رئاسة مجلس النواب.. تنافس منضبط و3 أسماء تتصدر المشهد
المرفأ…يستعد مجلس النواب لدورته الثانية يوم 26 المقبل، في ظل توجه أنظار المراقبين إلى انتخابات رئاسة المجلس، وسط أجواءٍ أقرب ما تكون للتهدئة منها إلى التصعيد، إذ إن نتيجتها ستحسم بالتوازن لا بالمفاجأة، وحيث يُراد للتجربة البرلمانية المضي على مسارٍ آمنٍ، يحافظ على هيبة المؤسسة البرلمانية.
وبرغم أن التنافس يبدو مفتوحًا في مظهره الخارجي، لكن الجوهر يُشير إلى أن هناك حراكا مقيد السقف، تُرسم خطوطه بدقة، ويُسمح له بالتصاعد حدّ خلق مناخ مرن، دون أن يتصاعد “دخان أبيض”. لذلك تظهر أحيانا “تنفيسات” و”تسريبات”، تشي باسم الرئيس المقبل للمجلس، وأخرى تتوقع شكل مكتبه الدائم، لكن سرعان ما ينفى ذلك بهدوء، يحرك عجلة المنافسة على نحو طبيعي.
وفي هذا المناخ، يجري التحضير لانتخابات المجلس وإدارتها هذه المرة، في ظل ظروف سياسية محسوبة، وتنافسٍ مضبوطٍ بين ثلاثة أسماء تتصدر المشهد، هم النواب: مصطفى الخصاونة، مازن القاضي، وعلي الخلايلة، كما يجري الحديث عن اسم النائب خميس عطية، كشخصية توافقية بين جميع المترشحين لموقع النائب الأول للرئيس.
وعبر قراءة المواقف تحت القبة، يتضح بأن الاتجاه الغالب، يحمل توجها نحو تسوية مبكرة، أو تزكية منظمة، أكثر من خوض عملية انتخابية محتدمة.
وفي هذا النطاق، فإن الكتل لم تُعلن رسميًا اصطفافاتها بعد، لكن الحراك داخلها يوحي بأن الخيارات تضيق على قاعدة “مترشح التفاهم” لا “مترشح المفاجأة”.
عليه، فإن ما يجري حاليا من لقاءات وتصريحات وتصعيد، هو تنفيسٌ مقصود ومحدود، دون أن يخرج الدخان عن لونه الرمادي، فالكل يتحرك في نطاق هوامش مدروسة: لا كسر عظم، ولا صدام مفتوح، ولا مساحة لبيضة قبان جديدة، تعيد خلط الأوراق.
ولا يغيب “عقل الدولة” عن المشهد، بل يوجّهه من بعيد؛ فالرسالة واضحة؛ والمطلوب رئيسٌ قادر على إدارة المجلس بمرونةٍ وهدوء، يوازن بين دعم الحكومة ومساءلتها، ويحافظ على صورة البرلمان كجسرٍ لا كجدار.
في هذا المعطى، تفرض اللحظة الإقليمية الدقيقة، والملفات الداخلية المتشابكة، بأن يكون المجلس متماسكًا لا منقسمًا، وأن تكون رئاسته نتاجًا لحساباتٍ استراتيجية لا نزاعاتٍ داخلية، لذلك، تمثل الدولة لرئاسة بالتوافق أو التزكية، كي تُبقي المشهد منضبطًا، وتحول دون دخول الكتل الحزبية في لعبة تأثيرٍ تفوق حجمها الراهن.
وهنا، فإن الكتل النيابية تتحرك أحيانا بقوة وفي أوقات أخرى ببطءٍ محسوب، إذ تدور اللقاءات في صالونات مغلقة، بينما دوائر القرار تراقب الإيقاع العام، حرصًا على ألا يتحوّل التنافس إلى صدام.
وفي خلفية المشهد، يترقب الكل “الإشارة”، والكل أيضا يقرأ لغة الجلسات غير المعلنة، ويحسب خطواته وفق معادلة دقيقة: حضورٌ سياسي محسوب، دون تجاوز للسقف المرسوم.
ما يجري، في حقيقته، ليس سباقًا مفتوحًا بقدر ما هو تموضع استباقي، استعدادًا لتفاهمٍ أكبر يُراد له أن يُعيد الانسجام للمجلس، ويمنع أي انقسام داخلي، في لحظةٍ تحتاج فيها الدولة إلى تماسكٍ تشريعيٍ أكثر من حاجتها لاستعراض القوة.