خبراء في العمل: هل أخلت التعديلات المتكررة على قانون العمل بفاعليته ومراعاته لمتطلبات العمال وأصحاب العمل؟
المرفا…وجه خبراء في العمل، انتقادا للتعديلات التي تجريها الحكومة على قانون العمل، لما يعتورها من تجزيء، ودعوا لإعادة شاملة للقانون، بعد إجراء محاورات مع أصحاب الاختصاص والخبرة.
وكانت وزيرة العمل نادية الروابدة، قالت إن الأسباب الموجبة التي أقرها مجلس الوزراء لمشروع القانون المعدل لقانون العمل لسنة 2024، تواكب التطورات في سوق العمل، وتوائم بين أحكام القانون والتشريعات النافذة، بما فيها قانون الضمان الاجتماعي، وتمكن الوزارة من القيام بمهامها ومسؤولياتها في تنظيم سوق العمل، وتحقيق التوازن بين مصلحة العاملين وأصحاب العمل.
وأضافت الروابدة في تصريحات صحفية، أن التعديلات تعزز من دخول المرأة إلى سوق العمل، ورفع نسبة مشاركتها الاقتصادية، وزيادة فترة إجازة الأمومة وحظر إنهاء خدمات الحامل، وتسهم أيضا بتعزيز دور الوزارة في تنظيم شؤون العمالة غير الأردنية.
رئيس بيت العمال حمادة أبو نجمة، قال إن التعديلات على القانون تجري على نحو مجتزأ ومتكرر منذ أعوام، وهذا يتسبب بتشويهه، وبتضارب أحكامه، وعدم مراعاتها للمتطلبات الوطنية ومصالح أطراف العمل بعدالة.
وقال أبو نجمة، يفترض إجراء عملية إصلاح شاملة لأحكام القانون، وفتح حوار وطني فعال على قاعدة المعايير الدولية التي التزم بها الأردن، والمبادئ والمنهجيات الواجب اتباعها في الإصلاح، بما يضمن أن يحظى بأوسع قبولٍ ممكن من الشركاء الاجتماعيين والمجتمع المدني قبل عرضه، بحيث يوفر الحمايات الاجتماعية الضرورية المتعارف عليها، والتعامل معها باعتبارها حدودا دنيا من الحقوق والحمايات والالتزامات للعاملين وأصحاب الأعمال، وهي حمايات اتفقت عليها الأمم عبر منظومة ثلاثية، تشمل: العمال وأصحاب العمل والحكومات، في إطار منظمة العمل الدولية فيما يعرف بالحقوق والمبادئ الأساسية بالعمل ومعايير العمل اللائق، والتي تشكل الأرضية لتحقيق التوازنات في علاقات العمل.
وأكد أبو نجمة، أنه يجب أن ترتكز عملية الإصلاح الشاملة للقانون، على ضمان توفير شروط العمل اللائق للعمال، وشموله لقطاعات العمل وفئات العمال دون أي استثناء، ومن ذلك العاملون في القطاع غير المنظم، والقضاء على التمييز في الاستخدام والمهنة والعمل الجبري أو الإلزامي؛ وعمل الأطفال، إلى جانب تطوير وتعزيز آليات الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية وحماية الحق في التنظيم النقابي، وزيادة معدلات المشاركة الاقتصادية للمرأة، واحترام معايير العمل المتعلقة بساعات العمل والإجازات الأسبوعية والرسمية والسنوية والمرضية، وشروط السلامة والصحة والمهنية، وتضمين القانون لأدوات فعالة، لإنفاذه بتعزيز قدرات أصحاب المصلحة عمالا وأصحاب عمل.وتطرق أبو نجمة إلى أهم التعديلات، وأبرزها: الحقوق الأساسية، بحيث يجري فيها مراعاة القواعد الأساسية لحقوق العمل التي ضمنها الدستور ومعايير العمل الدولية التي التزم الأردن بها، وبنصوص واضحة وصريحة وقابلة للتطبيق، وبشكل خاص بضمان توفير شروط العمل اللائق للعمال.
وأما المسألة الأخرى، فتتمثل بالشمول، إذ يجب أن تتضمن معالجة الاختلالات الرئيسة التي لا تحتمل الانتظار في القانون، وعلى نحو خاص، ضرورة النص صراحة على شمول فئات العمال كافة بأحكام القانون، بغض النظر عن صدور أو عدم صدور أنظمة خاصة ببعضهم، كعمال الزراعة والمنازل، وأن يعالج بنصوص متخصصة أوضاع العاملين غير الرسميين (غير المنظمين)، تشملهم بالحمايات القانونية وتنظم علاقات عملهم، وتسهم بانتقالهم للعمل المنظم، وهم حسب بعض الدراسات يشكلون نحو نصف العاملين، ويفتقد كثير منهم لمعظم الحمايات القانونية.
وأشار إلى أنماط العمل الجديدة، بحيث يجب مراعاة تزايد استخدام التكنولوجيا والعمل عن بعد، فتعديل العام 2019 على القانون بإضافة تعريف العمل المرن والعمل الجزئي، يشكل خطوة مهمة في هذا الاتجاه، لكنها بحاجة لتطوير وإضافة قواعد تنظيمية واضحة، بخاصة وأن نظام العمل المرن الذي صدر مؤخرا، لا يفي بالغرض لتحقيق ذلك.
وأكد أبو نجمة على جانب التمييز في العمل، بحيث تعالج قضايا التمييز في العمل كافة، وليس فقط التمييز في الأجور بين الجنسين، ومن ذلك التمييز في فرص الحصول على العمل وإجراءاته، وظروف وبيئة العمل وشروطه، وفرص التدريب والترقي والامتيازات بأشكالها، وتحديد إجراءات لحظرها، ومعاقبة مرتكبها، كما أن تعريف التمييز في الأجور المبني على الجنس وحده غير كاف، إذ لا تتوافر في القانون قواعد قانونية تضمن تطبيقه، كما أنه يمثل قصورا واضحا، نتيجة التوجه نحو معالجة نوع واحد من التمييز دون غيره.
وبشأن الحرية النقابية، دعا لمراجعة الأحكام الخاصة بالنقابات العمالية وفقا للمعايير الدولية، باتجاه التوسع في التمثيل النقابي لفئات العاملين وحرية التنظيم النقابي، ومن ذلك معالجة الاختلالات التي تضمنتها التعديلات التي جرت في العامين 2019 و2023، نظرا لما تمثله من تراجع عن التزامات الأردن، وبشكل خاص التعديلات التي أجازت للحكومة التدخل بإعداد الأنظمة الداخلية للنقابات، وحل هيئاتها الإدارية، وتعيين هيئات مؤقتة بدلاً منها، وأن تصنف الأعمال والصناعات لغايات تأسيس النقابات ونقابات أصحاب العمل، دون التشاور مع ممثلي أصحاب العمل والعمال.
وبشأن عمل المرأة، دعا أبو نجمة، لوجوب وضع أحكام تسهم بتحفيز تشغيل المرأة وتوفير بيئة عمل صديقة لها، ومرافق وخدمات ملائمة في قطاعات العمل ومواقعه، ومساعدتها بالتصدي لما يواجهها من صعوبات في تحقيق التوازن بين العمل والأعباء العائلية، وفرض شروط العمل اللائق والمساواة في العمل وفرص التدريب والترقي، وما يتطلبه ذلك من ضرورة مراجعة النصوص القانونية للحد من التمييز ضدها، وللوقاية والحد من التحرش في مواقع العمل، لتكون قابلة للتطبيق، ولتعزيز وسائل الحماية لحقوقها الع مالية وفي مجال تنظيم سوق العمل، طالب أبو نجم بوجوب تنظيم الأحكام الخاصة بسوق العمل واستخدام العمالة الوافدة، فمشكلة السوق وتنظيمه تكمن بشكل أكبر في ضعف التنسيق بين القطاعين العام والخاص بتأهيل العمالة المحلية المدربة والكافية لسد احتياجات القطاع الخاص، وفي عدم ملاءمة ظروف العمل، وانخفاض الأجور، وطول ساعات العمل، وعدم توافر شروط العمل اللائق للذكور والإناث على السواء، ما يؤدي لإحجام الأردنيين عن التوجه للعمل فيها، وبناء على ذلك علينا التوجه نحو تعديلات تعالج هذه الاختلالات، لتوفير الحماية للعمال الأردنيين وغير الأردنيين على السواء، وضمان عدم استغلالهم في العمل بصورة تضطر العامل الوافد للقبول بالاستغلال لضعف الخيارات المتاحة أمامه، ويضطر العامل الأردني للإحجام عن العمل وتفضيل البقاء في صفوف البطالة.
مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض، قال إنه ليس مطلوبا مشروع تعديل على القانون كونه جرت عليه تعديلات عديدة في الأعوام الماضية، مشيرا إلى أن قانون العمل “أصبح مرقعا”، فالتعديلات المتعددة عليه، القليل منها إيجابي، لكن المطلوب هو إجراء تعديلات تسمح بتعميق وجه تفاعلية الحوار الاجتماعي والمفاوض الجماعي بين العمال من جهة، وأصحاب الأعمال والنقابات من جهة أخرى.
كما لفت إلى أن المطلوب، يتمثل بالعودة عن تضييق مفهوم النزاع العمالي، بحيث يعود مثلما كان سابقا، اي أن أي خلاف بين أصحاب الأعمال والعاملين، أكان لهم أو ليس لهم نقابة، يجب أن يكون ضمن مفهوم ينطبق عليه مفهوم النزاع العمالي، داعيا إلى العودة للمادة التي تتعلق بإجراء مفاوضات جماعية بين أصحاب الأعمال والعاملين في المؤسسات الكبيرة والمتوسطة، حتى يكون هناك مراجعة مستمرة للقانون.
وبين عوض، أن المطلوب مراجعة الفصول المتعلقة بتنظيم النقابات، كونها بحاجة لصياغة فهي تتعارض مع المعايير الدولية والممارسات الفضلى المتعلقة بتنظيم النقابات، مشيرا إلى وجوب وقف إجراء تعديلات جزئية على القانون، وإعادة صياغته من جديد كاملا، وأن تراجع كل هذه الاختلالات ويصبح لدينا قانون متزن.
الغد