة قرارا قبل أيام يقضي بإلغاء مكافآت لجان الترقية والخبراء والمختصين، تبرز على السطح تساؤلات عديدة أهمها: هل ستشهد الوزارة حراكا يمهد لتطبيق حازم لقانون الموارد البشرية الجديد الذي أثار جدلا واسعا في الآونة الأخيرة، أم أن من شأن القرار أن يضعف الحافزية للعمل، لا سيما مع حالة الضيق الاقتصادي السائدة؟

وكانت صدرت في الجريدة الرسمية أخيرا تعليمات جديدة بإلغاء “تعليمات مُكافآت لجان الترقية المركزية والفرعية والخبراء والمختصين رقم (11) لسنة 2002”.

وفي هذا الصدد، قال مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي في وزارة التربية والتعليم سابقا الدكتور محمد أبو غزلة إن ما أعلنه وزير التربية والتعليم في قراره، يعد إجراءات قانونية سليمة تتفق وأحكام نظام الموارد البشرية رقم (33) لسنة 2024 للقطاع العام، والذي نشر في الجريدة الرسمية.
وقال إنه بموجب ذلك، فإن على الوزارات ومؤسسات القطاع العام تطبيقه، كما أن تشكيل لجنة لإعادة دراسة بعض مواده بتوجيه من رئيس الوزراء لا تمنع من السير في إصدار تعليمات أو إلغاء تعليمات خاصة بالوزارات نفسها، على الرغم من أن المادة (121) من نظام الموارد البشرية نصت على إصدار مجلس الوزراء تعليمات وقرارات لتنفيذ النظام، شريطة أن يستمر العمل بالتعليمات السابقة الصادرة عن نظام الخدمة المدنية.
وأضاف أبو غزلة إن إعلان الوزير عن صدور تعليمات لإلغاء مكافأة لجان الترقية المركزية والفرعية، والتي صدرت بموجب نظام رتب المعلمين رقم (61) لسنة 2002، وتعليمات رتب المعلمين رقم (2) لسنة 2024 الصادر بموجب مجموعة مواد في النظام هو إجراء سليم، لكن السؤال هنا: هل ذلك أولوية أم أن الأولوية ينبغي أن تذهب لتشكيل لجنة داخلية في الوزارة بهدف إجراء دراسة شمولية لمجموعة التعليمات الصادرة عن الأنظمة السابقة والتي تمت شرعتنها لصرف المكافآت المالية وغيرها؟
وتابع: “ينبغي من ثم تحديد التعليمات والأسس لتعديلها، ومنها على سبيل المثال أولوية تعديل تعليمات نظام الرتب نفسه وليس التعليمات الصادرة عنه، مثل إلغاء تعليمات لجنة الترقيات المركزية في الوزارة، والفرعية في مديريات التربية والتعليم، والتي تصل تكلفتها السنوية إلى نحو 90 ألف دينار تقريبا، في حين أن هناك تعليمات تكلف الوزارة والدولة أضعاف هذا المبلغ”.
ورأى أن هناك “استعجالا في إلغاء إصدار هذه التعليمات رغم قانونيتها، لا سيما وأن النظرة والقراءة الشمولية ضرورية لمواءمة مع ما ورد في النظام في مجال الترقية والحوافز وتشكيل اللجان أو تكليف لجنة من داخل الوزارة، أما بالنسبة للجنة الترقيات وكون بعض أعضائها من الخارج، فلا يمكن تكليفهم بالعمل الإضافي، ومن هنا أعتقد أن من الأهمية بمكان وضع تعليمات داخلية بموجب النظام لمنحهم مكافأة مالية”.وأضاف: “لا بد من اختيار أعضاء من الخارج لضمان الشفافية والعدالة والحيادية، وهو أيضا ضمان لعكس المبادئ الواردة في إستراتيجية الموارد البشرية في النظام الجديد وللإستراتيجية التي تهدف بمجملها إلى التطوير والتحديث والموازنة بين الاهتمام بالمؤسسات، والوزارات، وتحقيق العدالة بين الموظفين، ولا اعتقد أن المواد التي وردت في النظام الجديد حول تقييم الأداء وغيرها ستكون هي الحل الأمثل لمنح الزيادات والرتب والترقيات للعاملين في الوزارة، مثل المادة (30) المتعلقة بتقييم الأداء والزيادات السنوية”.
وتساءل: “كيف لنا أن نوازن بين ما ورد في نظام رتب المعلمين، لا سيما أن ترقياتهم تتصل بتطوير الأداء الفردي، وبين ما ورد في نظام الموارد البشرية من تعدد الجهات في تقييم الأداء الفردي للموظف العام؟”، معبرا عن خشيته من أن يقود إلغاء مكافآت اللجان إلى إلغاء اللجان نفسها تمهيدا لإلغاء نظام الرتب، أو تشكيل لجنة داخلية في الوزارة، وبالطبع لن تحقق اللجنة العدالة بين الموظفين، وسيكون نتاج عملها إلغاء جميع الحوافز المرتبطة بنظام الرتب، والاعتماد على ما ورد من حوافز وترقيات وظيفية فقط في نظام الموارد البشرية”.
ودعا إلى تشكيل لجنة متخصصة لدراسة التعليمات السابقة في وزارة التربية والتعليم المعنية بتنظيم العمل في جميع مجالات عمل الوزارة وليس فقط مجال المكافأة والحوافز المالية التي تمنح للعاملين داخل الوزارة أو لأفراد من مؤسسات أخرى ممن يشاركون في لجان عمل الوزارة، مشيرا إلى أن ذلك هو الإجراء العلمي السليم، إضافة إلى أهمية وجود آلية للمتابعة لضمان الشفافية والعدالة بين جميع العاملين في الوزارة.
عطفا على ذلك، وفق أبو غزلة، سيكون هناك أيضا مجال كبير لتحقيق غايات وأهداف نظام الموارد البشرية ليس في الوزارة وحدها بل في باقي الوزارات، نظرا لأن نسبة العاملين في الوزارة من القطاع العام هي النسبة الأكبر إذ تتجاوز 50 %، وأي نجاح فيها سينعكس بالضرورة على باقي القطاعات، وبعكس ذلك سيكون هناك تدن في الأداء لدى هذه المؤسسات جراء انخفاض دافعية العاملين بسبب الممارسات المتفاوتة بين الوزارات، وسيكون ذلك سببا في زيادة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية نتيجة غياب العدالة في تطبيق هذا النظام الذي يحتاج أصلا إلى مراجعة شاملة.
بدوره، قال الخبير التربوي محمود المساد إن التعليمات والإجراءات التي تصدر عن وزارة التربية والتعليم يوميا، ورغم أنها مرتبطة بتوجهات التحديث الإداري ونظام الموارد البشرية الجديد الذي تم تمريره عبر مراحله التشريعية، إلا أن الوزارة تستعجل فعلياً عمليات التنفيذ، من خلال إصدار عدد من التعليمات تباعا، علما أن الحكومة ألغت قرارا يتصل بالدوام خارج أوقات العمل الرسمي، وتم تكليف لجنة حكومية لدراسة القرار وترشيده وتخفيف آثاره.وتابع المساد أن وزارة التربية والتعليم أصدرت تعليمات جديدة تلغي أخرى صادرة بموجب نظام قائم، سبق واستكمل مراحله القانونية عام 2022، متسائلا: “أليس من الأولى للوزارة أن تُعدّل نظام رتب المعلمين بكامل مواده، وأن تمرره بمراحله القانونية بدل أن تلجأ فقط لإلغاء ما يفيد بعض العاملين ويدفعهم للعمل؟
ودعا الوزارة إلى التوجه نحو العاملين، وبالذات هيئات التدريس والإشراف الميداني، بكل ما من شأنه أن يعزز القرب منهم ويخفف معاناتهم، ويحسّن من مستوى معيشتهم.
وشاركهما الرأي، الخبير التربوي عايش النوايسة، الذي قال إن الوزارة تعمل على ترجمة التوجهات الملكية منذ أن أوعز جلالة الملك عبدالله الثاني للحكومة عام 2015 بتطوير منظومة متكاملة للتعليم بمختلف مراحله وقطاعاته، لمواكبة أحدث المعايير الدولية، وتكامل جهود تنمية القوى البشرية وفق إطار عمل واحد.
وتابع النوايسة أنه “وفي ذلك الوقت، تم تشكيل لجنة وطنية أعدت إستراتيجية شاملة وواضحة المعالم لتنمية الموارد البشرية للأعوام (2016-2025)، لتؤطر عمل القطاعات المعنية بالتعليم، وتنسجم مع مخرجات رؤية الأردن 2025 ومع الخطة التنفيذية للإستراتيجية الوطنية للتشغيل، ولاحقا مع مشروع التحديث الاقتصادي، والبناء على الجهود والدراسات السابقة، وصولاً إلى تنمية بشرية تمكن الوزارة من بناء قدرات أجيال الحاضر والمستقبل، وتسليحهم بأفضل أدوات العلم والمعرفة، وبما يحفز ويشجع على التميز والإبداع”.
وأضاف أن الهدف من ذلك، أن يكون الشباب مؤهلين وقادرين على المنافسة بكفاءة عالية، ليس على مستوى الوطن فحسب، بل على المستوى الإقليمي والدولي، وفتح آفاق الفرص أمامهم، وإطلاق إمكاناتهم وقدراتهم.
وبين أن الوزارة بدأت مشروعاً أقر من رئاسة الوزراء تضمن دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي في وزارة واحدة، بالإضافة إلى نقل مهام مؤسسة التدريب المهني وهيئة المهارات إلى الوزارة بحيث تحمل الوزارة الجديدة مسمى “وزارة التربية وتنمية الموارد البشرية”، وتكون مسؤولة عن التعليم بمراحله المختلفة، وهي مرحلة التعليم والتأسيس والتعليم العام، والتعليم والتدريب المهني والتعليم العالي، وكل ذلك بما يضمن مواءمة وتكاملية المدخلات والمخرجات لتلك المراحل.
وتابع: “كما سينتقل ملف ترخيص الحضانات من وزارة التربية إلى الوزارة الجديدة، ويتضمن النموذج الجديد للوزارة المنشأة خمس وحدات تنظيمية تغطي جميع مراحل التعليم”.
وأشار إلى أن كل ذلك يحتاج إلى منظومة جديدة وعصرية في إدارة الموارد البشرية، ويتطلب القيام بإجراء تحليل علمي لعمليات الوزارة الجديدة لإعادة هيكلتها داخليا لتحسين توزيع الأعمال وتعزيز الأداء.
ولفت إلى أنه، وفي ضوء إقرار الشكل الجديد للوزارة، سيتم تصميم عمليات وهياكل تنظيمية لكافة الأمانات الخمس والمديريات التي ستتبعها، بهدف تغيير شكل الخدمات التي تقدمها الوزارة، وخاصة مع التوسع في منح الصلاحيات للميدان، بعد تقليص مديريات التربية من 42 مديرية إلى 12، ولذا ستكون هناك قرارات جديدة وتعليمات وأنظمة تنسجم مع هذا التطوير وتلغي ما سبق من تعليمات خاصة، تزامنا مع إقرار الحكومة نظام الموارد البشرية الجديد”.

– الغد

قد يعجبك ايضا