إشهار كتاب ” كيف ينهض العرب؟” بمنتدى شومان الثقافي
المرفأ…عمان 7 تشرين الأول- أُحتفل في منتدى مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافي مساء أمس، بإشهار كتاب “كيف ينهض العرب؟” لعمر فاخوري، والذي حققه الدكتور عيسى عودة برهومة، بحضور نخبة من الأدباء والأكاديميين والمفكرين.
وشارك في حفل الإشهار محقق الكتاب الدكتور برهومة، والدكتور زياد الزعبي، والكاتب فخري صالح، بينما أدار الحفل الدكتور عامر أبو محارب.
الدكتور الزعبي أشار في قراءته إلى أنه قرأ كتاب” كيف ينهض العرب؟”، مطلع الثمانينات من القرن الماضي، وكانت نسخة مصورة عن الطبعة الأولى من الكتاب الصادرة عام 1331هـ.
وقال: نحتفي اليوم بالطبعة الجديدة المحققة التي عكف الدكتور عيسى برهومة على العناية بها تحقيقا وتقديما وتعليقا، على نحو يجعل منها نصا يستعيد حضوره في إطار تاريخي سياسي اجتماعي راهن، ربما يكون أكثر سوءا من زمن تأليف الكتاب قبل أكثر من قرن كامل.
وأضاف، أن 120 صفحة يدرس فيها الدكتور برهومة الكتاب، ويقف على كل ما يخصه من عناصر: المؤلف، وطبعات الكتاب، والسياقات التاريخية والراهنة- تجعلنا نرى صورة جديدة للكتاب في مادته المرهنة، وفي أفكاره الملحة علينا الآن التي تجعلنا نفكر في بؤس الماضي القريب والبعيد، وفي بؤس الحاضر وسواده، وسقوطه المدوي وعجزه حتى عن طرح السؤال نفسه.
من جهته بين الكاتب والناقد فخري صالح، أن أهمية الكتاب تأتي من كونه سعيا لبحث المشكلات البنيوية التي عانى منها العرب في زمن عمر فاخوري الذي كان في حينه شابا صغيرا يبلغ من العمر 17 عاما، لكنه مهموم بنهضة أمته، يبحث لها عن حلول للقيام من غفوتها الحضارية، واستكانتها تحت نير الحكم العثماني.
وأشار إلى أنه من الواضح أن عمر فاخوري الشاب أدرك أن الخلاص يكمن في عودة العرب لحكم أنفسهم واستعادة دورهم الحضاري الذي كان لهم في غابر الزمان، وقد بحث عن السبيل إلى تحقيق ذلك، فما وجد إلا الفكرة القومية، التي استقاها من أفكار مفكرين ومثقفين عرب أثاروا هذه المسألة قبله، ومن مفكرين غربيين على رأسهم غوستاف لوبون.
الدكتور أبو محارب قال: “نلتقي هذا المساء على كتاب قديم العهد، جديد السؤال؛ ألفه فتى لبناني هو عمر فاخوري سنة 1914، ووسمه بعنوان ما انفك يحفر في الوعي الجمعي، ويذكي الجدل القديم الجديد:” كيف ينهض العرب”.
وأضاف:” بعد أن توارت النسخة في عتمة الأرفف، قيض الله لها محققا أعاد إليها روحها، وهو الدكتور عيسى برهومة، الذي رتب الفصول، وأضاء الهوامش، ورد النص إلى سياقاته التاريخية والفكرية، مؤثثا لضرب جديد من التحقيق يمكن تسميته بالتحقيق الحضاري، فخرجت النسخة الجديدة من الكتاب.
الدكتور برهومة قال خلال مداخلته “إن الحديث عن نهضة العرب ليس حديثا عن واقعة عابرة في سجل الأمم؛ إنه سؤال وجودي يتصل بجوهر الكينونة، ويستدعي تأملا في طبائع الشعوب، كما يستدعي استقراء في سنة التاريخ”.
وأضاف أنه في مطلع القرن العشرين، حين كانت الأمة تتقلب على جمر الاستعمار، وتئن تحت وطأة التخلف، برزت أصوات من طينة جديدة لا تكتفي بالشكوى، بل تنفذ إلى لبّ العلة، وتضع اليد على موضع الداء، ومن بين هؤلاء كان عمر فاخوري الذي لم يكن مؤرخا يسرد، ولا سياسيا يخطط، بل كان مفكرا يسائل ويستنطق العقل العربي كما يستنطق الفيلسوف النفس البشرية حين يطلب الحقيقة المجردة.
وأشار إلى أن فاخوري “كتب ليوقظ، فلم يكن خطابه ترفا فكريا، بل كان صرخة في وجه الغفلة ودعوة إلى مراجعة الذات لكونها شريكة في صناعة مصيرها، فأدرك أن النهضة لا تستورد ولا تمنح، فهي تنتزع انتزاعا”.
في مطلع القرن العشرين طرح المفكر عمر فاخوري سؤال النهضة العربية في كتابه “كيف ينهض العرب؟”. اليوم، وبعد مرور أكثر من قرن، نجد أنفسنا أمام السؤال نفسه، بل أمام واقع أكثر إيلاما، فما الحل إذن؟ الجواب ما يزال كما رآه فاخوري الشاب: ثورة ثقافية تعيد الاعتبار للعقل والهوية، وبناء رابطة قومية حقيقية تقوم على التسامح والمواطنة، وإحياء اللغة العربية ليس كلغة تخاطب فحسب، بل كلغة تفكير وإبداع. فالأمة التي لا تحترم لغتها لا تحترم نفسها، والتي تتنكر لتراثها تتنكر لمستقبلها.
ما قال به عمر فاخوري، أكده الدكتور عيسى عودة برهومة، الذي انبرى لإصدار طبعة جديدة من الكتاب تليق بقيمته التاريخية، متحررة من الشوائب. وقد صدرت طبعته الجديدة حديثا عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن 2025.
تجدر الإشارة إلى أن عمر فاخوري (1896 – 1946) كاتب مبدع، فيه روح شاعر ملهم، وأديب لبناني موسوعي الثقافة والفكر، ولد وتوفي في بيروت التي تعلم فيها، وهو من بلدة محلة البسطة التحتا اللبنانية، وهي بلدة أمضى فيها صباه وشبابه، فكتب ونشر مقالاته عن القومية العربية، وأصدر عام 1913 أو حول ذلك العام كتابه عن العرب الموسوم بـ “كيف ينهض العرب؟”.