في ندوة ” أثر المكان في الرواية”..أصوات روائية تستنطق أثر المكان في معرض عمّان الدولي للكتاب

3٬274

المرفأ….عمان- اتحاد الناشرين الأردنيين
عقدت يوم الخميس ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لمعرض عمّان الدولي للكتاب 2025 الذي ينظمه اتحاد الناشرين الأردنيين، ندوة بعنوان “أثر المكان في الرواية”، شارك فيها الروائية والناقدة التشكيلية رجاء بكرية القادمة من فلسطين، والروائي مجدي دعيبس، والدكتور الروائي محمد عبد الكريم الزيود، وأدارها الدكتور طه درويش.
وعرّف الروائي دعيبس المكان ببساطة بأنه “ملح الرواية”، مشيرا إلى أن الجرعة المناسبة لحضور المكان يدركها الكاتب “بفطرته ويشتد مع الخبرة والمران”.
وشدد على أن أثر المكان ليس مجرد فواصل مكانية لبطء الإيقاع، بل هو اندماج المكان مع الحدث والزمن والشخصية في عضوية متجانسة ومتناسقة.
واستعرض دعيبس محاور أثر المكان في روايته “حكايات الدرج” التي تدور في جبل الأشرفية وحي الأرمن، تتدخل جغرافيا المكان والبيوت المتراكمة والأزقة الضيقة في تشكيل علاقات الناس، معتبراً أن المكان قد يكون “مصدر كل الحكايات”.
وفي رواية “قلعة الدروس”، يظهر المكان في صورتين متضادتين هما “الحنين إلى المكان الأول” و”الأمان والحياة الجديدة والأمل في المكان الثاني” (قلعة الأزرق).
واستشهد دعيبس بروايته “أجراس القبار”، حيث اكتشف من خلال البحث عن مخطط لمدينة فيلادلفيا (عمّان) وجود درج روماني مفقود بين المدرج ومعبد هرقل.
وأكد أن معرفة ملامح عمان الرومانية يزيد من “وعينا بالتاريخ” ويجعلنا ندرك أننا “جزء من حراك إنساني حضاري ثقافي”.
وأشار إلى أن الكتابة عن “المكان الأول” (مسقط الرأس) بشيء من “الحب” و”الحنين” ينعكس على الورق ويخلق ألفة مع النص.
كما أكد على أهمية صدقية النص، مشيراً إلى أنه استعان بكتاب الدكتور جوني منصور “حيفا: الكلمة التي صارت مدينة” للحفاظ على دقة الأوصاف المكانية في رواية “السيح” التي وصل سردها إلى حيفا في عشرينيات القرن الماضي.
تحدث الدكتور الزيود عن تجربته، وذكر نصيحة الشاعر الأردني الراحل حبيب الزيودي كيف نصحه بعد كتابة قصة بعنوان “بويا” عن مخيم الزرقاء، قائلاً له: “يا محمد أنت ابن القرية وليس ابن المخيم”، دافعاً إياه للبحث عن المكان الحقيقي الذي يعرف تفاصيله.
وأشار إلى أنه تحدث عن مدينة القدس في رواية “فاطمة”، على الرغم من عدم زيارته لها، لكنه اعتمد على الخرائط وقراءة كتابات معن أبو نوّار، وتناول معركة كتيبة الحسين الثاني في تل الذخيرة والشيخ جراح، ملاحظاً أن العسكر هم أكثر من يرتبطون بالتراب.
أكد أن رواية ” إسعيدة”، وهي اسم قرية أردنية تحولت إلى مدينة الهاشمية تعبر عن “التحولات الاجتماعية والاقتصادية في الأردن” وكيف تم الاستيلاء على هذه القرية بوجود الشركات الكبرى.
وحول خصوصية المكان الأردني، نوّه الزيود إلى أن المكان الأردني، بـ “الوديان والسهول والصحاري”، يختلف عن المجتمعات البحرية، واستشهد بروايات تناولت هذه الصفات مثل “مدن الملح” لعبد الرحمن منيف.
من جهتها، أكدت الروائية الفلسطينية بكرية أن المكان الفلسطيني، خاصة بالنسبة لفلسطينيي الداخل (فلسطين 48)، لا يليق به سوى تسمية واحدة هي “الحنين”، ووصفت المكان بأنه “ظاهرة نفسية”، وأن الشعب الفلسطيني قد يكون الوحيد الذي “يستنسخ من مدنه مكعبات من الشوكولا ويأخذها معه”.
واستعرضت صراعها مع السرد الإسرائيلي، مؤكدة أن المكان يملك “طاقة عجيبة في كتابة التاريخ وإشهاره في اللحظات الدامية”، وأن “مرونته تضج ذهبا كسوق القيسارية في غزة”.
وكان الدكتور درويش قد افتتح الندوة مشيراً إلى أن موضوع أثر المكان في الرواية يستدعي من الذاكرة كتاب “جماليات المكان” للفيلسوف جاستون باشلار”.
وأوضح أن المكان عند باشلار هو “ظاهرة نفسية وليس بناء فيزيائياً”، ويتجسد هذا التصور في فكرة “البيت”. واستشهد درويش بقول ويليام شكسبير: “ماذا تكون المدينة سوى البشر؟**، مؤكداً أن الكائنات المكانية التي يرتبط بها الكاتب “تشكل جزءاً رئيساً من عالمه الروائي”.
وفي ختام الندوة، شكر الدكتور درويش الحضور، وإدارة معرض عمّان الدولي للكتاب واللجنة الثقافية على التنظيم، وتم تكريم المشاركين في الندوة بدرع معرض عمان الدولي للكتاب 2025.

قد يعجبك ايضا