الغاف يخلّد روح الإمارات في «الظفرة للتمور»
المرفأ…..في قلب مهرجان ومزاد الظفرة للتمور بدورته الرابعة، تقف هذه التحفة الفنية شامخة كأنها قطعة من روح الوطن نفسها. ليست مجرد مقعد أو منحوتة خشبية، بل سرد بصري لقصة دولة، وامتداد لعراقة الأرض التي أنبتت الغاف، رمز الصمود والكرم والهوية.
العمل صُمم على هيئة خريطة دولة الإمارات العربية المتحدة، بأسلوب نحتي معاصر يجمع بين الخشب الطبيعي وشكل الجغرافيا الوطنية، حيث تحول جذع شجرة «غاف» عمرها أكثر من قرنين ونصف، إلى كرسي فني منحوت، يحمل تفاصيل دقيقة تُحاكي تضاريس الدولة، يعلوه غطاء أسود أنيق مطرز بشعار الدولة الرسمي، وتتدلى عليه قطعة من السدو الإماراتي الأحمر، لتكتمل رمزية الأصالة الإماراتية في لوحة واحدة.
الكرسي يُشعّ بالهيبة كما لو أنه عرش من الجذور، يجمع بين متانة الأرض ونعومة الفن. ملمسه الخشبي الخام يحتفظ بتضاريس الشجرة الأصلية، بينما خطوطه المنحنية تشبه انسيابية الصحراء والرمال والموج، وتفاصيله المنحوتة تروي حكاية وطنٍ احتضن الطبيعة والفن معًا.
الفنان التشكيلي الشيخ علي المعلا، لم يقدّم قطعة أثاث فنية فحسب، بل جسّد الذاكرة الإماراتية في هيئة ملموسة؛ خريطة ترتكز على ثوابت الغاف، رمز الحياة في الصحراء، ليؤكد أن جذور الإمارات ضاربة في العمق، وأن فنّها لا ينفصل عن هويتها.
اختار الفنان أن يعرض هذه القطعة في مهرجان ومزاد الظفرة للتمور تحديدًا، لأن هذا الحدث التراثي يمثل مرآةً صادقة لتراث الوطن، وعمق هويته الثقافية، ويُعد من أبرز المحافل التي تجتمع فيها الأصالة مع الإبداع الإماراتي. من خلال هذا العرض، عبّر الفنان عن فخره بانتمائه إلى هذه الأرض، وعن رؤيته التي ترى أن الفن الحقيقي هو الذي يُولد من رحم التراث، ويُعيد تقديمه بروح عصرية تلامس القلوب قبل العيون.
هذه التحفة التي قدّرت قيمتها بما يقارب المليون درهم، ليست نفيسةً لثمنها المادي، بل لما تحمله من رمزية وطنية وفنية عميقة، فهي تجمع بين الهوية، والفخر، والإنسان، والطبيعة، وتُخلّد عبر الخشب قصة وطنٍ لا يزال ينمو من جذور الغاف نحو آفاق المستقبل.