«النفيعي» و«العدوان» يتأهلان إلى المرحلة الثانية من «شاعر المليون»
المرفأ- أبوظبي، 3 ديسمبر 2025
شهد مسرح شاطئ الراحة في أبوظبي مساء أمس “الثلاثاء”، منافسات الحلقة المباشرة السادسة من المرحلة الأولى من برنامج “شاعر المليون” في موسمه الثاني عشر، الذي تنتجه هيئة أبوظبي للتراث تحت شعار “قصيدنا واحد”، في إطار استراتيجيتها الهادفة إلى صون التراث الأدبي والشعري، وذلك ضمن أمسية مميزة تزامنت مع احتفالات الدولة بعيد الاتحاد الـ 54، شهد معها المسرح نفسه ما نظمته الهيئة لهذه المناسبة من فعاليات تراثية جماهيرية سبقت انطلاق الحلقة.
حضر الحلقة التي بُثَّت مباشرة عبر قناتي «أبوظبي» و«بينونة»، معالي فارس خلف المزروعي رئيس هيئة أبوظبي للتراث، وسعادة الوزير المفوض تمارا الرقاد نائب السفير الأردني لدى دولة الإمارات، وسعادة محمد جمعة المنصوري المدير التنفيذي لقطاع الخدمات المساندة في الهيئة، وعدد من المسؤولين، إلى جانب عضوي اللجنة الاستشارية للبرنامج تركي المريخي وبدر صفوق، وجمهور من الإعلاميين ومحبي الشعر النبطي، إضافة إلى نخبة من شعراء برنامج «شاعر المليون» في المواسم السابقة، الذين كانوا قد شاركوا قبيل انطلاق الحلقة في فعالية «درب المليون» التي نظمتها الهيئة احتفاء بعيد الاتحاد الـ54، بتقديم عروض شعرية وتفاعلية مثَّلت تجربة ثريَّة جمعت بين جمال الكلمة وإبداع الأداء، وأبرزت مكانة الشعر النبطي في الذاكرة الوطنية.
وأعلنت لجنة التحكيم المكونة من الدكتور سلطان العميمي، والدكتور غسان الحسن، وحمد السعيد، تأهُّل محمد مناور النفيعي من السعودية ووضاح الكايد العدوان من الأردن إلى المرحلة التالية بنتيجة 48 درجة من 50 لكل منهما، فيما أسفرت بقية النتائج عن حصول حافظ يحيى الجرباني من اليمن على 47 درجة، وسامي الشرابي وعبدالمجيد صقر العزه السبيعي من السعودية على 44 درجة، فيما حصل ناصر بن ناجي من الكويت على 42 درجة، وسيتأهل واحد منهم إلى المرحلة التالية بتصويت الجمهور خلال هذا الأسبوع عبر الموقع الإلكتروني والتطبيق الخاص ببرنامج «شاعر المليون».
وأُعلن في بداية الحلقة التي قدمها الإعلاميان فيصل الجاسم وسلامة المهيري، عن تأهُّل الشاعر عبدالله محمد العجمي من الكويت إلى المرحلة التالية بتصويت الجمهور في الحلقة السابقة، بحصوله على 76 درجة من 100، هي مجموع درجات لجنة التحكيم ودرجات تصويت الجمهور.
وبدأت منافسات الحلقة مع المتسابق حافظ يحيى الجرباني من اليمن، بقصيدته «إشارات الضمور»، وتناول فيها فئة الصغار الذين تمنعهم ظروف الحياة من البقاء على مقاعد الدرس. ووصف الدكتور غسان الحسن القصيدة بأنها ذاتية ذات بعد عام وفيها الكثير من الجمال الشعري، ممتدحاً التصوير الشعري، والقوافي، وارتكاز الشاعر على التناصّ مع النص الديني والموروثين الشعري والشعبي.
فيما أشاد الدكتور سلطان العميمي بالتفات القصيدة إلى قضية مجتمعية مهمة، مشيراً إلى نجاح الشاعر في وصف حالة الصغار المحرومين بشكل متقن، ممتدحاً التوازن الدقيق الذي أوجده الشاعر بين المستوى الشعري الرفيع ومعالجة الفكرة، إضافة إلى إجادته استخدام الكنايات والمحسّنات البديعية، وكذلك عمق العبارات الشعرية، والرمزية الموفَّقة.
وأثنى حمد السعيد على تناول الشاعر الحرمان من التعليم الذي تعيشه شريحة كبيرة من الأطفال في اليمن، ممتدحاً الرقي والنضوج الشعريين في القصيدة، والصور الشعرية، والتسلسل والترابط والثقافة الدينية، وكذلك الاستعارات، معتبراً أن كل بيت يشعُّ بالجمال برغم ما يختزنه من حزن ومعاناة.
وفي قصيدة المتسابق الثاني سامي الشرابي من السعودية التي تناولت موضوعاً إنسانياً، أشاد الدكتور سلطان العميمي بما زخرت به القصيدة من تصوير شعري، واللغة الشعرية المكثفة البعيدة عن الحشو، وجمال الصور الشعرية، وجمال التشبيه، واصفاً القصيدة بالجميلة وخاتمتها بالبديعة.
ووصف حمد السعيد الشاعر بالمبدع ذي الحضور الجميل، ممتدحاً جمال التسلسل في وصف شخصية القصيدة بضعفها ومعاناتها وألمها، وكذلك التشبيه الضمني الذي احتوته القصيدة في صور عدد من أبياتها.
فيما أثنى الدكتور غسان الحسن على تناول الشعراء للموضوعات الاجتماعية المؤلمة، وذلك للتنبيه إليها، مشيراً إلى دور الشعر في تجميل حالات هذه الموضوعات لدى المتلقي، وقال إن الشاعر أحسن وصف الحالة بعبارات شعرية جميلة.
وحملت قصيدة المتسابق الثالث عبدالمجيد صقر العزه السبيعي من السعودية عنوان «بين قصيدتين»، واعتبر حمد السعيد فكرتها غير مسبوقة وجميلة جداً، ممتدحاً ما احتوته القصيدة من جناس وتشبيه، وما اكتنزت به من معاني الفخر والاعتزاز. ورأى الدكتور غسان الحسن أن الشاعر، بقصيدته التي وصفها بالجميلة، أطلعنا على طقوس كتابته الشعر، مشيراً إلى جمال التعابير والمعاني وأساليب البناء التي زخرت بها الأبيات الأخيرة من القصيدة.
فيما ذهب الدكتور سلطان العميمي إلى وصف القصيدة بالفلسفية، وبأنها تعود بنا إلى ما انشغل به الشعراء منذ أمد بعيد من أمر العلاقة بين الشاعر والقصيدة، معرباً عن إعجابه بالمقدرة التصويرية العالية، وعمق الدلالة، والتورية التي وجدت في أكثر من بيت، واستخدام المحسّنات البديعية كالجناس والطباق، إلى جانب التحولات التي حفِلت بها القصيدة فخلقت حالة من الصور المتحركة والتنوع في التصاوير الشعرية.
في قصيدته «منيرة دنيتي»، تحدث المتسابق الرابع محمد مناور النفيعي من السعودية عن مشاعر الأم تجاه الابن، ووصف الدكتور غسان الحسن القصيدة بالجميلة والرائعة، بما فيها من أمومة طاغية شملت حياة الشاعر كلها، إذ تجول الشاعر في مراحل حياته كلها بكثير من تفاصيلها وبشمولية، وبصور جميلة معبّرة.
واعتبر الدكتور سلطان العميمي القصيدة مؤثرة بحالتيها الشعورية والشعرية؛ فهي قصيدة حية تمتلك روح الشعر الحقيقي، وتوظيف الشاعر المفردات والعبارات الأمومية واليومية في حياته منح القصيدةَ الحيويةَ والتوهُّج. وامتدح الدكتور العميمي البناء المحكم للقصيدة لغوياً وفنياً في وصف الحالة الشعورية بين الشاعر ووالدته، مبيّناً أن خصوصية التجربة في القصيدة إضافة إلى الموهبة الشعرية الرفيعة خلقتا نصاً في غاية الجمال، مشيراً إلى قدرة الشاعر على خلق معادلة في وصف شعوره وشعور والدته.
ووصف حمد السعيد النص بالمكتوب بحرفة شاعر، والمكتنز بالشاعرية والمشاعر، والمتميز بالانسيابية والترابط الجميل، ما يعكس نضوج صاحبه وثراء تجربته الشعرية، كما امتدح بناء القصيدة ووحدة الموضوع.
وتناول المتسابق الخامس ناصر بن ناجي من الكويت موضوع «عقوق الوالدين» الذي اعتبره الدكتور سلطان العميمي من الجروح المؤلمة في المجتمعات، مشيراً إلى الأصوات التي تضمنتها القصيدة؛ صوت الأم، وصوت الواعظ، وصوت الشاعر الذي تجلت فيه شاعرية صاحبه بشكل جلي وكبير، ممتدحاً الصور الشعرية التي أضفت على القصيدة تميزاً. ووصف حمد السعيد القصيدة بالاجتماعية المرتبطة بالواقع، برغم ما في ذلك الأمر من ألم، فيما أشاد الدكتور غسان الحسن بالقصيدة وما احتوت من جمال.
وألقى آخر المتسابقين في هذه الحلقة وضاح الكايد العدوان من الأردن، قصيدته التي استدعى فيها الشاعر الأردني المعروف «عرار»، وعدَّها حمد السعيد حاملة للون الأردني الذي امتدحه، كما امتدح الجرْس الموسيقي المطرب الذي ساد أبيات القصيدة، مشيداً بحرفة الشاعر في إتقان القافية.
وأشاد الدكتور غسان الحسن بالقصيدة التي قال إنها أطربته، مشيراً إلى الانتماء المتبادل بين الشاعر وقصيدته، مشيداً بالثقافة الشعرية لدى الشاعر التي مكَّنته من أن يستلَّ موضوعه من شاعر رمز للشعر وللهوية الثقافية الأردنية، وممتدحاً إحسان الشاعر استخدام مقتطفات من شعر «عرار» حين استقى منها معناها ثم نسبها إلى شاعرها لأنها مستلّة من أبياته.
فيما أشار الدكتور سلطان العميمي إلى احتواء القصيدة على ثلاث هويات؛ شعرية، ووطنية، وثقافية، ممتدحاً إبداع الشاعر في توظيف تقنية شعرية جميلة معروفة قديماً في الشعر العربي، قلما يذهب إليها الشعراء في عصرنا الحاضر، وهي تقنية استدعاء الشخصيات الأدبية والتراثية والتفاعل معها، وهي تحتاج إلى ثقافة كبيرة وذكاء في الوقت نفسه، ورأى أن ذلك ما توفَّر في هذه القصيدة التي كان الاستدعاء فيها مباشراً بتحديد اسم الشاعر المستدعى «عرار»، وتضمنت مقاطع ومفردات من أشعاره.
وواصل برنامج «شاعر المليون» إثراء حلقاته بلقاءات القامات الشعرية العربية، ضمن اهتمام البرنامج بتسليط الضوء على نجوم الشعر في الوطن العربي، فحاور الشاعر فيصل العدواني خلال الأمسية الشاعر سعيد بن سيف القمزي الذي ألقى قصيدتين وطنيتين نالتا تفاعلاً كبيراً من الجمهور الذي ملأ مدرجات المسرح، كما استرجع القمزي من ذاكرته قصيدته «رفّ يا علم» التي تعد أولى القصائد التي كُتبت عن العلم الإماراتي، إذ كتبها قبل نحو 35 عاماً وغنّاها عدد من الفنانين.
