جامعة أدنبره الأسكتلندية تمنح العين عماوي الدكتوراه الفخرية لتميزها في خدمة الصالح العام
المرفأ….سلمت جامعة أدنبره الأسكتلندية اليوم الخميس بتفويض وقرار مجلس الشيوخ الأكاديمي في الجامعة، الدكتورة عبلة عماوي عضو مجلس الأعيان، شهادة الدكتوراه الفخرية تقديرًا لإنجازاتها في تجاوز حواجز الأدوار الاجتماعية التقليدية، وسعيها الدؤوب نحو التميز في خدمة الصالح العام.
وشهدت الجامعة ترحيباً وتفاعلاً كبيراً من هيئتها التدريسية وطلبتها بعد كلمة للعين عبلة عماوي عن دور جلالة الملك عبد الله الثاني في الحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وعن غزة التي وصفتها بأنها تذكرنا بألم الصمت على الدمار والإبادة الجماعية.
وجامعة أدنبره تعد من أعرق الجامعات في العالم، وتمّ تأسيسها في سنة 1582، وخرجت آلاف العلماء والمفكرين على مستوى العالم.
وقالت العين عماوي في كلمة بمناسبة تكريمها من قبل الجامعة: “جئتكم من بلد عريق له شعب وتاريخ عظيم، من الأردن، الذي يقع في منطقة ندبتها الصراعات. يقف ملكنا، صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني، ثابتًا لا يتزعزع للمواقع الإسلامية والمسيحية المقدسة في القدس، ويحمي بضراوة الوصاية الهاشمية المقدسة، واليوم تضل محنة فلسطين جرحًا نازفًا في ضمير الإنسانية: تذكيرًا مؤلمًا بالعواقب المدمرة للصمت في مواجهة الإبادة الجماعية ضد شعب غزة”.
وجاء في كلمة العين العماوي” بكل تواضع عميق وامتنان صادق، أقبل اليوم شهادة الدكتوراه الفخرية هذه. أفعل ذلك نيابة عن كل إنسان يجرؤ على التشكيك في الوضع الراهن، وعن كل محفز للتغيير لا يعمل من أجل التقدير، بل في السعي الدؤوب لتحقيق العدالة”.
وتابعت: ما زلت أتذكر نصيحة والدي: “عليكِ أن ترفعي رأسك دائمًا”، وذلك بالحفاظ على الكرامة والنزاهة واحترام الذات في أفعالك. أبي، لقد عشت وفقًا لقيمك، ونتيجة لذلك، يشرفني الآن الوقوف هنا اليوم في جامعة إدنبره، محاطةً بهذا المجتمع الرائع من المتعلمين والقادة.
وقالت العين عماوي: عندما بدأت رحلتي لأول مرة، لم أهدف إلى كسر الحواجز. لقد اتبعت ببساطة قناعتي: أنه لا ينبغي تقييد أي حياة بالظروف ولا إسكات أي عقل بحدود العقيدة الاجتماعية. لقد قادتني الأقدار للكثير من المناطق حول العالم، وواجهت العديد من المحن الشخصية والمهنية. ومع ذلك، لم أتوقف أبدًا. واصلت السير بهدف وإيمان لا يتزعزع، بأن العالم سيكون مكانًا أفضل إذا رفض كل واحد منا البقاء صامتًا في وجه الظلم.
وفي عبارات موجهة للخريجين قالت: أنتم تخطون إلى عالم يتسم باضطرابات بيئية وسياسية واقتصادية واجتماعية عميقة. ومع ذلك، ففي خضم هذه الاضطرابات بالذات تجد أجيالكم نفسها مستعدة لتشكيل مستقبل من الإمكانيات غير المسبوقة، وحتى في عالم حيث، كما حذر هوبز، “الإنسان ذئب لأخيه الإنسان”، اخترت أن أؤمن بإمكانية وجود عالم أفضل حيث تتلاقى الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية يومًا ما. وكما كتب جبران خليل جبران ذات مرة: “الوداعة والطيبة ليستا علامتين على الضعف واليأس، بل هما مظهران للقوة والعزيمة”.
ومضت بالقول: بصفتي خريجة من جامعة إدنبره – وهو مكان صاغ عددًا لا يحصى من الطلاب وصناع التغيير حول العالم – أقول هذا: آمنوا بأنفسكم، حتى عندما لا يؤمن بكم أحد.لستم بحاجة إلى اتباع مسار محدد سلفًا. بدلاً من ذلك، ارسموا مسارًا يعكس قيمكم الأعمق. النزاهة ليست راية تُعرض – إنها انضباط نتمسك به يوميًا، خاصة عندما لا يرانا أحد. أينما قادتكم رحلتكم، يجب أن تتذكروا دائمًا أن التميز لا يُقاس بالجوائز، بل بالأثر الذي نتركه في حياة الآخرين.
وقالت العين عماوي، في الختام، أقبل شهادة الدكتوراه الفخرية هذه ليس كانتصار شخصي، بل كرمز لما يصبح ممكنًا عندما يجرؤ المرء على الارتقاء فوق التوقعات المجتمعية ويلتزم بصدق بالدفاع عن أولئك الذين هم في أمس الحاجة إلينا.تهانينا لكم جميعًا. أتمنى أن تكون مساراتكم جريئة، وأصواتكم واضحة، وغاياتكم باقية.
وكان البرفسور جورج بالتيل قال تقديمه وتكريمه للدكتورة عماوي، “بإسم وبتفويض من مجلس الشيوخ الأكاديمي، يشرفني أن أقدّم لمنح درجة دكتوراه فخرية – دكتوراه “أونوريس كوزا”، لسعادة الدكتورة عبلة عماوي، وهي عالمة مرموقة، وخبيرة سياسات دولية، ومسؤولة عامة ذات سجل متميز يمتد عبر الأوساط الأكاديمية والحكومية والمنظمات متعددة الأطراف وهيئة الأمم المتحدة.
وتابع بالقول: هي حصلت على درجة الدكتوراه في السياسة المقارنة والنظرية السياسية ودرجة الماجستير في العلاقات الدولية/الدراسات العربية من جامعة جورجتاون، كما تحمل شهادة البكالوريوس في الأدب الأمريكي والإنجليزي مع تخصص فرعي في علم الآثار من الجامعة الأردنية، وُلدت الدكتورة عماوي في عمان لأسرة بسيطة، لكنها برزت كإحدى النساء العربيات الاستثنائيات اللاتي يجسّدن التزامًا عميقًا بالمساواة والعدالة الاجتماعية، وإن إنجازاتها، في ظل ما واجهته من عوائق اجتماعية وثقافية، تعكس سعيها المتواصل نحو التميّز في خدمة الصالح العام، كما أن دورها كمرشدة وملهمة لجيل من النساء يعكس تأثيرها الكبير في مجال تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين.
وأضاف البرفسور: في أوقات كان الوجود النسائي في الفضاء العام العربي محدودًا، كانت الدكتورة عماوي من القلائل اللاتي تجرأن على تحدي الواقع السائد وكسر الصور النمطية للأدوار التقليدية، وعلى امتداد مسيرتها المهنية الرفيعة، شغلت الدكتورة عماوي مناصب قيادية بارزة، من بينها: الأمينة العامة للمجلس الأعلى للسكان في الأردن، رئيسة المجلس العربي للسكان والتنمية، رئيسة المكتب التنفيذي لجامعة الدول العربية.
وتابع البرفسور بالقول: عملت عماوي خلال مسيرتها التي امتدت 27 عامًا في الأمم المتحدة، وأدارت برامج على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية، تركزت حول سيادة القانون، العدالة الجندرية، الوقاية من الأزمات، الحد من الفقر، وإصلاح الإدارة العامة.وكان لها دور محوري في ابتكار حلول إنسانية لمواجهة تحديات اللاجئين والنازحين في بلدان الجنوب العالمي، أما في المجال الأكاديمي، فقد شغلت منصب أستاذة زائرة ومستشارة سياسات في جامعة جورجتاون وكلية راندولف-ماكون، كما نالت أعمالها العلمية تقديرًا واسعًا، خاصة مشاركتها في تحرير عدة طبعات من كتاب “التطور النظري لاقتصاديات السياسة الدولية”.
وختم البرفسور بالقو: تم تعيينها من قبل جلالة الملك عبد الله الثاني عضوًا في مجلس الأعيان الأردني لولاية ثانية، وعضوًا في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية. وتشغل حاليًا منصب مديرة صندوق المرأة من أجل التنمية في هيئة المرأة العربية، كما تعمل كمستشارة رفيعة المستوى في برنامج الأمم المتحدة لدعم القيادات النسائية، وتُدرج ضمن قائمة الخبراء المعتمدين لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مجالات الحوكمة، التنمية البشرية، الوقاية من الأزمات، التخطيط الوطني والمحلي، مكافحة الفقر، وتمكين المرأة، وقد كُرمت بإحدى أرفع الجوائز الإقليمية وهي جائزة المرأة العربية المتميزة، تقديرًا لإسهاماتها المؤثرة في العدالة الاجتماعية والحوكمة والتنمية الاقتصادية.