فزارة تتحدث عن نفسها: تاريخٌ من العراقة ومجدٌ لا تغيب شمسه”
المرفأ…. إبراهيم عمران
فزارة التابعة لمركز المراكز. بمحافظة سوهاج تتحدث عن نفسها
تقرير صحفي خاص يرصد محطات بارزة من تاريخ إحدى القرى العريقة في صعيد مصر
في زمنٍ تتعالى فيه الأصوات حول التنمية والهوية، تطل علينا قرية فزارة الواقعة بين مركزَي المراغة وطهطا بسوهاج، بتجربتها المتفردة وماضيها العريق، الذي خطَّه رجالٌ حملوا على عاتقهم مسؤولية الريادة والإصلاح منذ أكثر من قرن من الزمان.
لم يكن لفزارة في بداياتها الرسمية “عمدة” وفق المفهوم القانوني المتعارف عليه اليوم، بل كانت تدير شؤونها عبر “المشيخة”، وكان من أوائل من تولّى هذه المسؤولية الشيخ المرحوم عبدالرحيم حسن عابد حتى عام 1895م، حين أصبح لقب “العمدة” منصبًا رسميًا يتم بالانتخاب.
وكان أول من نال هذا الشرف هو المرحوم قناوي عبدالرحيم حسن عابد، الذي تولى العمدية من 1895 وحتى 1905، واشتهر بفك زمام القرية وتحديد حدودها الجغرافية من بيت المهدي حتى قرية الجزازرة. ثم خلفه والده المرحوم عبدالرحيم حسن عابد مجددًا حتى عام 1925.
توالى على منصب العمدة عدد من الشخصيات البارزة من أبناء القرية، منهم:
المرحوم جاب الله محمد طه
المرحوم محمد جاب الله محمد
المرحوم محمد عمران عمير عميرة
المرحوم محمد خليفة أحمد طه
المرحوم أبوزيد محمد أبوزيد ضاحي حتى عام 1976م
وفي السنوات التالية، تولى الشيخ آمين حسانين ثم الشيخ عبدالسميع عبدالنبي مهام نائب العمدة، تبعهما أحد أفراد قسم شرطة المراغة (بالندب)، ثم المرحوم العشري قناوي عبدالرحيم بين عامي 1990 و1998م، وهو آخر من تولى العمدية بالانتخاب.
تحول المنصب بعد ذلك إلى تعيين رسمي من وزارة الداخلية، فكان أول المعيّنين المرحوم محمد السيد عبدالرحيم، وتلاه ابنه المهندس حسين محمد السيد عبدالرحيم، العمدة الحالي لقرية فزارة، والذي تولى المنصب لعدة دورات متتالية.
أرض الخصوبة والتنظيم الإداري
قامت القرية على نظام “الأبعاديات”، الذي تحوّل لاحقًا إلى “أحواض” تم تقسيمها وتسمية كل منها حسب ملاكها الكبار. وتضم فزارة اليوم 24 حوضًا زراعيًا موزعين على عائلات يتجاوز عددها الـ40، متفرعة إلى أكثر من 40 فرعًا منتشرًا في مختلف محافظات الجمهورية.
إسهامات سياسية واجتماعية راسخة
كان لأبناء فزارة حضور بارز في المشهد السياسي منذ وقت مبكر، حيث كان بعضهم أعضاءً بحزب الأمة والمجلس المحلي، ومن أبرزهم:
المرحوم أحمد عبدالله أبوالحسن البوتلي
المرحوم مصطفى محمد فرج قاسم
المرحوم الشيخ آمين حسانين محمد موسى شعيب
المرحوم حلمي صديق بكر طه
محمد إبراهيم عبدالرحمن عميرة
المرحوم الشيخ عبدالنبي إسماعيل عبدالنبي سالم
المرحوم علي محمود أحمد عويضة شعيب
فزارة.. منارة علم وكفاءات وطنية
بفضل اهتمام أهلها بالعلم، خرج من القرية عشرات الأساتذة الجامعيين والأطباء من مختلف التخصصات، ويُقدّر عدد الأطباء البشريين فقط بنحو 65 طبيبًا، بالإضافة إلى الصيادلة، وأطباء العلاج الطبيعي والتأهيل والتخاطب، والأطباء البيطريين.
ولا يقتصر التميز على القطاع الطبي، بل يتعداه إلى النيابة العامة والإدارية، ومجلس الدولة، وهيئات القضاء، بجانب حضور بارز في قطاع التعليم والصحة، إضافةً إلى عدد لا بأس به من الضباط وصف الضباط.
القرية التي سبقت عصرها في مشروعات المياه والعمل الخيري
رغم التحديات، استطاعت فزارة أن تواكب العصر، حيث تحتوي على سبع محطات لتحلية المياه، منها ما هو بالفعل قيد التشغيل، وأخرى في طريقها للعمل.
كما يتميز أهل القرية بنشاطهم الخيري الفعّال، سواء في بناء المساجد أو المساعدات الإنسانية، وهي مبادرات مجتمعية تؤكد على تلاحم أبناء فزارة وانتمائهم العميق لقريتهم.
كلمة أخيرة
ليس هذا المقال تمجيدًا بقدر ما هو توثيق لواقعٍ قائمٍ يستحق الاحترام، فمن أراد أن يعرف حجم الإنجاز في فزارة، فما عليه سوى متابعة جروباتها المحلية، حيث تظهر الأخبار، والمبادرات، والنجاحات بشكل مستمر.
كل الشكر والتقدير للأستاذ الفاضل محمد عبدالمولى الهراس، المؤرخ والموسوعة الثقافية الذي كان لها الفضل في جمع هذه المعلومات وتقديمها للمهتمين بتاريخ فزارة