الاردن هيئة الخدمة والإدارة العامة تقود تحديث القطاع العام
المرفأ… فرضت مسارات التحديث التي يشهدها الأردن في مئويته الثانية تحولاً جذريًا في دور ديوان الخدمة المدنية ليصار إلى هيئة الخدمة والإدارة العامة التي أوكلت إليها مهام جديدة وفق خارطة طريق تلبي طموحات رؤى التحديث المستقبلية بإعداد قطاع عام كفؤ وفعال وقادر على خدمة المواطنين وفق أفضل الممارسات.
وللوقوف على إنجازات الهيئة، قال رئيس الهيئة المهندس فايز النهار، إن الهيئة شكلت نقطة تحول في إدارة القطاع العام من خلال رسم السياسات العامة، وتقديم الدعم الفني للمؤسسات الحكومية، وتعزيز الرقابة والامتثال، وقيادة جهود التحول المؤسسي، مؤكدًا التزامها بمواصلة تنفيذ رؤيتها الاستراتيجية لتحديث القطاع العام والإصلاح الجذري المستدام.
وفيما يخص مركز الكفايات الوظيفية، أوضح النهار أن دوره يتوسط سلسلة من الإجراءات، تبدأ بخطة الموارد البشرية المبنية على جداول التشكيلات في الدوائر بالإعلان عن وظائف شاغرة لتأتي مرحلة فرز الطلبات المطابقة وغير المطابقة مع إتاحة المجال بعدها لتقديم الاعتراضات لمدة ثلاثة أيام لإعلان النتيجة النهائية، مشيرًا إلى أن الهيئة تراقب هذه الإجراءات، وتعلن بناء على ذلك عن عقد امتحان الكفايات بالمركز المجهز مسبقا ببنوك أسئلة حسب أوقات مجدولة.
وأكد النهار، أن اختبار تقييم الكفايات ليس اختبار معارف تخصصية، أو تحقق من الشهادة الجامعية، إنما هو قياس للكفايات المرتبطة بالوظيفة التي تتمثل بالمهارات السلوكية والتربوية وأساليب ممارسة المهنة.
وبين، أن الاختبار يهدف إلى المفاضلة بين المترشحين الذين انطبقت عليهم الشروط، واختيار سبعة أشخاص من الأكثر امتلاكا للكفايات الوظيفية بعد اجتيازهم الامتحان، وتنسيبهم لإجراء مقابلات وجاهية مسجلة بالصوت والصورة في المؤسسات المعنية دون إبلاغها بنسب العلامات، حيث تقوم الهيئة لاحقا بجمع علامة الامتحان وعلامة المقابلة واختيار الأعلى ليحل بالشاغر المتوفر.
وأشار إلى أن الاختلاف الجوهري بين من لم يحصل على الوظيفة من الناجحين حسب الإعلان المفتوح والناجحين حسب المخزون، هو الاحتفاظ بنتيجة الناجح من المخزون ليحل في الشاغر متى توفر، أما الناجح على الإعلان المفتوح فإنه يعيد التجربة مرة أخرى في حال الإعلان عن وظائف شاغرة ويخضع لنفس العملية من البداية.
وأشار إلى أن الهيئة بصدد تطوير البنية التكنولوجية للمركز من خلال استخدام نظام إلكتروني جديد يخضع حاليا لمراحل تطويره الأخيرة، يسمح بإدارة عمليات التقييم وعقد الاختبارات واستلام النتائج من الدوائر وإرسال الرسائل النصية واحتساب العلامات وإدخال نتائج المقابلات.
كما تعمل الهيئة على توفير أدوات تقييم جديدة من خلال الاختبارات الشخصية واختبارات الذكاء والمهارات القيادية والسلوكية وقياس الثقافة الرقمية، ليكون المركز قادرا على تقييم أنواع الكفايات كلها، لأن المركز يستخدم لغايات أخرى غير التعيين، مثل الترقية وتحديد الاحتياجات التدريبية وتقييم الأداء وتشكيل فرق العمل وتحديد المرشحين للمشاركة في برامج تدريبية وبعثات.
وبين، أن المركز يضع معايير الاعتماد لمن يقومون بإجراء المقابلات، ويمنحهم شهادات متخصصة للتأكد من امتلاكهم أساسيات القياس والتقييم، لافتًا إلى سعيهم لتسهيل رحلة المستخدم بسبب كثرة أعداد المتقدمين، من خلال توفير بنى تحتية ملائمة لعملية دخول القاعات والتوزيع والانتظار وغيرها.
وأشار إلى بحثهم عن مواقع بديلة في المحافظات لعقد الاختبارات، معلنًا عن إجراء أول امتحان خارج مركز الكفايات، في محافظتي معان والكرك الأسبوع المقبل، بالتنسيق مع الجامعات والمؤسسات الحكومية التي لديها القدرة على توفير قاعات مجهزة بذات سوية مركز الكفايات لضمان أمن المعلومات وحماية البيانات، بهدف التخفيف على المتقدمين من تكبد عناء المسافات والمواصلات.
أما ما يخص تعليمات الدوام المرن، أوضح النهار أن هذه التعليمات تتوافق مع خارطة تحديث القطاع العام ونظام إدارة الموارد البشرية الجديد، وتراعي التقدم التكنولوجي المتسارع والتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية واختلاف الخدمات وقنوات تقديمها للمواطنين.
ووفرت هذه التعليمات مرونة زمانية ومكانية، إذ يستطيع الموظف العمل قبل بساعة من موعد الدوام المعتاد أو بعد ساعة منه، بهدف تجاوز بعض التحديات مثل وجود ارتباطات صباحية أو مسائية لديه، أو رعايته لأحد أفراد أسرته أو لتجاوز الأزمات المرورية وغيرها، كما توسع النطاق الزمني للخدمات التي تقدمها الجهة المعنية للمواطنين.
وأكد، أن التعليمات تراعي العمل ضمن منظومة متكاملة دون الإخلال بها، ووفق خطة توزع العمل بين الموظفين بحيث تتكامل الأدوار فيما بينها، مشيرا إلى المرونة المكانية التي تعني عدم اشتراط تواجد الموظف في مكان العمل التقليدي للعمل، وقدرته على العمل عن بعد، ضمن مواصفات وشروط معينة للوظيفة.
وأشار إلى أن هذه التعليمات لا تشمل الموظفين في الإدارة الوسطى لأنه يتنافى مع جوهر عملهم الأساسي وهو الإشراف التوجيه والمتابعة المباشرة، مؤكدا ضرورة محاكاة تطورات العمل لتلبية احتياجات الموظفين والمواطنين في الوقت ذاته.
وفيما يخص جدول التشكيلات، بين النهار أنه بعد صدور نظام معدل لإدارة الموارد البشرية، أصبح للهيئة دور محوري في جدول التشكيلات، إذ يُعد هذا الجدول أساس التخطيط للموارد البشرية الذي يقع في صلب مهام الهيئة، كونه يعكس حاجة الحكومة الفعلية لوظائف المستقبل، والتطورات الحاصلة على الدوائر والتحول الرقمي واستحداث الوظائف الجديدة.
وأشار إلى استحداث لجنة يرأسها رئيس الهيئة، وتشمل في عضويتها: أمين عام وزارة التخطيط والتعاون الدولي، وأمين عام وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، ومدير عام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، وأمين عام الهيئة، ومدير عام دائرة الموازنة العامة، ومدير عام معهد الإدارة العامة، بالإضافة إلى اثنين من خبراء الموارد البشرية من خارج القطاع العام يُسميهما رئيس الهيئة.
وبين أن الدوائر تقوم بعمل مسودة جدول التشكيلات ضمن عدة ضوابط بالنظر إلى الفائض والناقص فيها، وعمل دراسات عمل عن وظائف المستقبل وما هي حاجة الدوائر لموظفين مختصين على سبيل المثال بالذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والاقتصاد الأخضر والطاقة البديلة وغيرها، بالإضافة إلى مستقبل الوظائف الذي يعنى بدراسة وضع بعض الوظائف القديمة ومدى الحاجة لها مستقبلا.
وأشار إلى أن ذلك يفتح المجال أمام الموارد البشرية كممكن أساسي لتحقيق أهداف الدائرة والمهام المنوطة بها، موضحا أنه بعد النظر لمسودة جدول تشكيلات عام 2025 تبين أن 85 بالمئة من معدل الوظائف يعود لصالح الوظائف التخصصية التي لها علاقة مباشرة بالوظائف الأساسية للدائرة، وتضمن وظائف جديدة لم يتم طلبها سابقا.
وفيما يخص الثقافة المؤسسية، بين النهار أنها تعد أحد مكونات خارطة تحديث القطاع العام، كأداة قياس نوعية لبيئة العمل والقيم الحاكمة داخل المؤسسات العامة.
وأوضح، أن ترسيخ ثقافة الخدمة العامة يعد تحولا عميقا في القيم والمفاهيم التي تحكم علاقة الموظف العام بوظيفته ودوره ومسؤوليته أمام المواطن والدولة، وبناء هذه الثقافة يتم عبر مسار مؤسسي متكامل يبدأ من إعداد وتأهيل الكوادر الإدارية مرورا بتنمية مهاراتهم الوظيفية والقيادية، وترسيخ القيم الأخلاقية والمهنية، وتعزيز الشعور بالانتماء لمؤسساتهم.
وأشار إلى أن الهيئة وضعت بالتعاون مع وحدة إدارة وتنفيذ برنامج القطاع العام في رئاسة الوزراء، وبدعم من الوكالة الألمانية للإنماء الدولي، نموذج الثقافة المؤسسية الذي يتضمن القيم والمبادئ والمرتكزات المعنية بالثقافة المؤسسية للقطاع العام، وسيتم تطبيقه على 24 دائرة خلال هذا العام، فيما تستكمل باقي الدوائر خلال العام القادم.
وبين، أن تطبيق هذا النموذج يهدف لقياس مدى الثقافة المؤسسية في القطاع العام للاستفادة من التغذية الراجعة للتطوير والتحسين، مشيرا إلى أنه أطلق عليهم سفراء التغيير وعددهم 30 موظفا ممن أتقنوا تطبيق النموذج، بهدف المساهمة في نقل هذه الثقافة داخل مؤسساتهم.