دول أوروبية تدرس فرض عقوبات على الاحتلال..بسبب حرب الإبادة الصهيونية
المرفأ…تسبّبت حرب الإبادة الصهيونية المتواصلة ضد قطاع غزة في حدوث انعطافة لافتة في توجهات الرأي العام نحو الاحتلال، واتسّاع دائرة الرفض الدولي لاستمرار العدوان وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، والمطالبة بوقف إطلاق النار فوراً، وإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة للقطاع المحاصر، تحت طائلة إجراءات عقابيّة تشمل فرض العقوبات على الكيان المُحتّل.
وبرز هذا التغيّر بشكل واضح من خلال مراجعة الكثير من الدول، لاسيما الغربية منها، لمواقفها التقليدية المؤيدة لحرب الاحتلال على غزة، حيث تدّرس دول أوروبية فرض عقوبات على الكيان المُحتل وتعليق الشراكات معه، بسبب سياسة التجويع التي يرتكبها بحق سكان القطاع.
بينما طالبت أكثر من دولة أوروبية أمس، مثل ألمانيا وبريطانيا وبلجيكا، بوقف إطلاق النار في قطاع غزة فوراً، مؤكدة التوجّه للاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الشهر الحالي، متجاوزة عن اعتراضات الحكومة المتطرفة.
وفي مواجهة اتساع رقعة الاعتراف بدولة فلسطين؛ يسعى رئيس الحكومة المتطرفة “بنيامين نتنياهو” لتسريع إجراءات تطبيق السيادة على أجزاء من الضفة الغربية، تمهيداً لضمّها للكيان الصهيوني.
يأتي التصعيد الصهيوني الأخير ضد غزة والضفة الغربية كردّ يائس على التطور اللافت في الموقف الدولي تجاه وقف الحرب فوراً، والمُردّف بجملة إجراءات عقابيّة؛ أسوة بالكشف مؤخراً عن مقترح للمفوضية الأوروبية تعليق برنامج الشراكة مع الكيان المُحتل، وتوّجه عدد من الدول الأوروبية نحو فرض العقوبات عليه، رداً على استمرار الحرب والانتهاكات الإنسانية في غزة.
ويرتبط ذلك بجملة مواقف وتصريحات دولية مناهضة لحرب غزة؛ حيث حذر وزير الخارجية الألماني “يوهان دافيد فاديفول”، سلطات الاحتلال من أي محاولات للسيطرة على قطاع غزة أو الضفة الغربية، مؤكداً رفض بلاده لأي إجراءات ترحيل أو سلب تطال الفلسطينيين.
وقال “فاديفول”، في تصريحات أمس، إن “ألمانيا ترفض بشكل قاطع أي اعتبارات إسرائيلية قد تعني طرد السكان الفلسطينيين أو ضم أراضيهم، فغزة يجب أن تكون جزءاً من دولة فلسطينية مستقبلية ضمن حل الدولتين”.
وأشار الوزير الألماني إلى أن الأوضاع في غزة ما تزال مأساوية على الصعيد الإنساني، مشدداً على أن الحرب يجب أن تتوقف، وأن يتم الإفراج عن الأسرى، كما لفت إلى ضرورة أن تضع الولايات المتحدة والدول العربية المجاورة، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، تصورات واضحة لمستقبل القطاع بعد انتهاء الحرب.
وشدد على أن استمرار انتهاكات الاحتلال يهدد النظام الدولي القائم على القانون، ويقوّض فرص الوصول إلى تسوية عادلة وشاملة تضمن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
ولا يختلف الموقف الألماني عن نظيره البريطاني؛ حيث طالب وزير الخارجية البريطاني “ديفيد لامي” بالوقف الفوري للعملية العسكرية للاحتلال في مدينة غزة، وإدخال شاحنات المساعدات إلى القطاع والسماح بعمل المنظمات الدولية”، مؤكداً أن بريطانيا ستعترف بدولة فلسطينية.وبالمثل؛ أعلن وزير الخارجية البلجيكي “ماكسيم بريفيه” أن بلجيكا ستعترف بدولة فلسطينية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر، كما ستفرض عقوبات على حكومة الاحتلال، وستحظر استيراد المنتجات من المستوطنات، وستضع قيوداً على المشتريات من الشركات بالكيان المحتل، وستفرض عقوبات على المستوطنين المتورطين في الهجمات على الفلسطينيين، وسيتم “إعلان حظر على الرحلات الجوية والعبور” للطائرات الحكومية الصهيونية.
وقال الوزير البلجيكي أن بلاده اضطرت لاتخاذ قرارات حازمة لزيادة الضغط على حكومة الاحتلال، في ضوء المأساة الإنسانية التي تشهدها فلسطين، وخاصةً في غزة، وأعمال العنف التي ترتكبها قوات الاحتلال انتهاكًا للقانون الدولي، وانطلاقًا من التزاماتها الدولية، بما في ذلك منع أي خطر إبادة جماعية.
وأضاف أن بلجيكا ستعمل على تشجيع تعليق تعاون الاتحاد الأوروبي مع الكيان المُحتل، بخاصة تعليق اتفاقية الشراكة التي تنظم العلاقات بين الجانبين، بما في ذلك مجال التجارة، بالإضافة إلى تعليق مشاركة الكيان المُحتل في برامج بحثية مشتركة مع الاتحاد الأوروبي، مثل برنامج “هورايزون”، وفق تصريحه.
من جانبها، حمّلت “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، الإدارة الأميركية المسؤولية الكاملة عن المجازر الجارية في قطاع غزة، مؤكدة أن “واشنطن هي من تقود فعلياً حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني وتشرف بشكل مباشر على جرائم الاحتلال وعمليات التطهير العرقي، خصوصاً في مدينة غزة”.
وأوضحت “الجبهة الشعبية”، تصريح لها أمس، أن “القطاع يشهد تصعيداً دموياً غير مسبوق يتمثل في القصف العشوائي والمجازر الجماعية التي ترقى إلى جرائم حرب لم يعرف التاريخ مثيلاً لها، وسط صمت دولي مخزٍ”.
وأشارت إلى أنّ”مدينة غزة على وجه الخصوص تواجه أخطر مراحل الإبادة، في ظل انعدام الأماكن الآمنة وانهيار شبه كامل للخدمات الإنسانية والطبية”.
كما لفتت إلى أن “زيارة السفير الأميركي لدى الاحتلال لمستوطنة (إفرات) في بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية، بهدف تشجيع الاستيلاء عليها، تمثل دليلاً جديداً على التورط المباشر للإدارة الأميركية في دعم سياسات الاستيطان والتطهير العرقي”.
ودعت الجبهة إلى “تصعيد الضغط الشعبي والسياسي على الإدارة الأميركية، باعتبارها الطرف القادر على وقف الحرب وإنهاء هذه الجريمة، وإنقاذ غزة من المجاعة والإبادة الجماعية”.
في الأثناء؛ تواصل قوات الاحتلال، منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، شنّ حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة، والتي أدت لاستشهاد وإصابة أكثر من 224 ألف فلسطيني، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع.