رؤساء جامعات يدعون إلى الاعتماد على الأدوار التربوية للحد من خطاب الكراهية
المرفأ…دعا مختصون تربويون من رؤساء الجامعات الأردنية إلى ضرورة تفعيل أدوار العملية التربوية في الحد من بروز مفهوم خطاب الكراهية، عن طريق توجيه الشباب نحو الحوار القائم على النقد البناء، والاستناد للدراية والمعرفة في التعامل مع القضايا الوطنية والمحورية.
وقالوا في أحاديثهم إنه ومع التزايد الملحوظ لاستخدام خطاب الكراهية عالميًا والتحريض على العنف ورفض الآخر والدعوة لنبذه، ترتفع خطورة الإبقاء على عوامل التماسك الاجتماعي والتسامح والمحبة والسلام بين البشر.
وقال رئيس جامعة جرش الدكتور محمد الخلايلة، إن مواجهة خطاب الكراهية واجتثاثه قبل أن يصبح ظاهرة اجتماعية خطرة، يحتاج إلى التصدي لهذه اللغة العدائية التي تهدد الهويات الوطنية الجامعة، والتكافل الاجتماعي بين البشر وتعمل على إثارة الفتن التي قد تصل إلى اراقة الدماء والعنف وتهديد الأمن المجتمعي والقيم الاجتماعية التي تكونت وبنيت على أساس متين قوامه العدالة والاحترام والمساواة.
وبين الخلايلة، أنه بات من الضروري توظيف التربية بمفهومها الشمولي وغاياتها، بهدف تحصين الشباب وحمايتهم من التأثر بالخطابات التي تحث على الكراهية وانتهاك الكرامة ووصم الآخر والحاق الضرر النفسي بالأفراد والمجموعات، حيث أصبح لزامًا استخدام الأدوات التربوية المتاحة نحو تحييد هذا الخطاب الدخيل على أعرافنا وثقافتنا.
ودعا الخلايلة إلى الاعتماد على التعليم المدرسي والجامعي لمحاربة الكراهية وخطابها من خلال إعداد مناهج وبرامج وقائية ترفع من المستوى الإدراكي لدى الفئات الشابة وتمكنهم من التعامل مع الرسائل والخطابات الموجهة لهم بعقلية ناضجة يمكنها تمييز المحتويات ومبتغاها، والتصدي للخطاب الذي يحاول النيل من وحدة وطنهم ومنظومتهم الاجتماعية.
وأكد، أن للجامعات الدور البارز في هذا الشأن وأن عليها تطوير أدواتها ومحتوياتها وإدماج الشباب في عملية التأثير على أقرانهم وتوعيتهم من التحديات التي تواجههم في ضوء المتغيرات المتسارعة التي باتت تحتاج إلى معرفة ودراية ومهارات كبيرة إذا ما أردنا التعامل معها على نحو سليم.
من جانبه، أكد رئيس الجامعة الأميركية في مادبا الدكتور مأمون عكروش، أن تنامي مستوى الخطابات التي تحث على الكراهية يمهد الطريق للصراع والتناحر والتوتر وانتهاك الحقوق الإنسانية وقد يسبب أيضا الأضرار الاقتصادية التي تعيق العملية التنموية بشكل عام.
وأضاف، أن الأردن سعى منذ تأسيسه لنبذ هذا الخطاب بكافة أشكاله، حيث شكل ملوك بني هاشم مثالاً في التسامح والسلام والتعايش، لتصبح هذه الدولة مثالاً يحتذى بالأمن والسلام والاندماج المجتمعي والوحدة الوطنية القائمة على الاحترام المتبادل لمختلف المكونات والأطياف والعرقيات والعمل المشترك في سبيل رفعة هذا الوطن والمحافظة على منجزه التاريخي الذي يستند إلى العدالة والمساواة والمحافظة على الحقوق.
وأشار إلى الدور التربوي والثقافي الكبير في مكافحة خطاب الكراهية والتصدي له من خلال تعميق المفهوم المعرفي لدى الشباب والمجتمعات بشكل عام بخطورة التهديد الذي يشكله هذا الخطاب كتحدٍ يتطلب مقاومة الكراهية والإقصاء ورفض الاختلاف واثره على النمو الاقتصادي والأمنين الداخلي والخارجي، وإعاقة عملية النهوض التي تشهدها الأردن وتسير من خلالها نحو الارتقاء في مختلف المجالات.
وأكد عكروش، أهمية مخاطبة عقول الشباب وتكوين صورة ذهنية لديهم، أن هذا الخطاب ينتج عن الاستعلاء والتعصب، ويتغذى على أوهام الغزو الفكري والخطاب التعبوي المتشنج الرافض للتسامح واختلاف الرأي والنوع واللغة والدين، ويوجه الاتهامات دون الاستناد للحجة والبرهان وانما لغايات تقوم على المصلحة الضيقة.
ودعا عكروش إلى ضرورة التأكيد على أن التنوع في الثقافات والإعراق والديانات يعد مصدرًا لقوة الأردن ومنعته، وقد شكل في جميع المراحل بناء الدولة منعة قوية في وجه التحديات المتعاقبة داخلية كانت أو خارجية، مؤكدًا على أهمية الوقوف صفًا واحدًا في وجه خطاب الكراهية وأن نكون حازمين في تطبيق القانون.
وبين رئيس الجامعة الألمانية الأردنية الدكتور علاء الحلحولي، أن الجهل وعدم الدراية والانقياد تشكل عوامل رئيسية لبروز خاطب الكراهية ونموه، وهنا يأتي دور المؤسسات التربوية بمختلف انواعها في قيادة مهمة التوعية والتمكين والتحصين وتطوير مهارات التفكير النقدي والتحليل لدى الشباب، من طلبة الجامعات والمدراس، وتعزيز قدراتهم على التمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة وفقًا لمعايير مدروسة، ومساندتهم على الاستخدام الآمن والمسؤول لمواقع التواصل الاجتماعي.
وقال الحلحولي، إن وسائل الإعلام المختلفة أحدثت تغييرات كبيرة وجوهرية في جميع جوانب الحياة، وأن عدم القدرة أو كيفية التعامل معها شكلت بيئة خصبة للتعبير عن الكراهية واقصاء الآخر وبث المعلومات المضللة والدعوة للتطرف والعنف والتنمر في بعض الاحيان، حيث توفر هذه الوسائل عوامل تزيد من الجرأة على استخدام هذه الخطاب عن طريق عدم الكشف عن هوية الناشراو المستخدم.
وزاد، أنه وفي مثل هذه القضايا نحتاج إلى استراتيجيات تدخل من قبل المؤسسات التربوية والثقافية ومؤسسات المجتمع المدني في سبيل توسيع المستوى الإدراكي عند المجتمعات، خاصة فئة الشباب التي تعد الأكثر استهدافًا نحو مواجهة الخطاب القائم على الكراهية والتطرف والعنف.
ودعا الحلوحولي إلى تفعيل الدور التربوي في هذا الجانب من حيث تطوير الأدوات والبرامج والأنشطة في الجامعات والمدارس وتطوير قدرات أعضاء الهيئات التدريسية نحو تزويد طلبتهم بالرسائل القائمة على الاعتدال والوسيطة وتقبل الآخر وضوابط الحوار واللجوء إلى العقل للحكم على المعلومات ونقدها وفقًا لأسس علمية.
وشدّد على أن الأردن، كدولة تسير بخطى ثابتة نحو الإنتاجية والتقدم التكنولوجي، لا يملك الوقت أو المساحة لمثل هذه الخطابات السلبية التي تعيق التنمية، بل يركّز على الإبداع والابتتكار، وبناء مجتمع متقدم قائم على المعرفة والانفتاح على العالم، مع الحفاظ على هويته وثوابته الوطنية. مؤكدًا أن مستقبل الأوطان يُبنى بالعقول المبدعة، لا بالصراعات الفكرية العقيمة، وأن الشباب مطالبون بتوجيه طاقاتهم نحو تطوير الذات، والمساهمة في الاقتصاد الرقمي، والابتكار في مختلف المجالات العلمية والتكنولوجية.