مدير مهرجان وهران الفنان جريو: من أدوار البطولة إلى قيادة الثقافة… فنان يجسد الالتزام الفني من وهران إلى فلسطين
المرفأ….الفنان عبد القادر جريو، الممثل والمخرج والأكاديمي الجزائري المولود في سيدي بلعباس عام 1984، ليس مجرد فنان يمتلك حضوراً قوياً على الشاشة، بل هو أيضاً مثقف يحمل مشروعاً وطنياً وعربياً، ويؤمن بأن الفن أداة للتغيير والمقاومة.
اكتسب جريو شهرة واسعة في الجزائر وخارجها بعد تأديته دور “مرزاق” في مسلسل “أولاد الحلال” عام 2019. وقبل ذلك، كان الفنان جريو معروفاً بجرأته في النقد عبر سلسلة “جرنان القوسطو”، مما رسخ اسمه كصوت ملتزم يضع قناعاته الوطنية فوق أي اعتبار شخصي.
وتجلى الحس القيادي والاحترافي لدى الفنان جريو في توليه منصب مدير مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، الموعد السنوي الذي يحتفي بالسينما العربية، حيث نجح في إعادة المهرجان إلى مكانته كأحد أبرز الملتقيات السينمائية العربية من خلال مشاركة 34 عملا تتوزع على فئات الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والأفلام الوثائقية الطويلة، تحت اشراف لجان تحكيم تضم أسماء بارزة في عالم السينما.
وبفضل رؤيته الثاقبة في الإدارة الثقافية والفنية، استطاع جريو استقطاب كوكبة من الأسماء الثقيلة والكبيرة في عالم السينما العربية لحضور الدورة الـ 13 من المهرجان، المقامة حالياً والتي تختتم الأربعاء المقبل (5 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي).
من أبرز النجوم الذين حلوا ضيوفًا مُكَرَّمين في المهرجان تحت إدارته: النجمة المصرية الكبيرة نادية الجندي، والممثل السوري العالمي غسان مسعود، والنجم المصري ياسر جلال، والمخرج الجزائري العالمي رشيد بوشارب. هذا الزخم من الحضور لم يقتصر على تكريم قامات فنية، بل أعاد الحياة إلى البساط الأحمر وجعل وهران منارة جاذبة لصناع السينما والجمهور على حد سواء.
الموقف العروبي: السينما كـ “مقاومة ضد النسيان”
في دوره كمدير للمهرجان، أكد جريو على الالتزام الثقافي تجاه القضايا العروبية، لا سيما قضية فلسطين.
ولعل أبلغ ما لخص رؤيته هو كلمته الافتتاحية في الدورة الـ 13، التي وصف فيها وهران بأنها “مدينة الروح المتوسطية البهيجة”، مضيفًا: “سعيدٌ جدًّا بلقائكم لنحتفي معًا بالسينما، هذا الفنّ الذي يوقظ فينا القلق الجميل، ويحرّض الفكر، ويذكّرنا بأن الإنسان، رغم الجراح، لا يكفّ عن الحلم.
فالسينما ليست ترفًا، بل شكلٌ من أشكال المقاومة ضد النسيان… علينا أن نحلم جميعًا بـ عالمٍ أكثر عدلًا وحريةً ورحمة… السينما تجمعنا حين يفرّقنا العالم، وتوحّدنا حين تتنافر الأصوات”.
هذا الخطاب عكس إصراره على أن يحمل المهرجان رسالة، حيث تم تخصيص فقرة في برنامجه تحت عنوان “فلسطين إلى الأبد”، وعُرضت فيها أفلام فلسطينية مهمة.
كما استقبل الفنان ضيوف المهرجان مرتدياً الكوفية الفلسطينية، في رسالة بصرية قوية ومباشرة تؤكد على الهوية الملتزمة.
أخيراً، يمثل الفنان عبد القادر جريو نموذجًا للفنان الجزائري الذي يزاوج بين الإبداع الفني العميق والالتزام الوطني والعروبي الجريء.


