“فيلم الشاهد” يبهر جمهور مهرجان القاهرة السينمائي

321

المرفأ…بحفاوة كبيرة استقبل جمهور مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الفيلم الإيراني “الشاهد” للمخرج نادر صيفار وهو من مدينة “تبريز” وتدور أحداث الفيلم في إيران، ونتعرف من خلال المشاهد الأولى للفيلم ومن خلال مجموعة من النسوة الإيرانيات كاشفات عن شعرهن وتبدو ” تارلان” وهي المعلمة المتقاعدة في الرقص، تمارين للرقص التعبيري في أحد مسارح إيران السريّة تتوسط المشهد وهي تشرف على جريمة قتل ارتكبها شخصية بارزة في الحكومة. عندما ترفض الشرطة التحقيق، يتعين على”تارلان” أن تختار بين الاستسلام للضغوط السياسية أو المخاطرة بسمعتها وسبل عيشها من أجل السعي لتحقيق العدالة.

الفيلم صور بجماليات سينمائية عالية وبإيقاع سريع ينتقل بنا الفيلم من أجواء الرومانسية والرقص وأجساد رشيقة تجيد الرقص الإيراني الفلكلوري القديم إلى معركة مع الابنة التي كشفت عن شعرها وهي تجلس داخل سيارتها لتأتي مراقبة الأخلاق الحميدة لتقدم لها النصائح بوضع الشال على شعرها ويبدأ حوار بينهما ينتهي بتهديد المراقبة بأنها ستستدعي شرطة الأخلاق لاصطحابها إلا أن الأم المتبنية لها قد أفلحت بإقناع مراقبة النساء بأن ابنتها تمر بظروف صعبة بسبب سفر زوجها إلى دبي للعمل.

مجتمع ذكوري
ثم تتوالى أحداث الفيلم الذي يفضح انتهاك حقوق المرأة من خلال سرد أحداث بقية الفيلم من زاوية معلمة الرقص الإيرانية “تارلان” الحاضرة في كل المشاهد، في الطريق والمنزل ومع ابنتها التي تبنتها “زارا” تستمع لمشكالها مع زوجها الثري والمسؤول الحكومي المهم “سوالت” الذي دائما يقوم بتعنيفها ويضربها بعنف تاركا الكدمات على جسدها الذي تكتشفة أمها بالصدفة ولم يكتفِ الزوج بضرب زوجته بل قام بتغليف بيتها بستائر عالية وقام بإغلاق جميع الستائر ورفض أن تنظر إلى السماء وتبقى حبيسة البيت، ويتزامن مع هذا العنف الأسري وقوع جريمة القتل واللغز الذي رافق السيدة “تارالن” وهي شاهدة على أدلتها ومتأكدة منها، وبينما نبدو أمام خط سردي واضح بحبكة ظاهرية تقليدية، وهي حبكة الجريمة واللغز، الذي تحاول نسجه مع أجنحة حلمها وحريتها ويحاصر الشاهد الوحيد على جريمة مع وصاية دينية مجتمعية على المرأة، نرى ذلك من خلال معلمة الرقص “تارلان” وعلاقتها المتينة بابنتها بالتبني “زارا” وما يؤول له عشقها للرقص وسط كل ذلك نشاهد مشاهد ثورية الفن والألوان وروح الأنثى الطاغي على عنف المجتمع الذكوري في ايران.

ويمتد التعبير البصري عن حصار هذا المجتمع المكبل، بتشكيل وتصوير متميز، فالجميع عادة داخل أماكن مغلقة كالسيارات، في لقطات مقربة خانقة ومؤطرة، تبدو فيها أبواب مغلقة وقضبان، مع حالة لونية عامة شاحبة رمادية، تسود فيها ملابس النساء وأغطية شعورهن السوداء غالبا، وملابس رمادية وقاتمة للرجال، يرافقها مشاهد حزينة وبالعمق مسير لأناس قاموا باللطم وترديد شعارات دينية متظرفة ومشاهد أخرى لزيارة القبور، الفيلم سوادوي وليس فيه فسحة للأمل كل شيء مرتبط حسب توجيهات الدولة من خلال إيحاءات القمع السياسي ونقد السلطة، كوجود صورة الحاكم في مبنى السجن بجوار القضبان، وهو مشهد ذو تكوين منظور نرى فيه معلمة الرقص “تارالن” تزور ابنها في السجن، مع تكرار ارتداء نفس ملابس رثة وقديمة.تحية لأغنية وشاح
وقد أدت الفنانة مريم بوباني دورا مركبا وصعبا لدور” تارالن”، ومعها نادر نادربور سوالت وعباس إيماني” الابن سالار” في أداء عال ومتميز، وكذلك بقية الممثلين، ويبدو أن الفيلم يجمع فريقا ثوريا تعرض للاعتقال ومنهم مخرج الفيلم وكذلك كاتب الفيلم المخرج جعفر بناهي، والمغني الذي أدى أغنية نهاية الفيلم “مهدي يراحي”، الذي اعتقل بسبب هذه الأغنية التي تحمل عنوان “وشاحك” وهي تحاكي الحركة الثورية للمرأة والحياة والحرية، والتي تنادي بالحجاب الاختياري، واعتقلت وقتلت منها عدة فتيات، ومن كلماتها: اسحبي الستارة حتى تسعد السماء، انزعي وشاحك فعطرك سيجعل الهواء أفضل، الفيلم يحمل تحية لهذه الحركة ولهذه الأغنية الثورية، وفي نهاية الفيلم الذي امتد لـ “100” دقيقة نلمح في إحدى اللقطات فراش المدرسة الخاصة بالفتيات يمسح كلمات من الحائط كان آخرها كلمة “آزادي” ثالث كلمة في الشعار والتي تعني الحرية، أما الفتاة “غزل” فلها رقصة تجسد عبارات في الأغنية وهو نهاية الفيلم، هل سيتحرك الغبار الثقيل؟

العربية.نت

قد يعجبك ايضا