دعوات للأسراع في رفع الحد الأدنى للأجور الى 300دينار

61

بينما أعلنت الحكومة الجديدة أخيرا أنها سترفع الحد الأدنى للأجور اعتبارا من بداية العام المقبل شدد خبراء على ضرورة أن تكون قيمة الرفع 40 دينارا على الأقل ليصل الحد الأدنى إلى 300 دينار.

ويرى الخبراء أن قيمة الرفع يجب أن توازي معدلات التضخم التي شهدتها الأردن خلال السنوات الماضية سيما بعد موجات الارتفاع التي طالت كثيرا من السلع بعد ما يعرف بـ”جائحة كورونا” والحرب الروسية الأوكرانية والحرب التي يشنها العدو الإسرائيلي في المنطقة منذ عام.
Ad

يأتي هذا في الوقت الذي طرأ فيه آخر ارتفاع على الحد الأدنى للأجور في عهد حكومة رئيس الوزراء عمر الرزاز في العام 2019 إلى 260 دينارا مقارنة مع 240 دينارا.
ويوجه الخبراء دعوة إلى الحكومة الجديدة لعدم إضاعة الوقت في إجراء حوارات حول هذا الملف، والاكتفاء بدعوة اللجنة الثلاثية لشؤون العمل التي تم تشكيلها لاتخاذ القرار المناسب.
ولفت الخبراء إلى أن رفع الحد الأدنى للأجور لن يطال مؤسسة الضمان الاجتماعي بتأثرات سلبية لأنه لن يترتب عليها أي كلف إضافية، وكذلك لن يكون هنالك أي تغيير على نسبة رسوم الاشتراك في الضمان الاجتماعي المحددة من الدخل.
وسيقتصر قرار رفع الحد الأدنى للأجور المتوقع العمل به بداية العام القادم 2025،

كما علمت من مصادر مطلعة، فقط على العاملين في القطاع الخاص، ولن يشمل رفع الحد الأدنى لرواتب المتقاعدين أو المستفيدين من صندوق المعونة الوطنية.
ويأتي اتفاق رفع الحد الأدنى للأجور

على ضوء قرار اللجنة الثلاثية لشؤون العمل (ممثلي وزارة العمل، ممثلي النقابات، ممثلي غرفتي الصناعة والتجارة) في اجتماعها في شهر شباط (فبراير) من عام 2023، والذي قررت خلاله الإبقاء على الحد الأدنى للأجور عند (260) ديناراً للأعوام 2023-2024 (والذي لم تنفذه الحكومة السابقة)، إضافة إلى إعادة النظر بالحد الأدنى للأجور من قبل اللجنة بداية عام 2025 لإعادة احتسابه بحيث يتم زيادة الحد الأدنى للأجور والبالغ حالياً 260 دينارا بإضافة نسب التضخم تراكمياً للسنوات 2022-2024.
ومن المتوقع، وفق الخبراء أن يتم رفع الحد الأدنى للأجور إلى ما لا يقل عن 281 دينارا.
وكان وزير العمل خالد البكار أكد

الأسبوع الماضي أن الحكومة ملتزمة بقرار رفع الحد الأدنى للأجور “ولا تراجع عنه”، وأنه سيتم تطبيقه منذ مطلع العام المقبل، مؤكدا أن اللجنة الثلاثية مكونة من أطراف الإنتاج الثلاثة “أصحاب عمل، عمال، وحكومة”، ولا يمكن أن يكون القرار إلا بتوافق جميع الأطراف.
الخبير الاقتصادي مفلح عقل قال “الزيادة التي قد تطرأ على الحد الأدنى للأجور، قد لا تكون كافية لتلبية متطلبات الحياة لدى كثير من المواطنين، إذ إن تلبية متطلبات واقع الكلف المعيشية المحلية يتطلب أجور حد أدنى تزيد على 300 دينار شهريا”.
وبين أن رفع الحد الأدنى للأجور يعد نبأ جيدا للمواطنين، وبلا شك سيكون له دور في دفع عجلة الاقتصاد الوطني والارتقاء بالواقع المعيشي للمواطنين، في ظل ارتفاع الكلف المعيشية خلال السنوات الأخيرة، إلا أنه في ذات الوقت قد يكون أثره عكسيا على معدلات البطالة وتوسع قطاع الاقتصاد غيرالمنظم.
وأوضح عقل أن الحكومة ستواجه في حال تنفيذها للقرار تناقض مصلحة أصحاب العمل مع العمّال، ولذلك من أجل توفير التوازن الذي يمكّن الحكومة من تطبيق قرار رفع الحد الأدنى للأجور، عليها أن تخفض الكلف التشغيلية على أصحاب العمل، مطالبا من أجل تحسين المستوى المعيشي للمواطنين بشكل عام بضرورة إعادة النظر بالنظام الضريبي المطبق محليا وتخفيض الضرائب خاصة ضريبة المبيعات.
إلى ذلك، قال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن خالد الفناطسة في رد له على استفسارات لـ “الغد”، أن رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن إلى 300 دينار على الأقل “أصبح حقا واجبا”، بعد مرور نحو5 سنوات تقريبا على بقائه ثابتا عند 260 دينارا، وهذا مطلب الاتحاد والنقابات وقد عبر عنه، مؤخرا، خلال لقاء عقد مع وزير العمل بحضور أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد.
وبين أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية في ظل آخر أرقام جرى الإعلان عنها بشأن خط الفقر؛ لا تحتمل مزيدا من تأجيل رفع الحد الأدنى للأجور.
ولفت الفناطسة إلى أن الاتحاد، تعاونا منه مع أصحاب العمل، بسبب الظروف الاقتصادية التي أثرت على نشاطهم الاقتصادي؛ لم يطرأ أي زيادة على الحد الأدنى للأجور، جراء التداعيات الاقتصادية التي فرضتها جائحة كورونا على الاقتصاد الوطني، خلال الأعوام السابقة، أما الآن فأصبح الأمر حقا مكتسبا، إذ إنّ مبلغ 260 دينارا “لا يكفي شخصا واحدا، فكيف بعامل يعيل أسرة كاملة”.
واعتبر الفناطسة وصول الحد الأدنى للدخل إلى 300 دينار لا يلبي طموح الاتحاد، وقد لا يكف لإعالة أسرة وتأمين متطلبات الحياة؛ في ظل الارتفاع المستمر للتضخم. وأبدى أمله في عدم معارضة أصحاب العمل لرفع الحد الأدنى للأجور.
وبين الفناطسة أن النظر في قرار رفع الحد الأدنى للأجور من اختصاص اللجنة الثلاثية لشؤون العمل التي تتشكل من أطراف الإنتاج الثلاثة (عمال، أصحاب العمل، الحكومة) وتأخذ قرارها بالإجماع، وفي حال تعذّر ذلك، يرفع وزير العمل القرار إلى مجلس الوزراء.
وأضاف “المادة 52 من قانون العمل ربطت قرار زيادته بتكاليف المعيشة إذ نصت المادة على ما يلي “تتولى اللجنة الثلاثية تحديد الحد الأدنى للاجور وذلك بصورة عامة أو بالنسبة لمنطقة أو لمهنة معينة أو لفئة عمرية معينة على أن يؤخذ بعين الاعتبار مؤشرات تكاليف المعيشة التي تصدرها الجهات الرسمية المختصة”.
من جهته، أكد مدير مركز الفينيق لدراسات الاقتصادية والاجتماعية أحمد عوض أن لرفع الحد الأدنى للاجور آثارا إيجابية عدة من المتوقع أن تعود على المواطنين والاقتصاد الوطني على حد سواء، إذ سينعكس هذا القرار على رفع مختلف مستويات الأجور، إضافة إلى زيادة قدرات المواطنين الاستهلاكية مما سيزيد من حجم النشاط الاستهلاكي الداخلي والتبادل التجاري محليا وكل ذلك سيعود على تحسن معدلات النمو الاقتصادي والإيرادات الحكومية، وكذلك المستوى المعيشي للمواطنين.
وأشار عوض إلى الآثار الإيجابية المتوقعة لزيادة الحد الأدنى للأجور، لن تقتصر على المواطنين بل أيضا على مؤسسة الضمان الاجتماعي، وكذلك على أصحاب العمل إذ من المتوقع أن تؤدي زيادة معدل الدخل إلى رفع حجم الطلب وبالتالي الإنتاج وهو ما يصبّ في مصلحة أصحاب العمل.
وحول مدى انعكاس رفع الحد الأدنى للأجور على صندوق المعونة الوطنية، أكد عوض أن الرواتب ومصادر الدخل المقدمة من قبل الصندوق، يتم تقديمها بناء على أساس معدلات الفقر محليا ولفت عوض إلى أن انخفاض الأجور محليا، كانت أحد الأسباب وراء استمرار تواضع معدلات النمو الاقتصادي والاستهلاك الداخلي، ومفاقمة مشكلتي البطالة والفقر خلال السنوات الأخيرة، داعيا في هذا الصدد إلى أهمية إعادة النظر بمستويات الأجور ككل والتي لم تطرأ عليها أي زيادات تذكر منذ سنوات طويلة.
وقال عوض “إدراك الحكومة الجديدة لمخاطر عدم رفع الحد الأدنى للأجور، خاصة بعد التغيرات التي طرأت على الأسعار في الأسواق المحلية وعلى الأوضاع المعيشية للمواطنين خلال السنوات الأخيرة نتيجة جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وما نجم عن ذلك من ارتفاع معدلات التضخم عالميا، دفعها إلى المضي في رفع الحد الأدنى للأجور مع مطلع العام القادم”.
وأضاف عوض “قرار رفع الحد الأدنى الأجور هو قرار مسبق اتخذ منذ نحو أربع سنوات منذ عهد حكومة عمر الرزاز، إلا أن الحكومة السابقة لم تلتزم في تنفيذه خلال السنوات الماضية”.
بدوره، قال الخبير في التأمينات الاجتماعية موسى الصبيحي “زيادة الحد الأدنى للأجور ستعود بالفائدة على كافة أركان العملية الاقتصادية الأردنية، إذ ستسهم في زيادة الإنفاق على أساسيات الحياة المعيشية من قِبَل الفئة الأضعف من العاملين وهي التي سيتم رفع أجورها، وهذا الإنفاق داخلي، ما يعني أنه سيتم ضخ أي زيادة على الحد الأدنى للأجور داخلياً وفي أوجه الإنفاق المتصلة بالحياة المعيشية من طعام وشراب ودواء وكساء وإيواء، وهو ما من شأنه أن يساعد في تحريك الاقتصاد من صناعة وتجارة وزراعة وغيرها، كما يسهم بالتأكيد في تقليص رقعة الفقر في المجتمع”.
وتابع “رفع الحد الأدنى للأجور سيحفز العامل الأردني ويرفع مستوى إنتاجيته وهو ما يعود بالنفع على أصحاب العمل أيضا ويزيد من إنتاجيتهم وحجم مبيعاتهم سواء من خلال استهلاك كميات كبيرة من منتجاتهم في الأسواق المحلية أو تحسين قدراتهم التصديرية”.وإعتبر الصبيحي أن لزيادة الحد الأدنى للأجور أثرا إيجابيا في مواجهة مشكلة البطالة، وذلك من خلال جذب الشباب الأردني الباحث عن العمل للالتحاق بالكثير من فرص العمل التي يوفرها الاقتصاد الوطني ويشغلها عمال وافدون والتي كان يرفضها العامل الأردنية لضعف جدواها.
وأشار الصبيحي إلى أن رفع الحد الأدنى للأجور يلعب دوراً مهماً في تعزيز الحماية الاجتماعية التي يوفرها الضمان الاجتماعي للطبقة العاملة من خلال تمكينهم من الاشتراك على أجور متنامية عبر السنوات وبالتالي الحصول مستقبلا على رواتب تقاعدية توفر لهم حدود الكفاية الاجتماعية والعيش الكريم وهو ما يتفق مع إستراتيجية الحماية الاجتماعية ورؤية التحديث الاقتصادي.
وقال “إضافة إلى ذلك، فإن رفع الحد الأدنى للأجور يعزز الإيرادات التأمينية لمؤسسة الضمان الاجتماعي، ويدعم استدامة نظامها التأميني مالياً واجتماعياً، فثمّة حوالي (200) ألف مؤمن عليه أردني وغير أردني مُسجَّلون بالضمان على الحد الأدنى للأجور المعتمد حالياً والبالغ (260) ديناراً”.
وأكد الصبيحي أن رفع الحد الأدنى للأجور هو أداة مهمة لمواجهة تنامي معدلات الفقر والبطالة في المجتمع، وهو ما يجب أن ترافقه جهود وأنشطة داعمة للتنمية والإنتاج وبناء قدرات أفراد المجتمع القادرين على العمل.
وطالب الصبيحي الحكومة بوجوب عدم إضاعة الوقت بأي حوارات حول هذا الموضوع، والاكتفاء بدعوة اللجنة الثلاثية لشؤون العمل التي تمثل الحكومة وأصحاب العمل والعمال لاجتماع يُعقَد قبل نهاية الشهر المقبل، لاتخاذ قرار برفع الحد الأدنى الحالي للأجور بموجب القانون اعتباراً من 1-1-2025 بما يعادل نِسَب التضخم المسجلة في المملكة خلال الأعوام 2022، 2023، 2024، كما وعدت الحكومة السابقة، حيث كانت اللجنة الثلاثية لشؤون العمل في اجتماعها في شهر شباط/ فبراير 2023 قررت الآتي (الإبقاء على الحد الأدنى للأجور عند (260) ديناراً للأعوام 2023-2024 على أن يتم إعادة النظر بالحد الأدنى للأجور من قبل اللجنة بداية عام 2025 لإعادة احتسابه بحيث يتم زيادة الحد الأدنى للأجور والبالغ حالياً 260 دينارا بإضافة نسب التضخم تراكمياً للسنوات 2022-2024).وبحسب الصبيحي وبالعودة إلى معدلات التضخم المسجلة في المملكة خلال السنوات المذكورة، يظهر أنها على النحو التالي: 4.23 % في سنة 2022، فيما بلغت في العام الماضي 2.08 %، ومن المتوقع أن تسجل في العام الحالي نحو 2 % على الأقل، ويالتالي فإن الاستحقاق القانوني وإنفاذ القرار المشار إليه يكون برفع الحد الأدنى الحالي للأجور بمجموع نسب التضخم أعلاه أي بنسبة تراكمية (8.2 %) وبما يعادل (21) ديناراً ليصبح الحد الأدنى للأجور اعتباراً من بداية العام المقبل (281) ديناراً.
من جهته، قال نائب رئيس الوزراء الأسبق جواد العناني “هنالك أثر سلبي في الغالب سينجم عن رفع الحد الأدنى للأجور ويتمثل في إمكانية ارتفاع معدلات البطالة محليا والتي هي أساسا متفاقمة، مما سيزيد من نسب الفائض في عرض العاطلين عن العمل محليا، إذ ستميل الشركات في حال رفع الحد الأدنى في الأجور إلى تنظيم الكوادر لديها وتقليل فرص العمل المستحدثة لديها، عدا عن إمكانية توسع الاقتصاد غير الرسمي محليا”.
وأكد العناني أن مؤسسة الضمان الاجتماعي لن يترتب عليها أي كلف إضافية في حال رفع الحد الأدنى للأجور المخصص للعاملين الجدد، إذ إنه ليس هناك أي تغيير على نسبة رسوم الاشتراك في الضمان الاجتماعي المحددة من الدخل.
وأوضح العناني أن تحديد الحد الأدنى للأجور في الأردن وآلية الاتفاق عليه، يتم بناء على النمو المتبع في دول الاتحاد الأوروبي إذ يتم ذلك من خلال ممثلين عن القطاعات العمالية والحكومية وبناء على مستويات التضخم، معربا عن أمله أن يتم ترجمة ذلك محليا على أرض الواقع وباستمرار.
ودعا العناني إلى أهمية فتح حوار بين مختلف المؤسسات والجهات لاعتماد آلية جديدة تتعلق بتحديد الحد الأدنى لدخل الأسرة والذي يتناسب مع احتياجات الأسرة وقدرته على الإيفاء بمتطلباته المعيشية، وأن يتم تطبيقه محليا بدل الحد الأدنى للأجور، بما يضمن العدالة لجميع فئات المجتمع.

الغد

قد يعجبك ايضا