فضيحة في الدوري التركي .. مئات الحكام متهمون بالمراهنة على المباريات
المرفأ…في تطور صادم وصف بأنه “الأكبر في تاريخ الرياضة التركية”، كشفت تقارير إعلامية عن فضيحة فساد مدوية تهز منظومة التحكيم، بتورط 152 حكما في أنشطة مراهنات غير قانونية. هذه الفضيحة لم تكشف فقط عن خلل هائل في نزاهة المنافسات، بل جاءت لتثبت صحة كل كلمة وتحذير أطلقه المدرب البرتغالي المخضرم، جوزيه مورينيو، خلال فترته كمدير فني لنادي فنربخشه.
لقد أثبتت الوقائع أن “السبيشيال وان”، الذي انتقد “الإتحاد الفاسد” مرارا، كان يرى ما هو أبعد من مجرد أخطاء تقديرية في الملعب.
أرقام صادمة.. 18 ألف رهان لحكم واحد!
جاءت النتائج الكارثية بعد تحقيقات دقيقة أجرتها السلطات الرياضية التركية واستمرت على مدار خمس سنوات كاملة. شمل التحقيق فحص 571 حكما ومسؤولا تحكيميا ينشطون في مختلف الدرجات والمنافسات.
وكانت الأرقام التي كشف عنها صادمة:
371 مسؤولا يمتلكون حسابات مراهنة نشطة.
152 حكما يمارسون المراهنات بشكل فعلي ومتكرر.
7 حكام من المتورطين يديرون مباريات في المستويات العليا (الدوري التركي الممتاز “السوبر ليج” ودوري الدرجة الأولى).
15 حكما مساعدا من المستويات العليا متورطون أيضا.
والأدهى من ذلك، أن التحقيقات كشفت أن بعض هؤلاء الحكام قاموا بالمراهنة على مباريات كرة قدم محلية ودولية. وفي حالة صارخة تعكس حجم الكارثة، وجد أن أحد الحكام المتورطين قام بوضع أكثر من 18 ألف رهان
مورينيو: “كنت أحارب التحكيم.. والحقيقة كانت أسوأ”
رغم ضخامة الفضيحة، أكدت التقارير الأولية أنه لم تثبت (حتى الآن) أي علاقة مباشرة بين هذه المراهنات ومباريات نادي فنربخشه تحديدا خلال فترة قيادة مورينيو. لكن هذا “البركان” كان بمثابة إثبات دامغ لصحة مخاوف “السبيشيال وان”، الذي قوبلت تصريحاته النارية بالهجوم والتشكيك في الموسم الماضي.
مورينيو، الذي عرف دائما بصراحته وجرأته، كان قد لخص الوضع بدقة متناهية حين قال: “نحن لا نحارب الفريق المنافس، بل نحارب النظام بأكمله، ومحاربة النظام هي أصعب شيء في كرة القدم”.
المدرب البرتغالي، الذي شعر بالصدمة مما رآه، أضاف في تصريحات أخرى أثارت الجدل آنذاك: “قبل قدومي إلى تركيا سمعت الكثير من القصص عن التحكيم، لكنني لم أصدقها. بعد أن جئت، اكتشفت أن الحقيقة كانت أسوأ بكثير مما تخيلت”.
ولم يتوقف مورينيو عند انتقاد الحكام، بل كشف عن شعوره بالخذلان من إدارة فنربخشه نفسها، التي اتهمها بعدم الشفافية معه قبل توقيع العقد، قائلا: “أشعر بالاستياء من الأشخاص الذين جلبوني إلى فنربخشه. لقد قالوا نصف الحقيقة وأخفوا النصف الآخر. لو كنت أعلم كل ما يجري، لما وافقت على القدوم”.الاتحاد التركي يبدأ “التطهير”.. والفيفا يتربص
أمام هذه الفضيحة المدوية، أعلن الاتحاد التركي لكرة القدم (TFF) أنه بدأ رسميا إجراءات تأديبية صارمة ضد جميع الحكام المتورطين. ووفقا للوائح الداخلية للاتحاد، يعاقب أي حكم يشارك في المراهنات بإيقاف لمدة تصل إلى عام واحد.
لكن القضية مرشحة للتصعيد، حيث أن لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” أكثر صرامة، وتنص على إمكانية حرمان الحكام المتورطين في المراهنات من ممارسة أي نشاط كروي لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، بالإضافة إلى غرامة مالية ضخمة قد تصل إلى 95 ألف جنيه إسترليني.
رئيس الاتحاد التركي، إبراهيم حاجي عثمان أوغلو، اعترف بمرارة الواقع، وقال في تصريحات رسمية: “إذا أردنا أن نعيد كرة القدم التركية إلى المكانة التي تستحقها، فعلينا أن ننظف كل أوجه الفساد الموجودة. هذه خطوة مؤلمة لكنها ضرورية”.
من جانبه، علق رئيس نادي فنربخشه، سعد الدين ساران، على القضية، واصفا إياها بأنها “صادمة لكنها كاشفة”. وأضاف: “ما حدث مؤسف للغاية ومحزن لكرة القدم التركية، لكنه في الوقت نفسه تطور إيجابي لأن الحقيقة بدأت تظهر للعلن. لا يمكننا بناء مستقبل نزيه دون مواجهة هذا الواقع”.