ماذا يجري بين مصر و “إسرائيل”؟ وما قصة التجهيزات العسكرية على حدود غزة؟ .
المرفأ…منذ عدة شهور وتُركز الماكينة الإعلامية والسياسية في “إسرائيل” بوصلتها نحو مصر وجيشها، في حملة ممنهجة ومدروسة تتصاعد بشكل تدريجي، ومن المرجح أن تصل لأخطر مراحلها خلال الفترة القليلة المقبلة نظرًا لتشابك المواقف واستمرار التراشق الإعلامي.
الإعلام العبري لم يترك صغيرة ولا كبيرة على مصر وجيشها إلا وتحدث عنها، بل ووصل لأبعد من ذلك حتى ذكرت وسائل بأن الجيش المصري يتجهز لتنفيذ “خطة خطيرة” قد تستهدف “إسرائيل”، وأنه بات على أهبة الاستعداد للتعامل مع التطورات المفاجئة وخاصة في ظل استمرار الحرب الدامية على قطاع غزة وسكانه.
الحملة تصاعدت على مصر مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية بقرب موعد اجتياح مدينة غزة بالكامل وتهجير سكانها إلى الجنوب، وكذلك المخطط الذي تتمسك به “إسرائيل” في الضغط على سكان القطاع بالدمار والقصف والموت والجوع لدفعهم نحو الهجرة عبر البوابة المصرية.
صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية ذكرت أن مصر تعتبر خصما حقيقيا رغم وجود معاهدة السلام مع “إسرائيل”، وأضافت الصحيفة في تقرير لها، أن “الإسرائيليين يسألون مصر: لماذا لديكم هذا العدد الهائل من الجيش؟ لماذا تُشكل “إسرائيل” التهديد الرئيسي لها؟ لماذا تُبنى الأنفاق وتُوسّع مدارج الطائرات في سيناء؟ ما مبرر إرسال قوات إلى شبه الجزيرة دون موافقة “إسرائيل”، وفي انتهاك لمعاهدة السلام؟، ولا توجد إجابات شافية على هذه الأسئلة”.
وأوضحت أن على “إسرائيل” خاصة بعد مجزرة 7 أكتوبر، أن تتذكر كلمات رئيس الأركان السابق، هرتسي هاليفي حول مصر”.
وقال هاليفي، حينها إن “مصر لديها جيش ضخم، مزود بأسلحة متطورة، وطائرات وغواصات، وعدد كبير من الدبابات ومقاتلات المشاة”، مضيفًا أنه وفقًا للتقييمات الحالية، لا يُشكل هذا تهديدًا، لكن الأمور قد تتغير في لحظة”.
وعلى الصعيد السياسي، تتحدى مصر “إسرائيل” باستمرار، وهذا أحد أسباب رفضها استيعاب سكان غزة – ولو مؤقتًا – أو منحهم أراضٍ في سيناء، بحسب تقرير الصحيفة.
وتابعت، أن مصر لا تريد أن يُحرض سكانها معها، ولكن من الملائم لها أيضًا أن تحاربنا، أما بالنسبة للسيسي، فهما عصفوران بحجر واحد.
يُضاف إلى ذلك كراهية “إسرائيل” لدى النخب المصرية والشرائح الشعبية ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المصري، بالإضافة إلى الألغام التي تزرعها ضدها في المؤسسات الدولية، ووصفت الصحيفة العبرية، أن هذا يعد أقرب إلى حرب باردة منه إلى “سلام بارد”.
وأشارت إلى أن “المفارقة الكبرى هي أن “إسرائيل” تتمتع بنفوذ كبير لإجبار مصر على التراجع، أولها من جهة الأمريكيين فلقد ساعدت تل أبيب القاهرة مرات عديدة في أروقة واشنطن على مر السنين ومن الممكن والمناسب تغيير المسار ولفت انتباه الكونغرس إلى ما يحدث.
أما الجهة الثانية فهي قضية الغاز، إذ اعتمدت مصر لسنوات على الغاز الإسرائيلي للبقاء على قيد الحياة، وبدونه، سينقطع التيار الكهربائي على نطاق واسع في البلاد، إضافةً إلى ذلك، سيخسر الاقتصاد المصري، الذي يحصل فعليًا على قسيمة على الغاز الذي يشتريه من “إسرائيل” ويبيعه لأوروبا، فهو مصدر دخل مهم إذا ما أوقف أحدٌ هنا الغاز.
وأردفت الصحيفة، أن الضغط عن طريق الغاز يبدو جليت بعد الصفقة المستقبلية العملاقة التي أُعلن عنها هذا الأسبوع، فبموجب الخطة، ستشتري مصر 130 مليون متر مكعب من الغاز من حقل ليفياثان على مدى السنوات الـ 14 المقبلة، بقيمة إجمالية تبلغ 35 مليار دولار.
وأشارت إلى أن الشخص المخول بالموافقة على التوقيع هو وزير الطاقة إيلي كوهين. بصفته وزير خارجية سابقا ورجلا ذا منظور إقليمي رصين، وهو يُدرك القيمة السياسية الهائلة لهذه الصفقة.
وتابعت، “مع أنه لن يقرر الموافقة عليها بمفرده، بل سيفعل ذلك بالتشاور مع رئيس الوزراء، فمن الواضح أن لديهم نفوذً
ا قويًا. السؤال هو: هل سيستخدمونه؟”.وختمت الصحيفة تقريرها بالقول، إنه “حان الوقت لنوضح للمصريين أننا لم نعد نلعب دور المغفلين ومن أهم احتياجات “إسرائيل” المُلحة فتح خط لسكان غزة، فقد حان الوقت لـ “إسرائيل” أن تتصرف كدولة ناضجة، وأن تستخدم مواردها الاقتصادية والطاقة المتاحة لها لخدمة هذه المصلحة الوطنية”.
إلى جانب ذلك، كشفت مصادر مصرية وفق وسائل إعلام عربية، أن الجيش المصري عزز من قواته العسكرية على حدود قطاع غزة.
وقالت إن “السلطات المصرية تتحسب لاحتلال الجيش الإسرائيلي المناطق التي لا تزال خارجة عن سيطرته في مدينة غزة وشمالها في أي وقت، لذلك عزز الجيش المصري حضوره على الحدود الشرقية خشية من التداعيات الإنسانية والعسكرية لأي اجتياح مماثل، إذ تتوقع الأجهزة السيادية المصرية أن تؤدي العمليات الحربية إلى دفع نحو مليون مواطن غزي إلى النزوح من مدينة غزة نحو جنوب القطاع، ما يفتح الباب أمام محاولات إسرائيلية متعمدة لدفع هؤلاء المدنيين إلى الحدود المصرية”.
وكشفت أن هذا السيناريو يُنظر إليه في مصر باعتباره تهديداً مباشراً للأمن القومي، إذ يعني نقل عبء إنساني وأمني ضخم إلى سيناء، وتحويل الأزمة إلى داخل الأراضي المصرية.
وتخشى القاهرة من أن تستغل “إسرائيل” حالة الفوضى الناجمة عن الحرب لترسيخ سياسة “الترانسفير” (التهجير القسري)، بحيث يتحول جنوب غزة إلى محطة مؤقتة قبل محاولة دفع المدنيين باتجاه معبر رفح، وهذا ما دفع الجيش المصري إلى تعزيز وجوده على الحدود بشكل لافت خلال الأيام الماضية، في رسالة مزدوجة: أولاً منع أي اختراق أمني أو عبور جماعي، وثانياً توجيه رسالة سياسية بأن مصر ترفض بشكل قاطع أي حلول على حساب أراضيها أو سيادتها.
وفي ذات السياق، قال السفير عبد الله الأشعل، المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، إن مصر طرحت منذ سنوات فكرة نشر قوات دولية في قطاع غزة، لكن هذا الطرح لم يكن مدركاً لحساسية الموقف، لأن وجود مثل هذه القوات سيُنظر إليه من جانب المقاومة الفلسطينية باعتباره “قوة احتلال”، ومن ثم ستتعامل معه كما تتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأمام هذه التطورات.. إلى أين سيصل التوتر بين “إسرائيل” ومصر؟ وهل سيمنع الجيش المصري هروب الفلسطينيين من الموت؟ وهل نشر القوات الدولية بغزة هو الحل.
رأي اليوم