رئيس إقليم كردستان يهدي جلالة الملك لوحة قلعة العمادية
المرفأ…هذه اللوحة رسمتها ريشة الفنان التشكيلي الكردي خيري آدم وتمثل مدينة العمادية الكردية، أهداها رئيس إقليم كردستان نيچيرڤان البارزاني إلى جلالة الملك عبدالله الثاني خلال زيارته الرسمية الأخيرة إلى الأردن، وهي مرسومة بطريقة رائعة ومقتدرة.
وتجسد اللوحة مدينة العمادية التي تعد واحدة من أعظم الجواهر التاريخية والثقافية والجغرافية في إقليم كردستان العراق، وهي بلدة قديمة تقع في محافظة دهوك، وتتمتع بموقع استراتيجي مميز على قمة مرتفعة تطل على وادي نهر الزاب الكبير، ويعود تاريخ هذه المدينة إلى نحو 3000 قبل الميلاد، أي في زمن الآشوريين القدماء، مما يجعلها واحدة من أقدم المدن في المنطقة، وقد تميّزت هذه الهضبة بقيمة استراتيجية، إلى جانب جمالها الطبيعي الأخّاذ.
وتطل مدينة العمادية التاريخية في دهوك أو آمدي كما يطلق عليه باللغة الكردية على الأراضي المحيطة التي تعلو عنها بـ 1400 متر، وعلى سقفها تقع مدرسة قباهان الأثرية وهي واحدة من الشواهد التاريخية في المدينة، والتي تروي آثارها قصة تطور المدينة من الناحية العمرانية، فهذه المدرسة التي بنيت في القرن الثالث عشر لم يبق منها إلا الأطلال فيما لا تزال آثارها ماثلة لأحفاد من كان لهم حظ الجلوس على مقاعدها.
إن الرحلة إلى المدينة الواقعة على مرتفع جبلي لا تبدو سهلة.
ومدينة القلعة التي يقطنها أكثر من 10 آلاف نسمة تقع على هضبة صغيرة لا يتجاوز طولها 1000 متر وعرضها 550 مترًا، وهي تحافظ رغم تأثير عاملي الزمن والطبيعة على معالمها.
فالعمادية تمثل مدينة التاريخ والحضارة في جبال كردستان العراق، وجوهرةٌ لا تُقدّر بثمن، وعلى مدى قرون، كانت العمادية موطنًا للمسيحيين والمسلمين، الذين عاشوا بسلام على هذه الهضبة الصغيرة، التي يبرز فيها مزيجٌ من التاريخ والمعمار التقليدي الذي يعكس تعاقب الحضارات والثقافات على هذه الأرض، المبنية على قمة جبل وتضم عدداً من البوابات القديمة، ما جعلهاحصنًا طبيعيًا منحها أهمية دفاعية على مر العصور.
وقلعة العمادية تحولت اليوم إلى مساحة عبور و منفذ إلى التاريخ وهي التي لم تغب عنها الشمس فيما مضى من الزمن، فلا تزال مدينة العمادية تحتفظ بآثارها وشواهدها التاريخية متربعة على صخرة تتحدى الزمن لكن مساحتها المحدودة بسبب وعورة موقعها لم تعد تتسع لكل أهلها.
راسم اللوحة الفنان خيري آدم قال لشبكة رووداو الإعلامية إن اللوحة رسمها عام 2003 وهي ذات حجم صغير 60 بـ 40 سم ، لافتا إلى أن مكتب رئيس إقليم كردستان طلب منه تقديم لوحة فنية لإهدائها خلال الزيارة إلى الأردن، وتم عرض لوحات عدة عليهم ووقع الاختيار على هذه اللوحة ” كلها آميدي” وهي موضوع رمزي.
وأضاف إنها ليست مجرد لوحة بل هي رمز إلى كوردستان، وقد رسمت بصورة أخرى ومن منظور آخر، فقد جاء فنان تشكيلي ليرسمها كما هي على شكل لوحة لهذا تم اختيارها وأهديت إلى جلالة الملك عبدالله الثاني ملك الأردن.
وعلق قائلا “أنا سعيد جدا برؤية إحدى لوحاتي وقد تم وضعها في قصر ملكي”.
وأضاف: في الحقيقة إنه شعور طيب للغاية ليس فقط عندما تكون اللوحة لي بل حتى إن كانت لفنان آخر قدمت هدية، لأن ذلك يشكل بالتدريج الرؤية التي مفادها أن أعمال فنان تشكيلي كوردي أصبحت تتمتع بهذا التقدير والتقييم لتذهب إلى خارج كردستان وتهدى في مكان بهذه الأهمية والمكانة، فهي لوحة تعكس بيئتنا وتراث شعبنا، متمنيا للفنانين الآخرين أن يحظوا بهذا الشرف وتتهيأ لهم هكذا فرص لتعرض أعمالهم في أماكن كهذه.
يشار إلى أن سكرتير المجلس التشريعي الأردني عام 1934 علي سيدو الكردي وهو أول جامعي في الأردن، اذ التحق عام 1924 بالجامعة الأميركية في بيروت لنيل درجة بكالوريوس العلوم في السياسة والاقتصاد وتخرج فيها عام1928، كتب في أثناء عمله بالوظيفة والسلك الدبلوماسي كتابا بعنوان ” من عمان إلى العمادية أو جولة في كردستان الجنوبية”، وطبع في القاهرة سنة 1939م.
والكردي شغل عام 1949 منصب سكرتيراً أولا في وزارة الخارجية، ونقل فورا إلى مدينة جدة بالسعودية، وأصبح قائماً بالأعمال للمفوضية الأردنية فيها عندما شرعت الحكومة بافتتاح قنصليات ومفوضيات لها سنة 1948، وتنقّل في السفارات الأردنية في مدن أنقرة ودمشق، وطالت خدمته في هذا السلك نحو خمس عشرة سنة، ثم تقاعد برتبة وزير مفوض سنة 1963، بعد أن خدم في السعودية واليمن وتركيا وسورية.
الجدير ذكره أن العمادية تضم العديد من المعالم السياحية والتاريخية، منها: جامع العمادية الكبير، وهو جامع تاريخي يعود إلى القرن الثاني عشر، ومتحف العمادية، الذي يضم مجموعة من الآثار والتحف القديمة، وقلعة العمادية، وهي قلعة تاريخية تعود إلى العصر العباسي.