الصين في قلب العاصفة الجمركية وأميركا تصعد

434

المرفأ…تحت ضغط رجال الأعمال ورؤساء الشركات والبنوك وانهيارات أسواق الأسهم  الأميركية  التي خسرت عشرة تريليونات دولار من القيمة السوقية  في خمسة أيام والعزوف عن سوق السندات الحكومية  وموجة البيع لها من قبل المستثمرين  وارتفاع أسعارها وتراجع عوائدها  وتكبدها أكبر خسارة  أسبوعية منذ 1982 والتحذيرات من شبح الركود على الاقتصاد الأميركي واخر من أطلقها رئيس جي بي مورغان واستمع اليه ترمب باهتمام .

سمح الرئيس الأميركي في التاسع من نيسان الجاري  بوقف مؤقت للرسوم الجمركية  لفترة قصيرة من الزمن 90 يوما على الدول التي لم تقم بالرد برسوم مضادة  ضد الولايات المتحدة بأي شكل من الأشكال والابقاء على  الحد الأدنى بنسبة 10% كأساس للرسوم الجمركية  ، حيث حسب قوله هناك 75 دولة تريد القدوم الى الولايات المتحدة لابرام صفقة  وستكون هناك اتفاقيات عادلة للجميع  ، واستثنى الصين من القرار بل ورفغ الرسوم  على سلعها لتصل الى  125%    ثم الى  145% في اليوم التالي .

مضيفا أن الكثير من الدول نهبت الولايات المتحدة ولا ألومهم ، ولو كنت مكانهم لفعلت ذلك وهذا بسبب الادارات الأميركية السابقة  وما يقوم به الان هو اعادة الأمور الى نصابها ويتطلع الى ذلك ، وسيعلن قريبا  جدا عن تعرفات جمركية كبيرة على الأدوية المستوردة لتحفيز شركات الأدوية المحلية وعندما تسمع الشركات التي تنتج في الخارج بهذا الأمر سيغادرون الصين ومناطق أخرى لأن معظم منتجاتهم تباع في الولايات المتحدة وعليه سيفتحون مصانعهم في جميع أنحاء البلاد  ، ولا يريد ايذاء الدول التي لا ترغب في التعرض للضرر  وقد بدأت العروض تنهال من الدول على الولايات المتحدة للتفاوض والوصول الى اتفاق ، وأنه يرغب بشدة في التوصل الى اتفاق مع الصين بخصوص الرسوم الجمركية  وأنها ترغب في ذلك لكنهم لا يعرفون كيف يحصلون عليه ولم يصلوا الى الصيغة المناسبة ، ولا يمكن أن تعتمد الولايات المتحدة على الصين في التكنولوجيا ، ويخطط  لتخزين معادن المحيط الهادي لمواجهة الصين ، ويلمح الى  استثناء بعض الدول من الرسوم الجمركية الأساسية البالغة 10% ،  وأن الدولار سيبقى العملة المفضلة .

وهناك تساؤلات مطروحة على الساحة الأميركية فيما اذا تلاعب الرئيس الأميركي بأسواق العالم المالية بتصريحه       أن وقت شراء الأسهم حان ومناسب الان .

وردت الصين برفع الرسوم الجمركية على الواردات الأميركية  من  84% الى 125%  اعتبارا من الثاني عشر       من نيسان الجاري .

وأعلنت أنها ستتجاهل أي رسوم جمركية اضافية قد تفرضها الولايات المتحدة لاحقا على المنتجات الصينية ، وأن التعرفات الجمركية الأميركية  ” لعبة أرقام ستصبح أضحوكة ”  و ترمب يفرض رسوما عشوائية بذرائع مختلفة تنافي القوانين الاقتصادية الأساسية والمنطق  ،  و تعكس توجها أمريكيا لفرض الارادة السياسية عبر أدوات الاقتصاد والقوة الاقتصادية  وهو صراع أعمق على النفوذ الاقتصادي والسياسي  وتعتقد أنها ستنتصر وتراهن على الصبر الاستراتيجي وضبط النفس وتحذر من أن رسوم ترمب ستؤدي الى ” عزلة ” أميركا عن المجتمع الدولي  وقد تسبب أضرارا  فادحة  للدول  النامية ، وأن السماء لن تسقط والتركيز على السوق والاقتصاد المحلي وتعزيز الاستهلاك الداخلي لمواجهة تأثير التعرفات الجمركية التي هي ” تنمر اقتصادي ”  يهدف الى كبح نمو الصين ،  حتى أن قبعة ترمب ” أجعلوا أميركا عظيمة مجددا ” صناعة صينية .

وتدرس  بكين خيارات الرد وتنسق مع السعودية وجنوب أفريقيا  في الاعتماد على النفط بدلا من النفط الأميركي وتعزيز العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي ودول جنوب شرق أسيا  كاستراتيجية لمواجهة التهديدات الأميركية ، وتقترب تدفقات النفط الأميركي الى الصين من الصفر بعد وابل الرسوم  .

يميل الميزان التجاري بين البلدين لصالح  الصين ، حيث بلغت صادراتها الى الولايات المتحدة 500 مليار دولار       في 2024  تشكل 16% من صادراتها الى الخارج وفي المقابل بلغ مجموع  الصادرات الأميركية  الى الصين      144 مليار دولار ، مما يعكس فائضا تجاريا  كبيرا لصالح الصين .

وتحذر منظمة التجارة العالمية  من أن التبادل التجاري بين البلدين قد ينخفض بنسبة 80% مع اشتعال الحرب التجارية والتي  قد تخفض الناتج الاجمالي العالمي بنحو 7% ، وتفتت النظام التجاري العالمي وتقسم اقتصاد العالم الى كتلتين سيقود الى ركود طويل الأجل .

 

وعلقت المفوضية الأوروبية التدابير المضادة للرسوم الجمركية الأميركية لمدة 90 يوما عقب القرار الأميركي  بالوقف المؤقت ، وأنه اذا لم تكن مفاوضات الرسوم مع أميركا مرضية سنطبق التدابير الأوروبية وكل الخيارات بشأن الرسوم الجمركية مطروحة  وتبحث في الخيارات ، ويتحرك الاتحاد الأوروبي دبلوماسيا نحو بكين رغم التوترات السابقة وتعكس القمة الأوروبية الصينية في تموز المقبل ميلا أوروبيا  لكسر الاستقطاب الأميركي وتقليص الاعتماد على واشنطن .

وتواصل الأسهم الأوروبية تسجيل خسائر للأسبوع الثالث مع استمرار الحرب التجارية ، فيما يرى بنك انجلترا أن تأثير رسوم ترمب الجمركية على التضخم غير واضح .  .

و أعلنت ادارة معلومات  الطاقة الأميركية أن أسعار النفط الخام والسلع ستواجه تقلبات  كبيرة ، وتراجع خام النفط الأميركي بنسبة 15%  منذ اعلان يوم التحرير في الثاني من نيسان الجاري  وسط مخاوف ضعف الطلب بسبب توترات الرسوم الجمركية  بين واشنطن وبكين ، وتوقعاتها بخفض متوسط انتاج النفط  في أميركا الى 13،5 مليون برميل يوميا في 2025  وبأن يصل سعر الخام الأميركي الى 57 دولارا للبرميل في 2026 مما قد يؤدي الى عزوف المستثمرين  عن حفر نفطي جديد حيث لا يقبلون سعرا يقل عن  60 دولارا على الأقل .  

أما قطاع الزراعة الأميركي ، فان المزارعين الأميركيين قلقون من تأثير الرسوم الجمركية من ناحية الكساد وارتفاع أسعار مستلزمات الانتاج  المستوردة من الخارج  وزيادة تكاليف الانتاج وتأثيرها على مداخيلهم ، ومخاطر تراجع حصتهم في الأسواق الخارجية . 

وبلغ سعر الذهب للعقود الفورية مستويات قياسية  جديدة وكسرها  كل دقيقة تجاوزت مستويات 3200 دولارا  للأونصة لأول مرة في تاريخها حيث الكل يستثمر في الذهب حاليا ، مع تراجع حاد للدولار بلغ 2% أمام اليورو  وأمام العملات الرئيسية ويهوي لأدنى مستوى في 10 سنوات  أمام الفرنك السويسري ، وارتفع اليورو الى أعلى مستوى منذ تموز 2023 مسجلا 1،14 دولارا .

ووفق شركات استثمارية دولية  فان بنوكا استثمارية  عالمية تتوقع استمرار موجة الارتفاعات على أسعار الذهب في الفترة القادمة  .  

وتسود  توقعات بأن الفيدرالي قد يبدأ بتخفيض الفائدة في تموز المقبل ، وقد يخفضها نقطة مئوية كاملة بحلول نهاية العام الحالي .

ونشرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن الرسوم الجمركية قد تؤثر على شهية الاستثمار بسوق الصكوك ومعرض لمخاطر التقلبات الخاصة بالرسوم .

ويشير رئيس شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة وهو مفكر اقتصادي أيضا  أنه لا يمكن  لأحد أن يثق بالولايات المتحدة في أي شيء والقضايا الاقتصادية والقضايا المالية تتجاوز التعرفات الجمركية ، وتتخذ الولايات المتحدة خطوات أحادية الجانب دون أي اتفاق عالمي أو حتى مناقشة عالمية مسبقة وأنه أمر غريب الى حد ما ، وسيكون لذلك بالتأكيد أثار دائمة لأننا كنا بالفعل في عالم متعدد الأقطاب وكانت دول البريكس مهمة وكانت الصين بالفعل قوة موازية للولايات المتحدة والان تأتي الولايات المتحدة لتتبوأ القطبية الواحدة .

 وعلى صعيد النظام العالمي ، فقد أعلن الرئيس التركي الجمعة  أن النظام العالمي أفلس في حل المشكلات التي تواجه العالم ، والأحداث الأخيرة أكدت أهمية العودة الى الدبلوماسية  ، والمنطقة تعيش وسط الأزمات والحروب .

قد يعجبك ايضا