شاعران من الإمارات وسلطنة عمان يتأهلان في الحلقة الخامسة من “شاعر المليون”

20

 

المرفأ- أبوظبي، 26 نوفمبر 2025

شهد مسرح شاطئ الراحة في أبوظبي، مساء أمس “الثلاثاء”، منافسات الحلقة المباشرة الخامسة من الموسم الثاني عشر لبرنامج “شاعر المليون”، الذي يُعَدُّ المنصة الأكبر للشعر النبطي في العالم العربي، وتنتجه هيئة أبوظبي للتراث تحت شعار “قصيدنا واحد”، ضمن جهودها الرامية إلى الحفاظ على الموروث الشعري وتعزيز حضوره في الوجدان العربي.

حضر الحلقة التي بُثَّت مباشرة عبر قناتي “أبوظبي” و”بينونة”، معالي فارس خلف المزروعي رئيس هيئة أبوظبي للتراث، والدكتور سالم بن عيسى المعشني القائم بالأعمال في سفارة سلطنة عُمان، والمديرون التنفيذيون للقطاعات في الهيئة، إلى جانب عضوي اللجنة الاستشارية للبرنامج تركي المريخي وبدر صفوق، وجمهور غفير من الشعراء والإعلاميين ومحبي الشعر النبطي.

وأعلنت لجنة التحكيم المكونة من الدكتور سلطان العميمي، والدكتور غسان الحسن، وحمد السعيد، تأهُّل الشاعرين مصعب بن علي الفطيسي من سلطنة عمان، وموسى محمد بطي القبيسي من الإمارات إلى المرحلة التالية بنتيجة 48 درجة من 50 لكل منهما. وفي بقية النتائج حصل فارس عايض العتيبي من الكويت على 47 درجة، وعبدالله محمد العجمي من الكويت على 46 درجة، وفيصل الزبيني العنزي من السعودية على 45 درجة، وناصر بن شنان من السعودية على 41 درجة، في انتظار تأهل أحدهم إلى المرحلة التالية بتصويت الجمهور خلال هذا الأسبوع عبر الموقع الإلكتروني والتطبيق الخاص ببرنامج “شاعر المليون”.

وأُعلِن في بداية الحلقة التي قدمها الإعلاميان فيصل الجاسم وسلامة المهيري، تأهُّل الشاعر عيد فهيد الشمري من السعودية إلى مرحلة الـ 24 بتصويت الجمهور في الحلقة السابقة، بحصوله على 96 درجة من 100، هي مجموع درجات لجنة التحكيم ودرجات تصويت الجمهور.

وبدأت منافسات الحلقة مع المتسابق عبدالله محمد العجمي من الكويت، بقصيدته “نديم البيد”، التي تناول فيها موضوع الخيل وأوصافها وانطباعاته تجاهها، حيث امتدح الدكتور غسان الحسن القصيدة، ولا سيما مطلعها، مشيراً إلى أن الشاعر أبدع في وصف فرسه ونشاطها أثناء السباقات.

فيما عَدَّ الدكتور سلطان العميمي القصيدة من القصائد النادرة التي اهتمت بوصف الخيل في المسابقة، مشيراً إلى دقة التزام الشاعر بالقافية، كما امتدح توظيف الأساليب البديعية بشكل ذكي وموفق، وكذلك إجادة الشاعر في وصف علاقته بفرسه ووصْف الأجواء المصاحبة للسباق بما فيها مشاعر الخيل ومشاعر الحضور.

ووصف حمد السعيد الشاعر بالمبدع، مبدياً إعجابه بالنص، مشيراً إلى تمكن الشاعر -بصفته فارساً- من توظيف مفردات تعكس التخصص، كما تمكن من الوصف الدقيق والترابط بين أبيات القصيدة، فصوَّر مشاهد سباق الخيل بما فيه من مشاعر الحضور والمتابعين لتفاصيل السباق.

وألقى المتسابق الثاني فارس عايض العتيبي من الكويت قصيدة غزلية، قال الدكتور سلطان العميمي إنه أبدع في مطلعها وفي الانتقال بشكل مدروس ومميز إلى الموضوع، مضيفاً أن الإبداع صاحَب مختلف أبيات القصيدة التي أتت ثريَّة في مفرداتها وفي لغتها الشعرية، وفي ازدحام دلالاتها السيميائية؛ إضافة إلى المحسّنات البديعية التي أبدع معها الشاعر في رسم صور قصيدته.

وأشاد حمد السعيد بجمال النص وبنضج الشاعر وأصالة مفرداته التي وُفّق في توظيفها في أماكنها الصحيحة بشكل جميل، وبالاستطراد الذي أضفى على المطلع التقليدي للقصيدة جمالاً خاصاً، واصفاً جمال النص بأنه انعكاس لشاعرية صاحبه بجدارة، مشيداً بجمال الصور الشعرية التي أبدع الشاعر في رسمها.

فيما وصف الدكتور غسان الحسن القصيدة بأنها متقنة وجميلة وأنّ فيها كثيراً من الشعر، مشيداً بإتقان الشاعر للمطلع التقليدي لقصيدته وكذلك بإبداعه في كثير من الصور، ممتدحاً التناصّ الذي استحضر فيه الشاعر الموروث العربي، ما يعكس ثقافته.

وحملت قصيدة المتسابق الثالث فيصل الزبيني العنزي من السعودية، اسم “الرِّبا”، واعتبر حمد السعيد اختيار الشاعر لهذا الموضوع دليل نضج فكري نأى بالشاعر عن الوقوع في المباشرة في ما حمَّل به قصيدته من نصح وتوعية وإرشاد، فيما رأى الدكتور غسان الحسن أن الشاعر تطرَّق إلى موضوع ليس من السهل الخوض فيه شعراً، لما فيه من جوانب علمية وواقعية تطبيقية، مبيّناً أن الشاعر جعل العنوان جزءاً من القصيدة، ممتدحاً كثيراً من أسباب الجمال التي كسا بها الشاعر قصيدته.

ووصف الدكتور سلطان العميمي الشاعرَ بالمبدع، وموضوعَ القصيدة بأنه من نوادر الأغراض الشعرية التي كُتب عنها، ممتدحاً ابتعاد الشاعر عن أسلوب النصح والوعظ المباشرَين، وذهابه إلى الرمزية وإلى التصوير والكناية، إذ استطاع أن يعبّر عن رأيه عبر التساؤل وعبر الاستنتاج في الوقت نفسه.

المتسابق الرابع مصعب بن علي الفطيسي من سلطنة عمان، قدم قصيدة رثاء باسم “عين العين”، وصفها الدكتور غسان الحسن بالجميلة الثرية بالأحاسيس والانتماء، إذ أتت على تعداد الكثير من أماكن منطقة العين في الإمارات بشكل جميل يضاف إلى جمال نسيج القصيدة، واعتبر أن القصيدة جمعت بين فناء الجسد وبقاء الذاكرة والذكرى، ما أملى على الشاعر الذهاب إلى فن الطباق في تكوين الصورة الشعرية والمحسّنات البديعية، مؤكداً أن الشاعر فعل ذلك بمهارة كبيرة وبوعي بما يكتب وبما يختار من أساليب تناسب موضوعه، مشيراً إلى جمال التناغم الذي اتسمت به بعض أبيات القصيدة.

فيما وصف الدكتور سلطان العميمي القصيدة بأنها أنموذج ناجح لقصائد الرثاء، إذ أتت محمَّلة بسِمات النجاح والتميز التي تتطلبها قصائد الرثاء؛ فقد تضمنت كلاً من هوية المرثي، وهوية المكان، وهوية الزمان، وكذلك جمال الوصف وبلاغته ودقته، مشيداً بما حملته بعض أبيات القصيدة من تجسيد لمشاعر الأخوَّة الصادقة المشتركة بين كل من الشعبين في دولة الإمارات وسلطنة عمان.

واعتبر حمد السعيد الشاعرَ صاحبَ حضور طاغٍ، ومتمكناً من كتابة مرثيته بوعي وجمال يشعُّ من كل أبياتها، فقد أتى بكل ما هو نقي ونبيل وجميل في مسيرة المرثي الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان “رحمه الله”، في صور شعرية بعيدة عن الجمود والمباشرة التي غالباً ما تكبّل الشاعر في كتابة مرثيته.

وتناول المتسابق الخامس موسى محمد بطي القبيسي من الإمارات في قصيدته موضوعاً تاريخياً وطنياً، فامتدح الدكتور سلطان العميمي تمكُّن الشاعر من تجاوز صعوبة الكتابة التاريخية شعراً، وبخاصة صعوبة الكتابة عن تاريخ الوطن ورموزه، معتبراً أن الشاعر أتى بقصيدة وطنية وتاريخية مميزة، مكتوبة بحرفة شاعر، ابتعد فيها عن الوصف العام مقترباً من خصوصية الهوية منوهاً بجمال الصور الشعرية التي زخرت بها القصيدة، وحضور الأصالة والشعر دون الوقوع في التقليدية والتكرار في اللغة.

وأعرب حمد السعيد عن إعجابه بالحس الوطني الجميل الذي تضمنته القصيدة، وبالثراء المعرفي التاريخي الذي عكسه الشاعر في قصيدته التي تحلّت بدقة الوصف وبالصور الشعرية الجميلة التي تؤكد أن الشاعر ابن بيئته العارف بكل تفاصيلها. فيما وصف الدكتور غسان الحسن القصيدة بالوطنية الجميلة الثرية بالانتماء، بما تحمله من تفاصيل الهوية الجغرافية والتاريخية والحدثية، موضحاً أنه من الجميل قراءة التاريخ بقلم شاعر.

وكان آخر المتسابقين في هذه الحلقة ناصر بن شنان من السعودية، بقصيدة وجدانية قومية حملت عنوان “المجلس المعمور”، وقد أثنى حمد السعيد على موضوع القصيدة مؤكداً أهمية مجلس التعاون الخليجي ومواقفه القومية المشرّفة التي يحق للشاعر الافتخار بها، مستعرضاً بعض الرموز والصور الجميلة التي أحسن الشاعر في رسمها.

ورأى الدكتور غسان الحسن أن موضوع القصيدة خصب جداً، وفيه الكثير من التصوير للواقع، ومن الرموز التي أحسن الشاعر توظيفها. فيما وصف الدكتور سلطان العميمي القصيدة بالجيدة في موضوعاتها وتنوُّع الأفكار المطروحة فيها، إذ جاءت محمَّلة بقضايا واقعية وحاضرة.

وفي تقييمهم لهذه الحلقة وما سبقها من حلقات برنامج “شاعر المليون”، تحدث أعضاء لجنة التحكيم عن انطباعاتهم، فأعرب الدكتور غسان الحسن عن ارتياحه لسلامة اختيارات اللجنة لنخبة الشعراء الذين وصلوا إلى مسرح شاطئ الراحة، ورأى حمد السعيد أن ملامح المرحلة الثانية لهذا الموسم بدأت تتضح، مؤكداً أن الإبداع كان سمة الذين تأهَّلوا والذين غادروا على حد سواء، فيما أسدى الدكتور سلطان العميمي نصائحه للمتسابقين المتأهّلين للمرحلة الثانية، بضرورة المحافظة على مستوى أدائهم الشعري، ومنوهاً في ذلك إلى أهمية الأخذ بملاحظات اللجنة.

وضِمْن اهتمام برنامج “شاعر المليون” بتسليط الضوء على نجوم الشعر في الوطن العربي، حاور الشاعر فيصل العدواني خلال الأمسية نجم “شاعر المليون” في الموسم الخامس الشاعر فيصل الفارسي الذي امتدح البرنامج، مشيراً إلى أهميته في صقل مواهب الشعراء والمتابعين الذين يجدون ثراء جمّاً في ملاحظات لجنة التحكيم حيال القصائد المشاركة في حلقات مواسمه. وقدم الفارسي قصيدتين، مزج في إحداهما بين النبطي والفصيح، ونالت القصيدتان تفاعلاً كبيراً من الجمهور الذي ملأ مدرجات المسرح.

 

 

 

قد يعجبك ايضا