جهود وقف إطلاق النار في لبنان تتقدم ببطء وقصف إسرائيلي عنيف

667

المرفأ…ظهرت مؤشرات أولية على تقدم في الجهود الدبلوماسية الرامية إلى ضمان وقف إطلاق النار في لبنان الخميس، رغم استمرار إسرائيل في قصف معاقل جماعة حزب الله في جارتها الشمالية.

 

وواصلت إسرائيل شن هجماتها المكثفة على الضاحية الجنوبية لبيروت لليوم الثالث على التوالي.

 

وقال الجيش الإسرائيلي إن طائراته المقاتلة استهدفت مستودعات أسلحة ومقرا عسكريا ومنشآت بنية تحتية أخرى تستخدمها جماعة حزب الله.

 

وقالت السلطات والوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية، إن الغارات الإسرائيلية على مدينة بعلبك بشرق لبنان أسفرت عن استشهاد 20 شخصا على الأقل، كما استشهد 11 في قصف جوي إسرائيلي على بلدات في جنوب لبنان.

 

وفي مؤشر قد يبعث على التفاؤل، قال مصدران سياسيان لبنانيان كبيران لرويترز، إن السفيرة الأميركية لدى لبنان قدمت الخميس، مسودة مقترح لهدنة إلى رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، دون الكشف عن تفاصيل.

 

وأوضح المصدران أن المسودة هي أول مقترح مكتوب من واشنطن لوقف القتال بين إسرائيل وحزب الله منذ أسابيع عدة على الأقل.

 

وقال أحدهما إن هدف المسودة هو الحصول على ملاحظات من الجانب اللبناني. وعندما سُئل متحدث باسم السفارة الأميركية في بيروت عن المسودة، قال “الجهود مستمرة من أجل التوصل لاتفاق دبلوماسي”.

 

مؤشرات واعدة

 

تعززت الآمال من قبل لا سيما في أواخر الشهر الماضي عندما عبّر رئيس الوزراء اللبناني عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار قبل نهاية تشرين الأول.

 

وفي ذلك الوقت قالت مصادر إن الجهود تشمل هدنة مبدئية من 60 يوما مع قيام إسرائيل بسحب قواتها من لبنان في الأسبوع الأول، على أن يتبع ذلك وقف دائم لإطلاق النار على أساس تنفيذ قرارات الأمم المتحدة.

 

وفي إسرائيل، قال إيلي كوهين وزير الطاقة الإسرائيلي وعضو مجلس الوزراء الأمني الخميس، إن آفاق وقف إطلاق النار صارت واعدة أكثر من أي وقت مضى منذ اندلاع الصراع.

ردا على سؤال بشأن ما إذا كان حزب الله أبلغه بالاستعداد للانسحاب إلى ما وراء نهر الليطاني، قال خليل، الحليف الوثيق للجماعة، إن حزب الله أعلن التزامه بالقرار 1701.
وقال “حزب الله سيقبل بكل ما يتم الاتفاق عليه من جانب بري… الحديث عن رفض حزب الله للانسحاب لما وراء الليطاني -كجزء من القرار- ليس إلا محاولة لخدمة إسرائيل”.
ويُلزم القرار حزب الله بسحب المقاتلين والأسلحة لما وراء نهر الليطاني الذي يبعد نحو 30 كيلومترا عن الحدود الجنوبية للبنان.

وتقول الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى إن وقف إطلاق النار يجب أن يكون قائما على قرار مجلس الأمن رقم 1701.
وتشتكي إسرائيل منذ عام 2006 من عدم تنفيذ القرار وتتحدث عن وجود أسلحة ومقاتلين لحزب الله على الحدود. وفي المقابل يتهم لبنان إسرائيل بانتهاك القرار إذ تنتهك طائرات حربية إسرائيلية المجال الجوي اللبناني بشكل متكرر.
وقال جان بيير لاكروا مسؤول عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة اليوم الخميس إن الأمم المتحدة ستعزز مهمتها لحفظ السلام في لبنان لدعم الجيش اللبناني خلال أي هدنة لكنها لن تتولى مسؤولية فرض وقف إطلاق النار بشكل مباشر.
وذكر خليل أن لبنان ليس لديه اعتراض على مشاركة الولايات المتحدة أو فرنسا في الإشراف على الالتزام بوقف إطلاق النار.
وقدر تقرير للبنك الدولي تكلفة الأضرار المادية والخسائر الاقتصادية الناجمة عن الصراع في لبنان بنحو 8.5 مليار دولار، وهو ثمن باهظ للغاية بالنسبة لبلد لا يزال يعاني من آثار الانهيار المالي الذي شهده قبل خمس سنوات.
وبحسب وزارة الصحة اللبنانية، تسببت الهجمات الإسرائيلية في استشهاد ما لا يقل عن 3386 شخصا منذ السابع من تشرين الأول 2023 وحتى الأربعاء.
وأدت هجمات حزب الله إلى مقتل قرابة 100 مدني وجندي في شمال إسرائيل ومرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل وجنوب لبنان خلال العام الماضي، بحسب إسرائيل.

التخلي عن سلاحه
قال سمير جعجع رئيس أكبر حزب مسيحي في لبنان (القوات اللبنانية) إن حزب الله المدعوم من إيران يجب أن يتخلى عن أسلحته في أسرع وقت ممكن لإنهاء حربه المستمرة منذ عام مع إسرائيل وتجنيب لبنان مزيدا من الموت والدمار.
وتحدث جعجع، وهو أشد معارض سياسي لحزب الله في لبنان، لرويترز الخميس، في منزله ومقر حزبه بمنطقة معراب الجبلية بشمال بيروت، في وقت كانت إسرائيل تنفذ فيه سلسلة ضربات على مناطق يسيطر عليها حزب الله.
وقال جعجع “مع تدمير كل البنى التحتية لحزب الله والمخازن عم يتدمر قسم كبير من لبنان. هذا هو الثمن”.
ويقول منتقدو حزب الله في لبنان، مثل جعجع، إن الجماعة جرت لبنان من جانب واحد إلى حرب جديدة بعد أن بدأت في إطلاق النار على إسرائيل تضامنا مع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في أعقاب هجوم السابع من تشرين الأول 2023، على إسرائيل الذي أشعل فتيل الحرب في غزة.
وتعهدت جماعة حزب الله بمواصلة القتال وقالت إنها تدافع عن لبنان ضد العدوان الإسرائيلي وإنها لن تلقي سلاحها ولن تسمح لإسرائيل بتحقيق مكاسب سياسية على خلفية الحرب.
وقال جعجع إن الضغوط الشديدة التي فرضتها الحملة العسكرية الإسرائيلية التي تصاعدت وتوسعت منذ أواخر أيلول لتشمل التوغلات البرية في جنوب لبنان قدمت فرصة لإعادة البلاد إلى مسارها الصحيح.
وأضاف “إذا التحديات والأثمان الكبيرة يللي (التي) عم ندفعها، ممكن نستفيد منها لنرجع الوضع طبيعي”.

ودعا جعجع حزب الله والدولة اللبنانية إلى تطبيق الاتفاقات المحلية والقرارات الدولية سريعا وحل الفصائل المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة.
وأضاف “هذا أقصر طريق لإنهاء الحرب. وأقل طريق كلفة على لبنان وعلى الشعب اللبناني هو هالطريق”.
وتركزت الجهود الدبلوماسية المتعثرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار على قرار الأمم المتحدة 1701 الذي أنهى آخر صراع دموي بين حزب الله وإسرائيل في عام 2006.
وأكدت إسرائيل أنها هذه المرة تريد مواصلة تنفيذ الضربات ضد تهديدات حزب الله حتى لو تم الاتفاق على هدنة.
وقال جعجع إنه يعارض منح إسرائيل هذا الخيار، لكنه قال إن لبنان لا يملك سوى القليل من القوة لمنعها، خاصة إذا بقيت الذريعة في شكل الوجود المسلح لحزب الله.
سباق تسلح
سكان لبنان عبارة عن تشكيلة تضم أكثر من 12 طائفة دينية مع تمثيل سياسي مُقّسم على أسس طائفية.
وغذت الانقسامات الدينية الحرب الأهلية بين 1975 و1990 والتي قضت على زهاء 150 ألف وجعلت دول الجوار تتدخل في لبنان.
وكان حزب جعجع، القوات اللبنانية، أحد الفصائل المتحاربة الرئيسية خلال الحرب الأهلية وانحاز إلى إسرائيل التي وصل غزوها للبنان عام 1982 إلى بيروت، وانتُخب زعيمه بشير الجمّيل رئيسا.
واغتيل الجمّيل قبل أن يتولى الرئاسة، وقال جعجع إنه لا يرى أوجه تشابه مع تلك الفترة اليوم.
وتخلى حزب القوات اللبنانية عن أسلحته تمشيا مع اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية ودعا جميع الميليشيات إلى نزع السلاح.
ولم تفعل جماعة حزب الله ذلك قائلة إنها بحاجة للسلاح لمحاربة الاحتلال الإسرائيلي المستمر لجنوب لبنان. كما رفضت الجماعة نزع سلاحها عندما انسحبت القوات الإسرائيلية في عام 2000، مشيرة إلى استمرار التهديدات.
وعلى الرغم من معارضته المستمرة منذ عقود لجماعة حزب الله، قال جعجع (72 عاما) إنه يعارض أن ينزع الجيش اللبناني سلاح الجماعة قسرا.

وقال إنه “انا لا صراحة مش متخوف من الحرب الأهلية يللي البعض عم يحكي فيها وما بعرف ليش عم يحكوا فيها”.
ومع ذلك، أشار إلى أن النزوح الجماعي للبنانيين الشيعة في الغالب إلى المناطق ذات الأغلبية السنية والمسيحية يمكن أن يثير مشاكل هنا أو هناك في بلد يعاني بالفعل من أزمة اقتصادية قبل الحرب.
وقال “النزوح الكبير” ممكن يؤدي إلى “مشكلة هون وهون بس مشاكل مثل المعتاد”، لكنه استبعد حربا أهلية جديدة.
ومن بين هؤلاء آلاف فروا لمناطق تعد معاقل لحزب جعجع. وفي بيروت، رُفعت أعلام القوات اللبنانية خلال الليل في الأحياء التي تحظى فيها الجماعة بدعم قوي، لكن لم ترد أنباء عن وقوع اشتباكات.
وفر أكثر من 1.2 مليون شخص من الضربات الإسرائيلية العنيفة على جنوب لبنان وسهل البقاع الشرقي والضاحية الجنوبية لبيروت.
وفي الأسابيع القليلة الماضية، قامت القوات الإسرائيلية بعمليات توغل في جنوب لبنان وطوقت قرى بأكملها بالمتفجرات وفجرتها تاركة مدنا حدودية في حالة خراب.
ويقول حزب الله إنه تمكن من إبعاد القوات الإسرائيلية عن طريق منعها من السيطرة على أي أرض في جنوب لبنان.
لكن جعجع اختلف مع تلك القراءة، قائلا إن العقيدة العسكرية الجديدة لإسرائيل هي دخول المناطق وتنفيذ العمليات والمغادرة، وإن المرحلة التالية من الحرب قد تشهد ضرب قرى أعمق في لبنان.
وقال إن القوة العسكرية والاقتصادية الإسرائيلية ستمنحها دائما ميزة على جماعة حزب الله، حتى لو أعادت الجماعة تسليح نفسها.
وتساءل “هل لديك القدرة على دخول سباق التسلح هذا؟”.

قد يعجبك ايضا