سينما “شومان” تعرض الفيلم الجنوب أفريقي “الحيوانات أناس جميلون” غدا
المرفأ…عمان 20 تشرين الأول – تعرض لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان يوم غد الثلاثاء، في تمام الساعة السادسة والنصف مساء، الفيلم الجنوب أفريقي “الحيوانات أناس جميلون”، للمخرج جامي أويس، وذلك في قاعة السينما في مقر المؤسسة بجبل عمان.
والفيلم الذي أنتج في العام 1974 هو واحد من هذه الأفلام التسجيلية الطويلة ويحمل عنوانا لافتا هو “الحيوانات أناس جميلون”، حيث يقدم لنا المخرج وليمة بصرية ممتعة تتمثل في مغامرة تقع أحداثها في عالم الحيوانات البرية وأبطالها هم الحيوانات نفسها. ويقدم الفيلم صورة حية لحياة الحيوانات والطيور والزواحف بكل أنواعها في الطبيعة بكل ما فيها من غرائب. وقد جرى تصوير الفيلم في عدة مناطق في الجنوب الأفريقي بما في ذلك صحراء كالاهاري التي تعتبر الأكثر جفافا بين الصحاري في العالم وناميبيا وجنوب غرب أفريقيا وزمبابوي وبوتسوانا، وتم تصوير الكثير من المشاهد في مناطق محمية بعد الحصول على تراخيص خاصة من السلطات المختصة في تلك المناطق.
تبدأ قصة فيلم “الحيوانات أناس جميلون” في صحراء ناميبيا، وهي منطقة قفر شاسعة لا تسكنها سوى الحيوانات البرية والمتوحشة الحشرات والزواحف التي تعيش في الطبيعة وفق مفهوم البقاء للأفضل، أو بتعبير أدق الأقوى.
هذا العالم الذي يصوره الفيلم عالم جرى تصويره في مئات، بل ربما آلاف الأفلام والبرامج التسجيلية التلفزيونية، لكن ما من واحد منها عكس هذا العالم بالطريقة التي نجدها في فيلم “الحيوانات أناس جميلون”. تميز الفيلم يمكن ملاحظته حتى من عنوانه الذي يعكس مسعى المخرج لمقاربة عالم الحيوان بطريقة تشبهه بعالم الإنسان، وهو يتوصل إلى هذا بطريقتين، الأولى هي النجاح في تصوير أوضاع، أو أحداث تشبه ما يحدث في عالم الإنسان، بعد تتبعها من بدايتها إلى نهايتها، والثانية هي التعليق الساخر الذي يؤنسن الأحداث ويحكي عن الحيوانات والزواحف وغيرها التي تظهر في الفيلم كما لو أنها بشر فيدل عليها بكلمتي هو أو هي.
الأشخاص من البشر الطبيعيين الوحيدين في فيلم” الناس الجميلون” هم من أفراد قبائل البوشمين البدائيين الذين يعيشون في البرية ويشكلون امتدادا طبيعيا لها.
يتعامل المخرج مع الحيوانات في الفيلم وكأنها نجوم في فيلم روائي، لكن نجوم فيلم “الحيوانات أناس جميلون”، حيوانات طبيعية للغاية عفوية في تصرفاتها الغريزية غير أنها تبدو شبه آدمية في حركاتها وتصرفاتها.
من أبرز المشاهد في الفيلم التي تدل على القدرة على مراقبة الحدث من بدايته حتى نهايته، مشهد القرد الصغير الذي يحاول سرقة بيضة نعامة: يلاحظ القرد أن بيض النعامة متروك بلا حراسة من الأم، يقترب بحذر ثم ما أن يصل إلى البيض حتى يختطف بيضة ويضعها تحت إبطه ثم يفر هاربا، تلاحظ النعامة الأم من بعيد ما حصل فتلاحق القرد بأقصى سرعة، يخاف القرد فيلقي البيضة على الأرض ويستمر في الهرب، تحمل النعامة البيضة وتعود بها وتضعها مع بقية البيض ثم تقف متأهبة، يقف القرد على مسافة منتظرا ابتعاد النعامة ثم يقترب قليلا بحذر، هذه الحركة تستعدي تأهبا من النعامة وتراجعا مقابلا من القرد، يتكرر الوضع إلى أن ييأس القرد فيمضي بعيدا.
يلي هذا المشهد مباشرة محاولة أخرى لخطف بيضة النعامة لكن هذه المرة من قبل إنسان، حيث يقترب إنسان متنكر في هيئة نعامة بحذر من النعامة الواقفة تحرس بيضها، لكن النعامة لا تنخدع بهيئته، بل تخطو للأمام تحذيرا له، فيخلع عن جسده أدوات التنكر ويفر هاربا ويصل إلى شجرة يختبئ وراء جذعها وينتظر، لكن النعامة أيضا تنتظر متأهبة.
يحفل الفيلم بالعديد من الأحداث، أو القصص القصيرة المشابهة، فهناك قصة حيوان الغرير الصغير الحجم وعلاقته بالطائر واتفاق الجنتلمان بينهما، فالطائر يدل حيوان الغرير على خلية النحل فيقوم الغرير بالاستيلاء على العسل لكنه لا يلتهمه كله، بل يترك للطائر المنتظر على غصن شجرة حصته كمكافأة له على تعاونه، وهناك قصة السمكة التي تحتفظ بصغارها المئة والعشرين في فمها ثم تدعهم يلعبون خارج فمها حين يشتد إزعاجهم لها فينطلقون نحو فضاء البحر.
في بعض المشاهد نراقب الحيوانات والطيور تتصرف كما لو أننا أمام ممثلين يؤدون أدوارا مختلفة.
فيلم” الحيوانات أناس جميلون”، نموذج على قدرة السينما التسجيلية على أن تكون فنا راقيا، وهو فيلم تسجيلي صاف بامتياز غير أنه يتعامل مع مادته كما لو أنها دراما روائية.