ما هو حجم تأثير قرار الرسوم الجمركية على الأردن

467

 المرفأ…الرسوم الجمركية هي أحد أهم مصادر الإيرادات للخزينة الأردنية، وتلعب دوراً مهماً في تنظيم حركة التجارة الخارجية، إذ تفرض الأردن رسوماً جمركية متفاوتة على البضائع المستوردة، وتتراوح هذه النسب عموماً بين 0% إلى 30% من قيمة البضاعة المستوردة، وتعتمد على نوع البضاعة وبلد المنشأ والاتفاقيات التجارية المبرمة مع البلد المصدر.

قد وقّع الأردن العديد من الاتفاقيات التجارية التي تمنح إعفاءات أو تخفيضات على الرسوم الجمركية مثل اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، واتفاقية أغادير مع مصر وتونس والمغرب، وتشكل إيرادات الرسوم الجمركية جزءاً مهماً من الموازنة العامة للدولة، مما يساعد في تمويل النفقات العامة والخدمات الأساسية التي تقدمها الحكومة للمواطنين.

قررت الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 20% على جميع الواردات القادمة من الأردن، ضمن سياسة أمريكية أوسع تهدف إلى حماية الصناعات ومعالجة العجز التجاري الأمريكي، ومع ذلك، فإن تطبيق هذه الرسوم على الأردن يعتبر مفاجئًا للكثيرين نظرًا للعلاقات الاقتصادية الوثيقة واتفاقية التجارة الحرة القائمة.

على الرغم من أن الأسباب الدقيقة لفرض هذه الرسوم لم تُعلن بشكل رسمي وواضح، إلا أن بعض التحليلات تشير إلى عدة عوامل محتملة، إذ يمكن أن تكون الولايات المتحدة تعيد تقييم شامل لعلاقاتها التجارية مع مختلف الدول، بما في ذلك الدول التي لديها اتفاقيات تجارة حرة معها.

ربما ترى الإدارة الأمريكية أن هناك خللًا في الميزان التجاري مع الأردن، وتسعى لتعديله من خلال فرض هذه الرسوم، وتشير التقارير إلى أن الأردن حقق فائضًا تجاريًا مع الولايات المتحدة في عام 2024، وقد تكون هناك ضغوط من بعض الصناعات الأمريكية التي ترى أن الواردات الأردنية تشكل تهديدًا لها، مما دفع الحكومة الأمريكية لاتخاذ هذه الإجراءات.

كما يمكن أن يكون هناك خلاف حول تفسير قواعد المنشأ في اتفاقية التجارة الحرة، مما دفع الولايات المتحدة لفرض رسوم على بعض السلع التي تعتبرها لا تستوفي شروط الإعفاء الجمركي.

 

قرار الرسوم الجمركية في الأردن

يمثل قرار فرض رسوم جمركية أمريكية جديدة على الأردن تحولًا هامًا في العلاقات التجارية بين البلدين، خاصة وأن الأردن والولايات المتحدة تربطهما اتفاقية تجارة حرة سارية المفعول منذ عام 2001، والتي أدت إلى إلغاء معظم الرسوم الجمركية على السلع المتبادلة بينهما بحلول عام 2010.

ووفقًا للإعلان الرسمي الصادر عن الحكومة الأمريكية، سيتم فرض رسوم جمركية بنسبة 20% على جميع السلع المستوردة من الأردن إلى الولايات المتحدة، ويشمل هذا القرار مجموعة واسعة من المنتجات التي يتم تصديرها من الأردن، ضمن سياق أوسع لإعادة تقييم السياسات التجارية الأمريكية وحماية الصناعات المحلية، ولكنه يثير تساؤلات حول تأثيره على الشراكة الاقتصادية طويلة الأمد بين البلدين.

من المتوقع أن يكون لقرار فرض الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة تأثيرات سلبية متعددة على الاقتصاد الأردني، خاصة على القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على التصدير إلى السوق الأمريكي، إذ ستؤدي زيادة تكلفة المنتجات الأردنية بنسبة 20% في السوق الأمريكي إلى تقليل قدرتها التنافسية بشكل كبير مقارنة بالمنتجات المحلية الأمريكية أو المنتجات المستوردة من دول أخرى لا تخضع لهذه الرسوم.

من المرجح أن يشهد حجم الصادرات الأردنية إلى الولايات المتحدة انخفاضًا ملحوظًا نتيجة لارتفاع الأسعار وانخفاض الطلب عليها من قبل المستوردين الأمريكيين، ويُعتبر السوق الأمريكي من أهم الأسواق التصديرية للأردن، حيث يستوعب نسبة كبيرة من صادراته السنوية، وستكون القطاعات التصديرية الرئيسية في الأردن الأكثر تضررًا، إذ سترتفع تكلفة هذه المنتجات بشكل كبير، مما قد يؤدي إلى خسارة عقود وتراجع في الإنتاج وتسريح للعمالة، كما ستتأثر قطاعات أخرى مثل الصناعات الكيماوية والأسمدة والمجوهرات والصناعات الغذائية.

قد يؤدي هذا القرار إلى عزوف المستثمرين الأجانب عن الاستثمار في الأردن، خاصة في القطاعات الموجهة للتصدير إلى الولايات المتحدة، بسبب حالة عدم اليقين وزيادة المخاطر التجارية، كما يأتي هذا القرار في وقت يواجه فيه الاقتصاد الأردني تحديات اقتصادية مختلفة، مثل ارتفاع معدلات البطالة والدين العام، مما سيزيد من هذه الضغوط ويعيق جهود النمو الاقتصادي.

يتوقع أن تبدي الحكومة الأردنية قلقها العميق تجاه هذا القرار وأن تبدأ في اتخاذ خطوات دبلوماسية واقتصادية لمواجهة تداعياته، إذ ستبدأ محادثات مكثفة مع الإدارة الأمريكية لفهم الأسباب الكامنة وراء هذا القرار والمطالبة بإعادة النظر فيه أو إيجاد حلول بديلة تخفف من تأثيره السلبي على الاقتصاد الأردني، وسيتم التأكيد على أهمية اتفاقية التجارة الحرة والعلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

وستعمل الحكومة على التواصل مع الشركات والقطاعات المتضررة لتقييم الأضرار وتقديم الدعم الممكن ومناقشة استراتيجيات التكيف مع الوضع الجديد، وقد تدرس الحكومة الأردنية خيارات قانونية للطعن في هذا القرار أو المطالبة بتفسيرات واضحة حول مدى توافقه مع اتفاقية التجارة الحرة، وسوف يزداد التركيز على تسريع جهود تنويع الأسواق التصديرية للأردن والبحث عن فرص جديدة في مناطق أخرى مثل أوروبا وآسيا وأفريقيا لتقليل الاعتماد على السوق الأمريكي.

فضلا عن ذلك، ستكون هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات لتعزيز القدرة التنافسية للصناعات المحلية من خلال تحسين جودة المنتجات وخفض التكاليف وزيادة الإنتاجية لتمكينها من المنافسة في الأسواق الأخرى.

قد يعجبك ايضا