العمدة محمود محمد عامر.. رجل الصلح الذى جعل من سوهاج نموذجًا للأمن الاجتماعى والتلاحم الإنسانى

2٬402

 

المرفأ- بقلم معتز ابو رحاب باحث سياسي

فى زمن تتسارع فيه الأحداث وتتباين فيه المواقف، يبقى للصلح والإصلاح بين الناس قيمة لا تضاهيها قيمة. وفى محافظة سوهاج، حيث تتجذر العادات والتقاليد، يبرز اسم العمدة محمود محمد عامر كرمز من رموز الخير والتسامح، ورجل حمل على عاتقه مهمة نشر السلم الاجتماعى بين أبناء القرى والنجوع، غير عابئ بجهد أو وقت، إيمانًا منه بأن “الإصلاح بين الناس صدقة”، وبأن الاستقرار لا يتحقق إلا بالمحبة والوحدة.
لم يقتصر دور العمدة محمود محمد عامر على قريته الصوامعة التى يتولى عمادتها، بل امتد أثره إلى قرى مركز طهطا كافة، حيث صار بيته قبلة لكل من يريد إنهاء خصومة أو طى صفحة من صفحات الثأر والنزاع. عرفه الجميع بالحكمة وسعة الصدر، وبقدرته على جمع القلوب قبل أن يجمع الناس على مائدة واحدة. فحين تتعقد الأمور وتتعالى الأصوات، يكون هو الصوت الهادئ الذى يعيد الأمور إلى نصابها، والكلمة التى تُصلح ما أفسدته الخصومات.
العمدة محمود محمد عامر ليس حديث العهد بمسيرة الإصلاح؛ فهو امتداد لجذور ضاربة فى عمق العمل الاجتماعى والخير العام. فقد ورث هذه الروح الطيبة من والده العمدة محمد عامر، الذى كان بدوره أحد رموز الصلح فى صعيد مصر، كما سار على نهجه أشقاؤه العمدة سلمان محمد عامر والعمدة عبدالله محمد عامر، فكانت الأسرة كلها شجرة مباركة أصلها ثابت وفرعها فى السماء، تُظِل بفيئها أهل الخير والوفاق.
ويؤكد العديد من أبناء سوهاج أن جهود العمدة محمود عامر كان لها الفضل الكبير فى إنهاء عشرات الخصومات الثأرية التى كانت تهدد السلم الاجتماعى فى المنطقة. ولم يكتفِ بالمبادرات الفردية، بل عمل بالتعاون مع الجهات التنفيذية والأمنية ورجال الدين والعائلات الكبرى من أجل ترسيخ ثقافة الحوار ونبذ العنف، مؤمنًا بأن الأمن لا تصنعه القوة وحدها، بل تصنعه القلوب حين تتطهر من الغضب والرغبة فى الانتقام.
المصالحات فى محافظة سوهاج باتت اليوم نموذجًا يُحتذى به فى مصر، والعمدة محمود محمد عامر يستحق كل التقدير لما يقدمه من جهد خالص من أجل استقرار المجتمع. فلو كانت هناك جائزة تُمنح لمن أفنى عمره فى خدمة الصلح والإصلاح، لكان هو الأولى بها فى سوهاج بلا منازع.”
ولا يخفى على أحد أن ما يقوم به العمدة محمود ليس أمرًا يسيرًا، إذ تتطلب المصالحات جهدًا بالغًا وصبرًا طويلًا، خاصة فى قضايا الثأر التى قد تمتد لعقود. لكنه يتعامل مع كل قضية بعقلية المصلح الإنسانى الذى لا يسعى لمكسب شخصى، بل يرى فى كل صلح ناجح إنقاذًا لحياة، وفتحًا لباب جديد من الأمل والتعايش.
لقد تحولت المصالحات فى سوهاج من مجرد مبادرات فردية إلى ثقافة عامة، بفضل رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وكان العمدة محمود محمد عامر فى مقدمتهم. وبفضل ما غرسه من قيم المحبة والعفو، صارت قرى مركز طهطا أكثر استقرارًا وتماسكًا، وأصبح اسمه مرادفًا لكلمة “الصلح الطيب” الذى ينهى الخلاف ويعيد الوئام.
وفى وقتٍ يتطلع فيه المجتمع إلى مزيد من الوعى والتلاحم، تبقى تجربة العمدة محمود محمد عامر رسالة مهمة لكل من يسعى لبناء مجتمع قوى ومتماسك. فالإصلاح بين الناس ليس عملاً اجتماعيًا فحسب، بل هو واجب وطنى وإنسانى، ورسالة لا يحملها إلا من آمن بأن أعظم إنجاز يمكن أن يقدمه الإنسان هو أن يصنع سلامًا بين قلوب البشر

قد يعجبك ايضا