وفد رسمي ليبي في لبنان لإطلاق سراح هانيبال القذافي
المرفأ…دخلت قضية توقيف هنيبال معمّر القذافي، المحتجز في لبنان منذ 10 سنوات، «مرحلة الانفراج»، بعد زيارة وفد ليبي رفيع المستوى إلى بيروت حاملاً معه إشارات جدّية لحلّ هذا الملف المعقّد الذي شكّل على مدى سنوات أزمة سياسية وقضائية بين البلدين.
الوفد الليبي، الذي ضمّ مستشار رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، ووزير الإعلام، وسفير ليبيا في سوريا، وعدداً من المسؤولين الرسميين، أجرى سلسلة لقاءات مكثفة مع كبار المسؤولين اللبنانيين، كان أبرزها مع النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، والمحقق العدلي في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، القاضي زاهر حمادة، إضافة إلى القاضي حسن الشامي رئيس لجنة المتابعة في القضية، قبل أن يختتم جولته بلقاء رئيس الجمهورية جوزيف عون.
مصادر قضائية مطلعة كشفت لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوفد الليبي أبدى تجاوباً كاملاً مع لبنان، وقدّم للمحقق العدلي نسخة من التحقيقات التي أجرتها السلطات الليبية بشأن قضية الإمام الصدر، تتضمن محاضر استجواب لعدد من كبار المسؤولين الأمنيين والسياسيين في عهد النظام الليبي السابق».
وأشارت إلى أن «هذه الخطوة تأتي تنفيذاً لمذكرة التفاهم الموقعة بين لبنان وليبيا في 11 مارس (آذار) 2014، والتي ظلت معلّقة التنفيذ لأسباب سياسية وإجرائية».
وأكدت المصادر القضائية المطلعة المواكبة للقاءات الوفد الليبي أن المبادرة الليبية «تُعدّ تطوراً لافتاً في مسار التعاون القضائي بين البلدين»، مشددة على أن «القضاء اللبناني أبدى استعداداً للتعامل بالمثل، وقد ظهرت مؤشرات واضحة على ليونة في ملفّ هنيبال القذافي».
خفض الكفالة
ولفتت إلى أن هناك «توجهاً جدياً لتخفيض قيمة الكفالة المالية المفروضة على هنيبال، والتي تبلغ 11 مليون دولار، إلى حدّها الأدنى، بما لا يشكّل عائقاً أمام الإفراج عنه، فضلاً عن احتمال رفع قرار منع السفر فور صدور قرار إطلاق سراحه، والسماح له بمغادرة الأراضي اللبنانية».
وسيعكف المحقق العدلي، وفق المعلومات، على درس الملفّ الليبي المقدم بعناية خلال الأيام المقبلة لتقييم ما إذا كانت المعطيات الواردة فيه كفيلة بتقديم أي خيوط جديدة في قضية اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه. وقالت المصادر نفسها إن القضاء اللبناني «يأمل في أن تسهم الوثائق الليبية الجديدة في توضيح بعض الملابسات الغامضة التي رافقت القضية منذ عام 1978، ما قد يشكّل مدخلاً لحلّ جذري ومتبادل لملفات عالقة بين البلدين».
أبعاد سياسية ودبلوماسية
في المقابل، أشار مصدر رسمي لبناني إلى أن زيارة الوفد الليبي «تجاوزت الطابع القضائي، وحملت أبعاداً سياسية ودبلوماسية أوسع». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن «القيادة الليبية أرادت من خلال إرسال وفد رفيع المستوى فتح صفحة جديدة من التعاون مع الدولة اللبنانية، وإعادة بناء الثقة بين بيروت وطرابلس الغرب بعد سنوات من القطيعة والجمود».
وأشار إلى أن «لقاء الوفد برئيس الجمهورية العماد جوزيف عون عكس توجهاً رسمياً واضحاً نحو ترميم العلاقات الثنائية، وربما وضع أسس لشراكة سياسية واقتصادية جديدة في المرحلة المقبلة».
واعتبر أن «حلّ أزمة توقيف هنيبال القذافي سيكون بمثابة مفتاح لتفعيل العلاقات اللبنانية-الليبية على أكثر من صعيد، وأن نجاح هذا المسار سيعيد ضخّ الدم في شرايين العلاقات الرسمية، ويُمهّد لتعاون أوسع في ملفات أمنية وقضائية واقتصادية كانت مجمّدة منذ أكثر من عقد». وشدد المصدر الرسمي على أنه «إذا سارت الأمور وفق ما هو متوقع، فإن الإفراج عن هنيبال القذافي سيشكّل بداية مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين، قوامها المصالح المشتركة، والاحترام المتبادل، بعد سنوات طويلة من القطيعة».