مدير عام الجمارك: نظام جمركي شامل يوحّد الإجراءات ويؤسس لبيئة ذكية في المراكز الحدودية

862
المرفأ …أكد مدير عام الجمارك الأردنية اللواء الجمركي أحمد العكاليك أن دائرة الجمارك أنجزت بنجاح 11 مشروعاً ضمن المرحلة الأولى من خطة التحديث الاقتصادي، مشيراً إلى أن هذه الإنجازات تأتي في إطار التزام الدائرة بدورها كمكون رئيسي في المنظومة الاقتصادية الوطنية.
وقال العكاليك إن لقاء سمو ولي العهد مع مسؤولي الجمارك، أخيرا، شكّل محطة مهمة لمراجعة ما تم إنجازه والتأكيد على أهمية مواصلة تحديث الإجراءات الجمركية بما ينسجم مع الرؤية الاقتصادية الجديدة للمملكة ويحقق التوازن بين تسهيل حركة التجارة وحماية الاقتصاد الوطني.
وأشار إلى أن من أبرز المشاريع التي تم تنفيذها تطوير مركز التجارة الإلكترونية، الذي يعد من أوائل المراكز الجمركية المتخصصة في هذا المجال على مستوى المنطقة، ويعمل على تسهيل تخليص الطرود البريدية ومراقبتها إلكترونياً، إلى جانب تأسيس مجلس التجارة الإلكترونية الذي يشكل مكوناً حديثاً في إدارة المخاطر وتسهيل تدفق السلع.
وفيما يتعلق بمشروع الصادر الوطني أوضح العكاليك أن نسبة الإنجاز بلغت 23 بالمئة، ومن المتوقع استكماله بشكل كامل قبل نهاية العام الحالي، فيما ساهم مشروع الإبراء الإلكتروني في تقليص زمن الإجراءات من نحو شهرين إلى أسبوع في المتوسط، وفي بعض الحالات إلى ساعات فقط، مما وفر الوقت والكلفة على متلقي الخدمة وساهم في تحسين بيئة الاستثمار.
وأشار إلى أن دائرة الجمارك بدأت بتنفيذ مشروع توحيد الجهات الرقابية من خلال انتداب كوادر من الجهات ذات العلاقة للعمل تحت مظلتها، مع الحفاظ على صلاحيات كل جهة ضمن اختصاصها القانوني، بهدف تعزيز العمل الميداني وتفعيل نظام المخاطر الذكي وسحب العينات بشكل موحد.
وأكد أن هذا التوجه لا يمس بصلاحيات وزارات مثل الصحة والزراعة والنقل، بل يسعى إلى تحسين التنسيق المشترك وتبسيط الإجراءات لتسريع الإنجاز وتقليل البيروقراطية.
وكشف العكاليك عن توجه جديد للدائرة يتمثل في الإفراج المسبق عن البضائع بناءً على تصريح مسبق من التاجر، لتتم عملية التدقيق لاحقاً ضمن نظام مخاطر مدروس، ما سيقلل زمن الإفراج الجمركي بشكل كبير ويخفف الضغط عن المراكز الحدودية.
وأوضح أن هذا التوجه سيبدأ تطبيقه في تموز المقبل بشكل تدريجي على الشركات ضمن القائمة الفضية، ليصار إلى تقييم التجربة وتوسيعها لاحقاً إلى القائمة الذهبية.
وأوضح العكاليك أن مركز التجارة الإلكترونية تعامل أخيرا مع أكثر من مليون بوليصة، منها نحو 30 ألف بيان جمركي لبضائع تجاوزت قيمتها 200 دينار، مشددا على أهمية تحقيق التوازن بين التجارة الإلكترونية والتقليدية، في ظل شكاوى بعض القطاعات من تأثير التجارة الإلكترونية على الأسواق المحلية.

وبيّن أن استخدام أجهزة الأشعة المتطورة في أغلب المراكز الجمركية ساهم في تسريع عمليات التفتيش وتقليل حجم الاستهداف، مشيراً إلى أن بعض الأجهزة الحديثة قادرة على كشف محتويات الحاويات بدقة عالية، بما يسهم في اتخاذ قرارات تفتيش دقيقة ويوفر الجهد والوقت.

وحول مركز حدود جابر، أوضح أن البنية التحتية مملوكة لوزارة الأشغال العامة، وأن هناك خطة قيد التنفيذ لتطويره وتوسعته بالتنسيق مع وزارة الداخلية، لتحسين انسيابية حركة الشحن وزيادة القدرة على التعامل مع حركة الترانزيت نحو سوريا، التي شهدت تحسناً في الآونة الأخيرة.
وفيما يتعلق بالإيرادات الجمركية، بيّن العكاليك أن الملف يُدار من قبل وزارة المالية، فيما تساهم الجمارك بتوفير البيانات الدقيقة حول الحاصلات الجمركية، لافتاً إلى أن 91 بالمئة من بنود التعرفة الجمركية معفاة حالياً من الرسوم، في إطار توجه الدولة لتخفيف الأعباء عن المستوردين وتحفيز النمو الاقتصادي.
وأكد العكاليك أن دائرة الجمارك تُعد من أوائل المؤسسات الوطنية التي اعتمدت التكنولوجيا في مختلف مراحل عملها، حيث تشغل حالياً نحو مئة نظام جميعها مبنية على نظام الأسيكودا العالمي، الذي يمثل العمود الفقري للعمل الجمركي، مشيرا إلى أن الأنظمة تستخدم لغات برمجية متعددة مثل جافا وأوراكل، ما يعكس مستوى التقدم التقني للدائرة.
وأوضح أن المشروع الجديد الذي تعمل عليه الدائرة حالياً هو النظام الجمركي الشامل، الذي سينظم العمليات الجمركية ضمن منظومة إلكترونية واحدة تشمل البيان الجمركي والإعفاءات والإدخال المؤقت ونظام القضايا والرصاص الجمركي وغيرها.
وبيّن أن المشروع حالياً في مرحلة مسح الإجراءات بهدف توحيد آليات العمل في مختلف المراكز الجمركية مثل العمري وجابر والكرامة، وصولاً إلى بيئة جمركية ذكية موحدة دون تقاطعات.
ولفت إلى أن المرحلة التالية ستحدد ما إذا كان تطوير النظام سيتم داخلياً بالكامل بأيدٍ أردنية أو من خلال تعاون مع جهات مانحة أو شركات متخصصة، مبيناً أن الكوادر الأردنية تخضع حالياً لتدريبات مكثفة في تحليل الأعمال والتصميم البرمجي لتعزيز فرص التنفيذ الذاتي.
وأكد أن النظام الجديد سيرتبط بأنظمة الموارد البشرية، ويمنح الصلاحيات حسب المهام وليس حسب أماكن العمل، ما يرفع درجة الانضباط ويكرس الشفافية والنزاهة في العمل الجمركي.
وأشار العكاليك إلى أن التعديلات الأخيرة على قانون الجمارك شكلت نقلة نوعية في العمل الجمركي، واعتبرها المراقبون قانوناً عصرياً يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية، الأول هو الانتقال في إجراءات التدقيق من الحدود إلى المستودعات عبر تفعيل مبدأ التدقيق اللاحق، والثاني توحيد الجهات الرقابية ضمن مظلة دائرة الجمارك، التي تتولى مهام المعاينة وسحب العينات وإدارة المخاطر والكشف الميداني، والثالث يتعلق بإدماج التكنولوجيا الحديثة ضمن إطار قانوني رسمي، بحيث يتمكن صاحب العلاقة من متابعة إجراءات المعاينة عبر رابط إلكتروني مباشر يتيح مشاهدة عملية الكشف الجمركي.
وأوضح أن القانون الجديد حسم العديد من الجوانب الخلافية التي كانت تسبب إشكالات في الماضي، مثل توقيت ضبط البضاعة وتحديد القيمة، حيث باتت هذه الإجراءات منصوصاً عليها بوضوح في التشريعات، ما عزز الموثوقية والالتزام.
وأكد أن القانون جاء نتيجة حوار موسع مع مختلف الجهات ذات العلاقة، بما فيها غرف الصناعة والتجارة وشركات التخليص والقطاع الخاص، وتمت مراجعته بالتشاور مع ديوان التشريع والرأي، وأُقر بسلاسة في مجلس الأمة بغرفتيه النواب والأعيان، وصدرت الإرادة الملكية بالموافقة عليه، وسيدخل حيز التنفيذ بعد ستين يوماً من نشره.

وفي ملف مكافحة التهريب، أشار العكاليك إلى أن الظاهرة عالمية لا تنتهي ويتم التعامل معها عبر تطوير الأدوات، وتعزيز الاعتماد على التحليل الاستخباري ونظم المخاطر الذكية، المطورة داخلياً بكفاءات وطنية، ما ساعد على كشف أنماط متقدمة للتهريب.

وبيّن أن عدد قضايا التهريب المسجلة منذ بداية العام بلغ نحو 2100 قضية، تنوعت بين تهريب الدخان والمخدرات والسجائر الإلكترونية، مؤكداً أن التهريب بات يتخذ أشكالاً غير تقليدية ويحتاج إلى جهد استخباري وميداني مكثف لمكافحته.
وفيما يتعلق بالتتبع الإلكتروني، قال إن النظام بات يغطي نحو 98 بالمئة من الإرساليات، فيما يقتصر الترفيق الجمركي التقليدي على الحالات الاستثنائية فقط، ويجري حالياً العمل على تحسين كفاءته باستخدام تقنيات حديثة.
وأكد أهمية التعاون مع الأجهزة الأمنية، والذي يتم بشكل تكاملي ضمن الأطر القانونية، لما فيه مصلحة الوطن، مشدداً على أن مكافحة التهريب وحماية الاقتصاد مسؤولية وطنية تتطلب تنسيقاً دائماً بين مؤسسات الدولة.

قد يعجبك ايضا